لاشيء يدكر،هده هي العبارة التي تتردد دائما على الأفواه عندما يكون ملف النقاش هو ملف التشغيل بالمغرب،قد يكون هؤلاء على خطأ باعتبار الحكومة تقدم عندما تسمح لها الفرصة أرقاما أو برامج تهدف الى منع استفحال البطالة وهي حسب رأيها ناجحة اعلاميا في تسويق مبادراتها، وما على أصحاب الشواهد الا البحث عن هده البرامج على شبكة الانترنيت للإقتناع بما تقوم به الحكومة في العالم الإفتراضي،وهم طبعا ناكري الجميل لايكلفون انفسهم عناء البحث عن العمل في العالم الإفتراضي فما بالك عندما يتعلق الأمر بالبحث الميداني عن الشغل. في مقابل دلك ،عندما يفشل طالب العمل في الحصول على وظيفة يحزم حقائبه ويتجه الى مدينة الرباط للإحتجاج على الحكومة ،وأصبحت ساحة البرلمان مقصد كل فاشل حاصل على الإجازة أو الماستر أو الدكتوراه،في حين فلان اجتاز المباراة وحصل على منصب شغل عن جدارة واستحقاق،وفق المعايير المحددة في الدستور الجديد حسب آل الحكومة والأحزاب. حتى أصبح التوظيف المباشر سلعة مربحة لكل من اتيحت له الفرصة للتواجد بشوارع الرباط،في مقابل دلك هناك اشخاص لا يتوفرون على مورد مالي للتواجد بمدينة الرباط ويتابعون الخطوات النضالية لحظة بلحظة لأنهم معنيون بأي عملية توظيف قد تقدم عليها الحكومة حسب رأيهم ،لأن النضال فرض كفاية، ادا قام به البعض سقط عن البعض الآخر لأن الحكومة تعي ظروفهم العائلية والمادية وتضع رهن اشارتهم مباريات على الشبكة العنكبوتية ويصيحون لا للتوظيف المباشر. الواقع أن من قرر التواجد بمدينة الرباط للإحتجاج على سياسة التشغيل والرغبة في الحفاظ على مكتسبات الشعب المغربي،لايتوفر في الشهور الأولى على سكن والحدائق وشاطئ الرباط هي الوجهة الأولى للمبيت، أما بالنسبة للمعيشة فأغلبهم يقدمون على بيع ملابسهم على جنبات الطرق وأهل الرباط شاهد عيان.بعد دلك يشتغلون بمهنة البناء الشريفة لضمان الإستمرارية بمدينة الرباط التي تضيق حتى لأهلها وتطرد القادمون. الهدف واحد هو المطالبة بمنصب شغل يحفظ كرامتهم، ويخصصون غالبا يومي الأربعاء والخميس لإيصال أصواتهم مباشرة الى المعنيين بالأمر، وليس عبر الهواتف أو اللقاءات بالمقاهي الفاخرة إسوة بأصحاب صوت لا للتوظيف المباشر اللدين أرهقتهم الهواتف النقالة والرسائل القصيرة والمواعيد بالمقاهي والفنادق الفاخرة متشبثين بإجتياز المباراة مهما تطلب الأمر دلك في بحثهم عن العمل. أما اصحاب الحناجر الغليظة التي تزعج أهل الرباط وليس المسؤولين ،لأنهم على طريق الصواب والدستور الجديد يمنع عملية التوظيف المباشر وتساهم في انتشار الفساد ،بل اصبح عند البعض الفساد نفسه وجريمة لاتغتفر،في مقابل دلك إن الوطن بقرة حلوب ومصلحة الوطن لا تتطلب مواجهتهم من أجل الحفاظ على مغرب الإستثناء، بل وحتى التحالف معهم لضمان السير العادي الدي يعرقله المعطلون المفسدون . الحكومة نالت من سواد الحداد ،مع كل الاحترام والتقدير لمهنة الحداد، والسواد هو عنوان المرحلة القادمة،ولا ان يجب يكون المواطن المغربي أكثر سوداوية وأكثر انتقاده للحكومة لأنها حسب رئيسها قدمت الشئ الكثير للمغاربة وهم ناكري الجميل إسوة بالمعطلين. فالمعطل ناقم على سياسة التشغيل بالمغرب ويقدم أدلة علمية ملموسة لاتتاح له الفرصة لتقديمها دفاعا عن حقه في التوظيف المباشر في أسلاك الوظيفة العمومية. من الناحية القانونية دستور 