يقول قائل: و هل للمرأة العربية وقت مادي للانخراط في العمل التطوعي ؟ بين إكراهات الاعباء المنزلية ، الشغل و متطلبات الاطفال و الزوج، احيانا الإخوة و الوالدين، تستنزف كل قوى المراة العربية و لا يبقى لها من الوقت الا القليل. مع العلم ان العمل التطوعي ظروري لتكافل أفراد المجتمع رجلا كان ام امراة . و ان لم يكن إجباريا فهو واجب اتجاه الانسانية. إن العمل التطوعي قديم قدم الديانات و التي جعلت منه سلوكا موازيا للعبادات و مكملا لها. حيث الصدقات، مساعدة الغير، قضاء حوائج الناس و حتى الإصلاح بينهم يعتبر عملا تطوعيا يجازى به في الدنيا قبل الآخرة. وكان ايضا متجردا في الثرات الشعبي للأمم يتوارثه الأحفاد عن الاجداد. كما ان العمل التطوعي يساهم في تقدم الدول التي تكرس تعليمه للأطفال الصغار في المدارس اناثا كانوا ام ذكورا و في جامعاتها تنشر ثقافة التطوع بين الطلبة. إلا ان في دولنا العربية أصبحنا نرى و نسمع عن الآلاف من الجمعيات التي تدعي العمل التطوعي و لكنها في الحقيقية تتلاهف على الاعانات سواء من الاشخاص او الدولة لقضاء حاجيات المنخرطين فيها لاغير. في حين ان أنشطة المراكز العربية للتطوع و المواطنة تكاد تعد على أطراف الاصابع و كان البلدان العربية ليس فيها مايستحق عملا تطوعيا. بالمقابل نرى في الدول الغربية كما هائلا لا متناهيا من الأنشطة التطوعية في كل الميادين و التي اصبحت و كأنها عملا و جزءا لا يتجزء من المواطنة. كما ان خلط العمل الجمعوي التطوعي بالسياسة ، تفريغه من محتواه و جعله دعايات لاحزاب او أفراد هو كفيل بان يثني الكثير من المواطنين على لعب الدور المرتجى منهم و يفقدهم الثقة في مصداقية الاعمال الخيرية . ناهيكم ان اكثر الجمعيات التطوعية نشاطا هي تلك الموالية لاحزاب معينة و التي تستغل نشاطاتها لتمرير افكارها و فلسفتها من خلال جعلها شرطا غير صريح للاستفادة من خدماتها. الا ان المراة العربية كما هو حال الرجل العربي و في خضم متاهات المتطلبات اللامتناهية التي تطلب منها لا تجد وقتا ولا قوة لتقديم عمل تطوعي يستفيد منه الغير، و ان فعلت فغالبا ما يكون ذلك على حساب واجباتها المنزلية او المهنية، لانها حسب العرف تعتبر المسؤولة الوحيدة عنها. و بما ان الناصح يبدأ بنفسه، فلقد قمت بتسجيلي في احدى الجمعيات التي تعتني بمرضى الزهايمر ببراغ و كل اسبوع اعتني بهؤلاء المرضى لمدة ساعتين. فانا أعي جيدا نظرا لتجربتي الشخصية، ما معنى ان يكون عندك في المنزل فرد معاق لا تعرف عنه الدولة شيأً، لا تعترف به و لا من معين. فماذا لو نعطي من وقتنا ولو نصف ساعة أسبوعيا لعمل تطوعي سواءا كان ذهنيا، بدنيا او ماليا كمساهمة منا في التكافل الاجتماعي الذي توصي به الديانات و تعتبره الحكومات حقا و واجبا و ان لم يكن إجباريا من اجل مواطنة مساهمة في ترسيخ قيم التعاون و التآزر المجتمعاتي ؟.