لاشك أن تطور واستدامة النظام الديمقراطي بكل تجلياته السياسية و الحقوقية والاقتصادية والاجتماعية٬ يستلزم تجذر فكر ديمقراطي قائم على ثقافة المشاركة السياسية لكل الأطياف والحساسيات و القوى المجتمعية والمدنية والسياسية المشكلة للمشهد السياسي. و المشاركة السياسية بشكل عام تدل على ″ تلك المجموعة من الممارسات التي يقوم بها المواطنون بغية الاشتراك في صنع وتنفيذ ومراقبة تنفيذ وتقييم القرارات السياسية والاقتصادية بكل حرية ″. وهذا يعني٬ أن للمواطن حقا ودورا يمارسه في عملية صنع القرارات السياسية في مختلف مراحلها عبر مساهمة الفرد في مختلف الأنشطة والتظاهرات السياسية التي تؤثر في عملية صنع القرار ، والتي تشمل التعبير عن رأى معين في قضية عامة، والانضمام للأحزاب السياسية، والانتساب لمؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني أو التعاون معها، والمشاركة في الانتخابات ترشيحا وتصويتا، وتولى أي من المناصب التنفيذية والتشريعية بالدولة. من هذا المنطلق تظهر أهمية المشاركة السياسية للشباب٬ حيث أن دينامية وطاقة وقوة الشباب هي رأسمال كل مجتمع لأن الثروة البشرية لا تقدر بثمن. وبالعودة إلى المجتمع المغربي أو المجتمعات العربية عموما٬ فإن قاعدة فئة الشباب تمثل شريحة واسعة من القاعدة السكانية لهذه الدول. و بالتالي٬ فقد أضحى من الأهمية القصوى الاستجابة لمختلف تطلعات الشباب المشروعة من قبيل تحقيق الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وضمان شروط العيش الكريم والمواطنة والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية. و لن تتحقق هده التطلعات التواقة لغد أفضل٬ إلا بوجود أحزاب ديمقراطية و قوية٬ ومؤسسات مجتمع مدني فعالة وفاعلة ومستقلة في تنظيماتها وتوجهاتها وقراراتها٬ تدفع المواطنين - وخاصة الشباب- إلى المشاركة السياسية بمختلف أنواعها٬ بعيدا عن منطق الهيمنة الفكرية والاستعلاء الإيديولوجي و التماهي مع العقلية والممارسات المخزنية التي تجاوزها الزمن والمنطق السياسيين. بالتأكيد٬ نحتاج إلى إعادة المعنى النبيل والمقصد الراقي للسياسة عن طريق توفير الفضاء الديمقراطي المفتوح للتلاقح الفكري والإيديولوجي بين مختلف المشارب والأطياف الفكرية٬ وتشجيع المشاركة السياسية وإفساح المجال أمام الطاقات والكفاءات الشابة وتثمين التحام الشباب بالقواعد الشعبية، آنذاك يمكن الحديث عن مشاركة شبابية جادة ومسئولة. و تاريخ الشباب المغربي خير شاهد و أقوى دليل٬ فقد لعبت فئة الشباب دورا كبيرا في تشييد لبنات المغرب الحديث من خلال تمردها على الاستعمار ال1جنبي و تضحيتها بالغالي والنفيس من 1جل كسب رهان الانعتاق و الحرية٬ و من خلال تحملها لمسؤولية بناء المغرب والذود عن أمنه واستقراره. وكما قال العلامة الشاعر علال الفاسي :
كلّ صعب على الشّباب يهون *** هكذا همّة الرِّجال تكونُ قدمُ في الثّرى، و فوق الثُّريا *** همة قدرها هناك مكينُ وعليه٬ فإن المشاركة السياسية في أي مجتمع هي محصلة نهائية لتفاعل جملة من العوامل الاجتماعية و الاقتصادية والمعرفية والثقافية والسياسية والأخلاقية٬ تساهم في رسم خريطة وحدود وحجم هذه المشاركة وسماتها وآليات اشتغالها٬ وتعمل على ترسيخ دولة القانون والمؤسسات٬ وتجسد مبدأ فصل السلط واستقلالها عن بعضها البعض٬ وتضمن احترام حقوق الإنسان. رضوان قطبي