[email protected] يحتاج الإنسان إلى تنشيط النفس, التي يكتنفها الفساد بعض الأحيان, كذلك المشاريع الإلهية, تحتاج للتنشيط, وقد جرت قدرة الباري عز وجل, بأن يرسل الأنبياء, كلما فسدت او قاربت أمور الناس على الفساد. بعد تسنم يزيد بن معاوية, مقاليد الحكم بعد ابيه, ببيعة جاءت مخالفة, للاتفاقية المعروفة, بين الإمام الحسن بن علي عليه السلام, ومعاوية بن أبي سفيان, حيث تم الاتفاق, على تولي الحسين عليه السلام مقاليد الحكم؛ في حال وفاة الإمام الحسن(ع), وقد نكث معاوية العقد, وأوصى بولاية العهد لابنه يزيد. كان يزيد بن معاوية, شارباً للخمر ماجناً, منشغلاً بملذات الدنيا, حاقداً على الرسالة المحمدية, كونه يرى من آل الرسول, عليه وعلى آله الصلاة والسلام, أعداءً لقتل علي عليه السلام, عدد من بني امية في معركة بدرٍ؛ أوعز والي مكة, محمد بن سعيد الاشدق إلى جلاوزته, بقتل الحسين عليه السلام, ولو كان معلقاً بأستار الكعبة, فَكَرهَ الحسين(ع) ان يكون قتيل الكعبة, فخرج يوم التروية, حالاً لإحرامه, مستصحباً أهل بيته, متوجهاً الى الكوفة, التي أرسل اليها ابن عمه مسلم بن عقيل, بعد رسائل أتته من الموالين فيها. اثناء مسير الحسين عليه السلام, وصله خبر استشهاد مسلم بن عقيل, بعد قيام عبيد الله زياد بن أبيه, والي يزيد على الكوفة, الذي دخلها بانتحاله صفة الحسين ولباسه, خائفاً من غضبة اهل الكوفة, ليسجن بعض من يوالي الحسين عليه السلام, ويعطي جائزة مالية, لمن يدل على مسلم بن عقيل, وقد تم ذلك له, وكما قال جورج قرداغ:" بينما جند يزيد الناس لقتل الحسين وإراقة الدماء، كانوا يقولون: كم تدفع لنا من المال؟ أما أنصار الحسين فكانوا يقولون لو أننا نقتل سبعين مرة، فإننا على استعداد لأن نقاتل بين يديك ونقتل مرة أخرى أيضاً". لم يكن خروج الحسين عليه السلام, عملاً انتحارياً كما يحلو للبعض أن يصفوه, إنما هو خروج لأجل إصلاح ما فسد, من امور الناس, جراء ما اقترفته السلطة الأموية, فأخذ معاوية بسب علي عليه السلام, من على المنابر, حتى أن أهل الشام, عندما وصل اليهم, خبر استشهاد أمير المؤمنين في المسجد, قالوا: "وهل كان علياً يُصَلي!؟", وعلى ما يبدو فإن أهل الشام, لم يعلموا أن علياً عليه السلام, هو ابن عم الرسول, صلوات ربي وسلامه عليه وآله, ولم يتعرفوا على الأحاديث بحقه, وإنما هم يؤمنون, بما يقوله معاوية وزبانيته. وصل الحسين عليه السلام إلى كربلاء, مع أخوته وأبنائه وأصحابه, تصحبهم النساء والأطفال, ليطبق عليه جيش الرذيلة, بقيادة عمر بن سعد بن أبي وقاص, الذي وعده يزيد, بملك الري وجرجان, وهذا الملك يعادل عشرة أضعاف ملك الكوفة, لينادي بكل وقاحة, بعد أن بقي الحسين وحيداً, منادياً للجيش:" ويحكم اقتلوه, ولا تبقوا لأهل هذا البيت من باقية, هذا ابن قَتّال العرب". لقد كانت الواقعة, بمثابة التنشيط للحركة الإصلاحية, ولذلك نراها متجددة يُضربُ بها المثل, من قِبَلِ أغلب ثوار العالم, وإن لم يكونوا مسلمين, كغاندي الهندوسي الذي قال:" تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فأنتصر".