1996 لايختلف عن دستور 2011 في تكريس المساواة بين المغاربة في الحصول على منصب شغل وهي معروفة طبعا ،وإلا فالتناقض وتكريس الفساد هو سمة دستور 1996،حيث لم يجد البعض أي جديد يضيفه الى ميزات دستور 2011 سوى القطع مع التوظيف المباشر، مع الإبقاء على جميع الممارسات مند سنة 1956،ولمادا التركيز على التوظيف المباشر وتخصيص هده الترسانة الأعلامية ولايدع رئيس الحكومة اية مناسبة إلا وأثار التوضيف المباشر جريمة قانونية وتكريس للفساد؟ بجواب بسيط هو ان المسؤولين يعرفون أن المعطلين من ابناء المغرب الفقراء وينحدرون من عائلات فقيرة تتابع القنوات العمومية ،ويريدون ايصال فكرة أن الحكومة تحارب الفساد والتوظيف المباشر غير قانوني وجريمة وووووووووووووووووووووووووو،وابنائهم من فصيلة المفسدين وناهبي المال العام، وترسيخ فكرة تنزيل دستور 2011 ،لأنه طبعا على ظهور المعطلين. وكل من أراد معرفة اين يتموقع التوظيف المباشر الدي مازال معمولا به بالمغرب هو الوصول الى المادة 22 من قانون الوظيفة العمومية، لكن يتم اعمال هده المادة حسب الفئات المستفيدة من ابناء البرلمانيين والمستشارين على حساب ابناء الشعب المعطلين والكل يعرف دلك بدون مزايدة على أحد، اللهم لا حسد. إدا كانت الحكومة فعلا تريد انجاح سياسة المباريات الفاشلة فعليها استيراد التجربة الفرنسية ،التي تعطي للجنة من المجتمع المدني مسؤولية مراقبة سير وإنتقاء أصحاب المؤهلات المطلوبة،دون تدخل أو محسوبية بإعتبار هده اللجنة نابعة من الشعب ولا تدين بالولاء لأي جهة سياسية كيفما كانت. لنبقى قليلا في فرنسا حتى لا نصاب بمرض الانتقاد،بمجرد ولوج سلك الماستر عن طريق المباراة فالوظيفة مضمونة قانونيا والتسجيل بسلك الدكتوراة كدلك فور الحصول على شهادة الماستر.لهدا السبب لا يوجد مصطلح اسمه التوظيف المباشر. في حين يطل علينا المسؤولين حازمين عازمين على القطع مع التوظيف المباشر إسوة بالنمادج الديموقراطية كفرنسا أو الولاياتالمتحدةالأمريكية.ولا يطبقون النمودج الديموقراطي في التعامل مع حاملي الشهادات،كالوقوف عند ويل للمصلين. لهدا السبب فالمعطلين لن يبرحوا شوارع الرباط ،إيمانا منهم بأن المغرب لا يتوفر على إقتصاد وطني مستقل قادر على ضمان الإستمرارية للدولة التي تعيش على الديون الخارجية التي ترهن مستقبل ابناء هدا الوطن ،وضمان كرامة المواطن الدي يشاهد مظاهر البذخ والثروة البادية على المسؤولين الدين يطبقون الدستور على المواطن بكل حزم وعزم. اما السبب الثاني وهو تفشي الزبونية والمحسوبية في المؤسسات العمومية، والتوظيف المباشر لأبناء النافدين في هده الدولة.ولا أدل على دلك هو التصنيف الجديد للمغرب في سلم الفساد والرشوة ،والقبول بهده الحالة والإعتراف بها من طرف الحكومة. لهده الأسباب لا يمكن للمعطل التنازل عن حقه في الكرامة والعدالة الإجتماعية ،إيمانا منهم بحقيقة الصراع الدائر ومداخل ومخارج الدولة والمعرفة العلمية وبلغة الحساب والأرقام لميزانية الدولة ،كيف لا وهم من خيرة شباب هدا الوطن الحاصلين على الشواهد العليا بالعمل الدؤوب والجدية وتحدي الصعاب. المعركة ليست مع السيمي أو المخازنية ،هي معركة القناعات التي لا يمكن اجتثاثها رغم تهشيم وتكسير الجماجم. معركة القناعات هي القاعدة التي يجب أن يستوعبها الجميع. * باحث في العلوم السياسية والدبلوماسية المغربية.