ندوة بمكناس تحتفي بمسار بودالي    مركز يستنكر توقيف عملية جراحية    الاتحاد الأوروبي يفرض رسوما على صادرات المغرب من إطارات السيارات    صهيوني مجرم "بيدوفيلي" .. هارب من العدالة الإسرائيلية يعيش بحرية في أكادير منذ عام 2006    واشنطن تطرد سفير جنوب إفريقيا    فوز الجيش وآسفي في البطولة    أندية إنجليزية تخطب ود بوعدي    توقعات طقس اليوم السبت بالمغرب    "كلية وجدة" تحتفي بذاكرة أساتذة    استياء عارم من إغلاق المسبح المغطى بالجديدة عارم من إغلاق المسبح المغطى بالجديدة    الركراكي : المواجهتان القادمتان لن تكونا سهلتين … ويعطي إشارات للاعب سيكون المميز عالميا … !    يويفا يصدر بيانًا رسميًا بشأن ركلة ألفاريز خلال خسارة أتلتيكو أمام ريال مدريد    أزمة في المستشفى الجديد بتنغير    مستشفى القرب بميضار يعاني شللاً شبه كامل بسبب تسرب مياه الأمطار    بعد إلغائها بسبب الظروف الجوية.. استئناف رحلات بحرية بين إسبانيا والمغرب    تراجع كميات الصيد بميناء الناظور مقابل ارتفاع في قيمته السوقية    وزير الخارجية الأمريكي يعلن عن طرد سفير جنوب إفريقيا    بيكيه ينهمر في البكاء أمام المحكمة … !    وكالة بيت مال القدس تواصل توزيع "قفة رمضان" بالمدينة المقدسة    إسبانيا.. "إل كونفيدينسيال" تبرز دور المغرب في نشر إسلام معتدل في خدمة السلام في إفريقيا    الدرهم يرتفع مقابل الدولار    المغرب يستضيف الدورة 58 للجنة الاقتصادية لإفريقيا ومؤتمر وزراء المالية الأفارقة في مارس 2026    مدرب الأسود يؤكد أن هدفهم انتزاع بطاقة التأهل في أقرب وقت    توقيف شخص بطنجة تورط في حادثة سير عمدية والفرار من موقع الحادث    بعد "كونراد".. عاصفة "لورينس" تقترب من المغرب    تأخر إغلاق سد واد غيس يؤدي الى ضياع كميات كبيرة من المياه (فيديو)    الغذاء المتوازن و صحة القلب في رمضان !!    سيدي حمدي ولد الرشيد يشارك في أشغال الجمعين العامين للعصبة والجامعة ويُعزز حضور شباب المسيرة في المحافل الكروية الوطنية    كارني: كندا لن تصبح جزءا من أمريكا    قراءة في مشروع قانون المسطرة الجنائية من داخل مجلس النواب    وسائل إعلام: ترامب يعين ديوك بوكان سفيرا في المغرب تكريسا لدبلوماسية "البزنس أولا"    "التوظيف الأخلاقي للذكاء الاصطناعي: بين الفرص والتحديات في ندوة فكرية بطنجة"    هذيان في منتصف الطريق    الأمطار تنعش حقينة ‪سدود سوس    بالصدى .. الثقة والزئبق    عامل سيدي إفني يحذر رؤساء الجماعات من استغلال وسائل الجماعة لأغراض سياسية    جامعة الرباط تحتفي بالفيلم الجامعيّ    عرقلة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي بسبب ارتفاع الأسعار وترويج المواد الغذائية الفاسدة    الرفع من قيمة إعانات "دعم الفقراء" في 2025 ينتظر قرارا حكوميا    تفاصيل استماع القضاء لشقيق بعيوي    فرنسا تعلن استيراد الحصبة من المغرب    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    السعدي يرد على منتقدي الأداء الحكومي ويثمن جهود زميله برادة للنهوض بقطاع التربية الوطنية    سفراء الموسيقى الأندلسية المغربية في فرنسا يلهبون حماس الجمهور الباريسي خلال أمسية احتفالية وروحانية    طنجة: توقيف شخص متورط في حادثة سير عمدية مع الفرار    السلطات الموريتانية تتغلب على تسرب للغاز من حقل مشترك مع السنغال    أهمية الفحوصات الطبية خلال شهر رمضان    جماعة العرائش تنظم الدورة الأولى من رمضانيات السماع والمديح    الفرجة الرمضانية بين النقد السريع والنقد المدفوع    "ألف يوم ويوم".. سيمون بيتون تحكي الحاج إدمون عمران المليح    سباق التسلح في مجال الطائرات المسيّرة.. المغرب ضمن تحالفات جديدة وتنافس دولي متصاعد    ظاهرة فلكية نادرة مرتقبة فجر يوم غدٍ الجمعة    جديد دراسات تاريخ الأقاصي المغربية: التراث النوازلي بالقصر الكبير    فضل الصدقة وقيام الليل في رمضان    ماذا يحدث للجسم إذا لم يتناول الصائم وجبة السحور؟ أخصائية توضح    أداء الشعائر الدينيّة فرض.. لكن بأية نيّة؟    دراسة: الوجبات السريعة تؤدي إلى تسريع الشيخوخة البيولوجية    بنكيران .. القرار الملكي لا يدخل ضمن الأمور الدينية وإنما رفع للحرج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تهجير اللاجئين الفلسطينيين من غزة
نشر في الجسور يوم 11 - 06 - 2013

(هل توقفت حقا خطط دولة الاحتلال الإسرائيلي لإفراغ قطاع غزة من سكانه بتهجير لاجئي 1948 منه ؟!)
