ما يجري الآن في تركيا ستكون له تداعيات كبيرة على مستقبل المؤسسة العسكرية في الوطن العربي. ولن تبتعد الضفة الغربية، ومن ضمنها المغرب عن تأثيرات الانقلاب على مستقبلها السياسي وعلى مجريات الانتخابات المقبلة. وبإمكان المتتبع أن يلحظ مواقف ثلاثة في صفوف جماعات المتلقين المغاربة : الأول: موقف مندد بالانقلاب و بالقائمين عليه، باعتباره خطوة نحو تصفية الديمقراطية التي "لا تأتي على ظهر الدبابات" أو بالعنف.وهو موقف لم يفوت الإشادة بالفورة الاقتصادية التي عرفتها البلاد خلال العقد الأخير، والاهتمام البالغ بقطاعي التعليم والصحة. معتبرا التجربة التركية جزءا لا يتجزأ " من المنظومة العربية الإسلامية التي أعلنت تشبتها بالشرعية" ، و أنموذجا ناجحا جمع بين الإسلام والديمقراطية.
الثاني: موقف مساند للانقلاب .وهو موقف يرى في الانقلاب فرصة تاريخية سانحة لإزاحة الإسلاميين من سدة الحكم. وما لا يأتي بالديمقراطية الانتخابية، قد يأتي بالانقلاب بمختلف ألوانه الدموية أو البيضاء لدى شديدي الحساسية من الإسلاميين في المغرب ،كما في مصر ،كما في العالم العربي. إلا استثناء بتركيا، حيث توحدت مواقف الإسلاميين والعلمانيين، واليمينيين واليساريين على إدانة الانقلاب، والالتفاف حول لا على الدستور ودعم المسار الديمقراطي لبلدهم الأمين. على أن ما يحدث في تركيا يعد مؤشرا على المحطة الانتخابية القادمة بالمغرب. هل بسبب التشابه الحاصل بين حزبي العدالة والتنمية في كل من تركيا والمغرب ؟؟ ولا أظن ذلك لأسباب عديدة. أم بخلفية ما يجري الآن من عنف وتشريد لأوطان عربية كانت تنعم بنعمة السلام في الأمس القريب ولو تحت ظل أنظمتها الديكتاتورية ؟ أم إن الخوف على الأبدان والارزاق يجعل من الأمن القومي والوطني مقابل القبول بجور السلطة الحاكمة؟؟ يبقى الموقف الثالث الذي يرى في محاولة الانقلاب حبكة لسيناريو يرمي إلى التحكم في السلطة والجيش وتعديل الدستور في اتجاه تخويل سلطة مطلقة للرئيس أردوغان. وهو موقف عبرت عنه المعارضة في الخارج، ولقي رواجا نسبيا لدى بعض المهتمين المغاربة.(يتبع) الدكتور عبد الوهاب الأزدي مراكش