لم يتأخر رد السفارة المغربية طويلا ردا على ما سمي ثلاثة تقارير مختلفة عن قضية الصحراء المغربية، نشرها موقع الكتروني اردني حيث اعتمد فيها على نقل ما سماه وروايات من معاناة سكانها، خلال جولة قام بها صحفي من الموقع الى مناطق الساقية الحمراء ووادي الذهب، حيث ارتأت سفارة المملكة المغربية في عمان الرد على ما نشر في الموقع بالبيان التالي تنويرا للرأي العام . وفي ما يلي نص البيان الذي حصل "مغرب بريس" على نسخة منه
نص البيان : نشرتم في موقعكم ثلاث تقارير عن قضية الصحراء المغربية تحمل مغالطات كثيرة حول طبيعة النزاع المفتعل في منطقة شمال افريقيا وحقيقة الأوضاع في مخيمات تندوف، متبنين أطروحة البوليساريو الانفصالية التي لا تصمد أمام عدالة ومشروعية موقف المغرب الذي استرجع صحراءه المغتصبة من الاستعمار الإسباني في إطار الشرعية الدولية. وتنويرا للرأي العام بشأن قضية الصحراء المغربية، تتقدم سفارة المملكة المغربية في عمان بالبيان التالي:
1/ السياق التاريخي لاستقلال المغرب:
◄ تعرضت المملكة المغربية لاستعمار ثلاثي؛ فرنسي في الجهة الوسطى واسباني بشمال وجنوب البلاد، بالإضافة إلى وصاية دولية على مدينة طنجة، تحت إشراف 12 قوى أجنبية.
واعتمدت المملكة سياسة التفاوض، عبر مراحل، لاسترجاع الأجزاء المحتلة من ترابها الوطني في تطابق تام مع مبادئ وأهداف ميثاق الأممالمتحدة.
واتبع المغرب نفس النهج في ما يتعلق باسترجاع المناطق الصحراوية الواقعة آنذاك تحت الاحتلال الإسباني، حيث تمكن من استرجاع طرفاية في سنة 1958 وسيدي ايفني في سنة 1969.
ولم يكن لما يسمى ب" البوليساريو" وجود خلال فترة الاحتلال الاسباني للصحراء المغربية، و كانت المطالبة الوحيدة باسترجاع هذه الأقاليم، على الصعيد الدولي، مغربية محضة.
كما لم يتم الاعتراف ب"البوليساريو" بكونه "حركة تحرير"، أو ممثلا شرعيا" للساكنة الصحراوية، لأنه لا يتوفر على أي سند قانوني أو شعبي ولا على أدنى شرعية ديمقراطية، تجعله يرقى إلى تمثيلية الساكنة ذات الأصول الصحراوية.
◄استرجع المغرب صحراءه بعد أن أكدت محكمة العدل الدولية في لاهاي في رأيها الاستشاري الصادر في 14 أكتوبر 1975 وجود روابط بيعة بين سلاطين المغرب وقبائل الصحراء وأن الصحراء لم تكن منطقة خلاء عند احتلالها من الإسبان. وبموجب اتفاقية مدريد التي توصل إليها المغرب واسبانيا في 14 نونبر 1975 وتم تسجيلها في الأممالمتحدة، انسحبت القوات الاسبانية من الصحراء التي عادت إلى السيادة المغربية.
◄تم خلق ما يسمى جبهة البوليساريو لتكون أداة في يد خصوم المغرب لمعاكسة حق المغرب في استكمال وحدته الترابية. وضمن هذا المخطط التآمري على المغرب تم ترحيل عدد من سكان المنطقة فسرا إلى تندوف ، علما أن الأغلبية الساحقة من سكان الصحراء ظلوا في منطقتهم، إيمانا بمغربيتهم وبمغربية الصحراء ويشاركون منذ سنة 1975 في المؤسسات المنتخبة وفي تدبير الشأن العام ويساهمون في تنمية بلدهم المغرب. كما تمكن آلاف من الصحراويين المغرر بهم من فك الحصار المضروب عليهم في مخيمات تندوف والعودة إلى وطنهم المغرب وعاد المئات من قيادات البوليساريو إلى وطنهم المغرب لإيمانهم بمشروعية وعدالة الموقف المغربي وبأن الانفصال لن تقوم له قائمة في الصحراء المسترجعة.
2/استمرار احتجاز السكان الصحراويين في مخيمات تندوف بالجزائر من طرف مليشيات البوليساريو:
◄عرفت الصحراء المغربية منذ استرجاعها من المحتل الاسباني مسيرة تنمية قوية حولت المنطقة الى مدن كبيرة تزخر بالمشاريع الكبرى في قطاعات السكن والصحة والتعليم والبنية التحتية والموانئ والمطارات والصيد والماء والسياحة والصناعة والفلاحة، مكنت من سد العجز في مجال البنية التحتية الأساسية الموروثة عن حقبة الاحتلال الإسباني.
وفي مقابل هذه النهضة التنموية تواصل ميليشات البوليساريو احتجاز آلاف السكان الصحراويين في مخيمات تندوف في جنوب شرق الجزائر في ظروف غير إنسانية وتفرض عليهم طوقا أمنيا لمنعهم من العودة إلى المغرب.
ويعتبر احتجاز السكان الصحراويين في مخيمات تندوف لأهداف سياسية حالة شاذة في نظر القانون الدولي الإنساني. كما أن غياب إطار قانوني واضح ينظم وضعية الساكنة بتند وف، يعد حالة استثنائية وغير مسبوقة في نظر القانون الدولي.