بقلم نقولا ناصر*
كانت الخطط التي وضعتها مؤسسة الحكم في دولة الاحتلال الإسرائيلي بعد احتلال قطاع غزة في عدوان عام 1967 لتهجير عرب فلسطين الذين "لجأوا" إلى القطاع في النكبة عام 1948 هي محور مقال في العدد 3 (ربيع 2013) من مجلة الدراسات الفلسطينية نشرته جامعة كاليفورنيا الأميركية في الثلاثين من أيار / مايو الماضي، والمقال مقتطف من الفصل 21 المعنون "الخطأ الفاضح – The Blunder" من كتاب المؤرخ الإسرائيلي توم سيجيف "1967: إسرائيل، الحرب، والسنة التي حولت الشرق الأوسط".
ويوضح المقال أن تهجير لاجئي 1948 من القطاع، حيث يمثلون أغلبية سكانه، كان منذ احتلال عام 1967 هدفا له أولوية في خطط دولة الاحتلال، وتتضح أهمية هذه الأولوية في الجدل الذي دار حول تهجيرهم إلى "الضفة الغربية" المحتلة.
ويلفت الانتباه في هذا السياق إشارة المقال إلى أن وزير الشرطة في سنة "النكسة" موشى ساسون "اقترح إقامة دولة مستقلة للفلسطينيين أو منحهم منطقة حكم ذاتي" في الضفة الغربية يتم ترحيل اللاجئين من القطاع إليها، لأنهم في رأيه "أصل الصراع"، وقد حبذ هذا الحل رئيس الوزراء آنذاك ليفي أشكول.
ويذكر سيجيف في مقاله أنه في أعقاب احتلال 1967) طالب بعض المسؤولين ب"حل فوري لمشكلة اللاجئين بواسطة عملية سريعة وشاملة ومن جانب واحد" بغض النظر عما كان سيؤول إليه مصير الأراضي المحتلة، وأن أشكول "أراد التخلص من اللاجئين لكنه لم يعرف كيف" ولم يكن معنيا ب"اللاجئين الجدد"، أي "النازحين" في "النكسة، بل كان معنيا فقط بتهجير لاجئي 1948 الذين كانوا ما زالوا يعيشون في مخيمات اللاجئين، وبخاصة في قطاع غزة، التي وقعت تحت الاحتلال، وعقد مشاورات لا حصر لها مع السياسيين والعسكريين والخبراء والأكاديميين لبحث أفضل الطرق ل"التخلص" منهم.
وكان اقتراح ترحيل اللاجئين من القطاع إلى "دولة مستقلة للفلسطينيين" أو إلى "منطقة حكم ذاتي" في الضفة الغربية أحد الحلول، واقترحت مجموعة أكاديميين يقودها مايكل برونو توطين ربع مليون لاجئ من القطاع في الضفة خلال عشر سنوات، على أمل أن يهاجروا منها "إلى الأردن أو أماكن أخرى"، وإذا "عادت الضفة بكاملها للأردن في أي وقت، فإنك تكون قد قذفت العرب خارج حدودك" كما قال أحدهم، و"مثل الإسرائيليين الذين غادروا البلاد نهائيا، يعتقد كثير من الفلسطينيين أنهم سيعودون لكن المطاف انتهى بهم إلى البقاء في الخارج" كما قال آخر، وقد عارض وزير العمل ييغال آلون هذا الاقتراح خشية توطينهم في غور الأردن الذي أراد ضمه لدولة الاحتلال، وعارضه الوزير بلا حقيبة مناحيم بيغن لأنه أراد الضفة للاستيطان والمستوطنين اليهود، وعارضه وزير الحرب موشى دايان مصرا على أنهم "ينتمون" للأردن محبذا "عدم إعفاء" وكالة "الأونروا" من المسؤولية عنهم كحل مقترح آخر، بينما اقترح آلون "إعادة توطين لاجئي غزة في العريش بشمال سيناء" المصرية كحل مقترح ثالث أيده بيغن.
وكحل رابع اقترح وزير التجارة والصناعة زئيف شيرف البدء في "مفاوضات هادئة مع بلدان أجنبية بهدف توطين اللاجئين وراء البحار"، وأيد اقتراحه وزير المالية بنحاس سابير الذي وصف "وضع اللاجئين" بأنه "متفجر"، وقد حبذ أشكول هذا الحل أيضا وتحدث في هذا السياق عن "تبادل سكان" لمبادلة آلاف من اللاجئين من عرب فلسطين بمثلهم من يهود العراق الذين هاجروا إلى دولة الاحتلال. ويقول المؤرخ سيجيف إن هذا الاقتراح قد نفذ فعلا، مضيفا: "يبدو أن وزارة الخارجية كانت تعمل خلال هذا الوقت كأنها وكالة عالمية للسفر".
وفي تفاصيل تنفيذ هذا الاقتراح أورد سيجيف مجموعة من الحقائق، ففي أوائل عام 1968 أنشئت وحدة من خمسة أعضاء برئاسة عسكري برتبة ميجر، زيد عددها لاحقا إلى عشرين، كانت تعمل في قطاع غزة بواسطة عملاء توزعوا في مخيمات اللاجئين يعدونهم بالمال مقابل الهجرة، وذكر سيجيف أن "مكاتب الهجرة" التي أدارها الحاكم العسكري في المخيمات لم تكن سرا وأن هذه الوحدة رشت ضابطا عربيا على جسر اللنبي ومواطنا سعوديا، مضيفا: "وكانت هذه عملية مشتركة بين الحاكم العسكري والشاباك ومستشار رئيس الوزراء للشؤون العربية" شموئيل توليدانو، بمساعدة وزارة الخارجية، ومساهمة وزارة المالية في تمويلها، وأنشئت وظيفة منسق بين هذه الأطراف في رئاسة الوزراء شغلتها آدا سيريني الخبيرة في تهجير يهود أوروبا إلى فلسطين، وقال اشكول لها: "أريدهم جميعا أن يذهبوا، حتى لو ذهبوا إلى القمر". وقد ساعد عضوا مجلس الشيوخ الأميركي إدوارد كنيدي وجاكوب جافيتس في خطة لتهجير (200) لاجئ من غزة حول العالم وتعهدت الكنيسة اللوثرية بالمساعدة كذلك حسب سيجيف.
وذكر توليدانو أنه يملك ألف جواز سفر أجنبي "أصلي" وليس مزورا لتوزيعها على لاجئي غزة الراغبين في الرحيل، وأرسل إعضاء الوحدة إلى استراليا والبرازيل وأميركا الجنوبية والولايات المتحدة لدراسة تسهيلات الهجرة، وخصصت الوحدة ألف دولار لكل عائلة تهاجر من غزة، وفي أيار / مايو 1968 ذكرت سيريني في تقرير لها إلى أشكول أن (15) ألفا تقريبا غادروا غزة، وقد حث دايان عل "تسريع" هذه العملية لأن "الجسور الأردنية قد تغلق في أي يوم".
ومن الوسائل الأخرى التي استخدمتها حكومات الاحتلال بعد عام 1967 لتهجير لاجئي غزة "تخفيض مستوى معيشتهم" كما اعترف الحاكم العسكري للقطاع موردخاي غور، و"فرض حظر التجول والمداهمات والاعتقالات بعد كل عمل إرهابي، كوسيلة لتشجيعهم على المغادرة"، و"عدم السماح بعودة" من يغادر منهم طوعا، و"نشر الثقافة الغربية التي قد تقود النساء العربيات إلى إنجاب أطفال أقل"، إلخ.
وقبل احتلال 1967، ذكر المقال أن أشكول الذي كان وزيرا للمالية أثناء احتلال سيناء عام 1956 خصص نصف مليون دولار لهجرة (200) من عائلات اللاجئين في القطاع، معظمها مسيحية، في عملية نسقها العميل السري المخضرم عيزرا دانين. وفي سنة 1962، نظم دانين "عملية العامل" لتهجير اللاجئين إلى ألمانيا (الغربية آنذاك) لوجود طلب على العمالة الأجنبية فيها، وقبل حوالي (18) شهرا من احتلال 1967 جرت محاولة لتنسيق اتفاق بين دولة الاحتلال والأردن لتشجيع اللاجئين على الهجرة من الأردن إلى ألمانيا بواسطة نقابات عمال ألمانية.
إن نشر الحقائق الواردة في هذا المقال في هذه الأيام التي تصادف الذكرى الخامسة والستين ل"النكبة" العربية في فلسطين والذكرى السادسة والأربعين ل"نكسة" العرب فيها، تثير أسئلة جادة حول "حل الدولتين"، وسياسة "الجسور المفتوحة" مع الأردن، ودور الاحتلال في هجرة المسيحين من عرب فلسطين، واستمرار هجرة عرب فلسطين إلى المغتربات، وتسهيلات الدول الغربية لهذه الهجرة، واستمرار حصار قطاع غزة، وما إذا كانت كل خطط ومقترحات دولة الاحتلال لإفراغ قطاع غزة من سكانه بتهجير لاجئي 1948 منه قد توقفت حقا أم أنها لا تزال مستمرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.