ولا يتمتع سكان المخيمات بحرية الحركة والتنقل وهم سيختارون تلقائيا العودة إلى وطنهم المغرب لو رفع عنهم الحصار لأنهم لا يرضون العيش في ظل المهانة والافتقار لأبسط شروط الحياة الكريمة تحت سطوة طغمة البوليساريو التي اغتنت على حسابهم بالسطو على المساعدات الإنسانية الموجهة لهم وبيعها في أسواق البلدان المجاورة.
◄ترفض الجزائر بصفتها البلد الذي يأوي المخيمات تطبيق التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني ، المتعلق بحماية لاجئي تندوف، كما ترفض القيام بإحصائهم وتسجيلهم، رغم النداءات المتكررة التي وجهتها المندوبية السامية للاجئتين في سنوات 2001، ،2003 2005و2009، ونداء الأمين العام للأمم المتحدة، في تقريره الصادر في أبريل 2010.
*يتعرض سكان مخيمات تندوف إلى انتهاكات يومية وممنهجة لحقوقهم الأساسية. ويمكن تلخيص بعض من هذه الممارسات في ما يلي:
*سيادة نظام التفكير الوحيد وانعدام حرية التعبير وحرية الاعتقاد وحرية التجمع.
* الزج بمعارضي قيادة البوليساريو في السجون بدون محاكمات والتنكيل بهم بالتعذيب الممنهج.
*حق التعليم والتمدرس : يتم إرسال أطفال المخيمات إلى بلدان بعيدة دون موافقة أسرهم.
* أكدت تقارير المندوبية السامية للاجئين والمكتب الأوربي لمكافحة الغش والاتحاد الأوروبي نهب متنفذين في ميليشيات البوليساريو للمساعدات الإنسانية المقدمة لسكان المخيمات وبيعها في السوق السوداء.
3/ المبادرة المغربية للحكم الذاتي: خيار واقعي لحل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية:
◄ استرجع المغرب صحراءه في إطار المشروعية الدولية وقررت ساكنة الصحراء مبكرا مصيرها بتأكيد مغربيتها ومغربية الصحراء.
واستجابة لدعوة مجلس الأمن كافة الأطراف إلى الخروج من حالة الجمود التي عرفتها قضية الصحراء المغربية وإحراز تقدم نحو إيجاد حل سياسي واقعي نهائي و مقبول من الأطراف، قدمت المملكة المغربية بتاريخ 11 أبريل 2007 للأمين العام للأمم المتحدة المبادرة المغربية للتفاوض بشأن نظام للحكم الذاتي لجهة الصحراء.
وحضيت هذه المبادرة بتأييد عدد من الدول و أحدثت ديناميكية جديدة داخل مجلس الأمن، الذي وصف المبادرة المغربية للحكم الذاتي، ب "الجدية وذات المصداقية".
ودعمت مختلف القرارات التي تبناها مجلس الأمن المبادرة المغربية للحكم الذاتي وكرست أهميتها.
◄تضمن المملكة المغربية، من خلال هذه المبادرة التي تستند الى مبدأ حق تقرير المصير، لكافة الصحراويين مكانتهم اللائقة ودورهم الكامل في مختلف هيئات الجهة ومؤسساتها، بعيدا عن أي تمييز أو إقصاء. ومن هذا المنطلق، سيتولى سكان الصحراء، وبشكل ديمقراطي، تدبير شؤونهم بأنفسهم من خلال هيئات تشريعية وتنفيذية وقضائية، تتمتع باختصاصات حضرية. كما ستوفر لهم الموارد المالية الضرورية لتنمية الجهة في كافة المجالات، والإسهام الفعال في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمملكة.
◄تشكل هذه المبادرة حلا وسطا، وتنسجم مع الشرعية الدولية وميثاق الأممالمتحدة وقرارات مجلس الأمن ومبدأ حق تقرير المصير. ويخضع نظام الحكم الذاتي لجهة الصحراء المنبثق عن المفاوضات لاستشارة استفتائي للسكان المعنيين.
وعلى الرغم من ذلك، فإن موقف الجزائر والبوليساريو ما يزال يرتكز على قراءة مغلوطة و موجهة لمبدأ تقرير المصير وعلى فلسفة معاكسة للتوجه الذي حدده مجلس الأمن، والذي تنشده المنظومة الدولية، من أجل إيجاد حل لهذا النزاع الإقليمي.
وفي هذا السياق، كان المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، السيد فان والسوم، أكد أمام مجلس الأمن بتاريخ 21 أبريل 2008 أن استقلال الصحراء الغربية ليس خيارا واقعيا وأن استقلال الصحراء هدف لا يكمن تحقيقه.
وتأكيدا للدينامية التي خلقتها المبادرة المغربية للحكم الذاتي، تبنى مجلس الأمن بالإجماع، يوم 24 أبريل 2012، القرار رقم 2044 (2012)، جدد فيه تأييده للمعايير التي حددها المجلس من أجل التوصل إلى حل سياسي و نهائي للنزاع الإقليمي حول الصحراء و تعزيزه لمسلسل المفاوضات كطريق وحيد لتسوية النزاع و دعم المقاربات المبتكرة.
وأكد هذا القرار مرة أخرى، تميز المبادرة المغربية للحكم الذاتي، بالواقعية وروح التوافق، كوسيلة للتوصل إلى الحل السياسي الذي يدعو إليه المجلس.
كما عكس القرار، عزم المجتمع الدولي على دعم الالتزام الصادق و المسؤول لجميع الأطراف في مفاوضات مكثفة وجوهرية وتجنب الجمود و استراتيجيات التضليل. وأيا كانت تطورات النزاع المفتعل سيظل المغرب في صحرائه وستظل الصحراء في مغربها.
لحسن عبد الخالق "الصورة" سفير المملكة المغربية في عمّان