تجتاح المئات من "المقاتلات" المستعملة في تهريب الوقود من القطر الجزائري بشكل يومي الطريق الوطنية رقم 2 الرابطة بين زايوووجدة لبلوغها الشريط الحدودي المغربي الجزائري، رغم الحدود المغلقة بين البلدين، وتزودها بالوقود المهرب الذي يتم توزيعه على ممتهني بيع الوقود الجزائري بالجهة الشرقية... وتسير المقاتلات بالطريق الوطنية رقم 2 بسرعة جنونية، مع عدم احترام سائقيها لعلامات التشوير الطرقي، مما يشكل خطرا حقيقيا يحدق بصحة المواطنين وسلامتهم، إذ يصعب على رجال الأمن إيقاف ممتهني تهريب الوقود الجزائري، حيث أن سيارتهم لا تتوفر على وثائق قانونية، وغالبا ما تكون تحمل لوحات ترقيم أجنبية، والمنخرطين في هذه المهنة قبل أن تطأ أقدامهم سيارات التهريب يعتبرون أرواحهم "بيد الله"، حيث أنهم مدركين خطورة نشاط التهريب، إذ ينتهي بهم الأمر داخل السجون أو لفظ أنفاسهم وسط الطريق، وهم في إطار مصارعة الزمان والبحث عن لقمة العيش. سيارات تهريب الوقود الجزائري التي يطلق عليها سكان الجهة الشرقية ب"المقاتلات"، هي عبارة عن سيارات تملك محركا قويا يعمل بالبنزين يتم تعديله لينطلق بسرعة جنونية في حالة مصادفته لدوريات "الجمارك" أو "الأمن الوطني" أو "الدرك الملكي"، وغالبا ما تكون كواكب المقاتلات تسير بدون أضواء، و في هذا الإطار، تقول مصادر من مهربي البنزين في حديثها ل" الاتحاد الاشتراكي"، "أن غالبية ممتهني التهريب لا يتوفرون على رخص السياقة، كما لا تتوفر سياراتهم على المقاعد الخلفية، إذ يتم إزالتها بغرض وضع العديد من براميل البنزين المهرب من الشريط الحدودي المغربي الجزائري الذي يمتد على طول 1559 كيلو مترا". كما لاتتوفر سيارات تهريب الوقود على الوثائق القانونية، بعدما يتم التخلص منها، و استعمال بطائقها الرمادية لسيارات أخرى، وهي لا تتوفر على صفائح ترقيمها مما يجعل من المواطنين المستعملين للطريق الوطنية رقم 2 يواجهون خطرا اسمه "سيارات التهريب الحاصدة للأرواح"، والتي تخلف من خلال تهور سائقيها العشرات من حوادث السير، وأنه من خلال ارتكابهم لحوادث السير يتركون سيقانهم للريح، و المواطنون أمام حوادث سير عنوانها "المجهول". وتشكل المقاتلات خطرا على ساكنة الجهة الشرقية، خاصة المتواجدين على مقربة من الطريق الوطنية رقم 2 التي يقصدها ممتهني تهريب الوقود من مختلف مدن إقليمالناظور وجهة الريف، حيث تعتبر الوجهة المفضلة للعديد من ممتهني التهريب نظرا لقرب مسافتها بمدينة وجدة و بني ادرار، وانه من خلال استعمالهم لذات الطريق فإنهم يشكلون تهديدا حقيقيا لحياة المواطنين، حيث تخلف "المقاتلات" التي تسير في كواكب يتجاوز عددها 50 مقاتلة العشرات من حوادث السير المميتة. وتصل الحمولة الإجمالية لكل "مقاتلة" إلى 1200 لتر من الوقود المهرب بالنسبة للسيارات الصغيرة، بمعدل 40 برميلا من الوقود الجزائري الذي يتم توزيعه على براميل بلاستيكية طاقتها الاستيعابية 30 لترا، فيما تصل حمولة سيارة "espace" إلى 2400 لتر بمعدل 80 برميلا. ويشار إلى أن رجال "الدرك الملكي" و "الأمن الوطني" و "الجمارك" بالجهة الشرقية يتعاملون في غالب الأحيان مع ممتهني تهريب الوقود، بغض الطرف على أنشطتهم التجارية المحظورة، وذلك عن طريق "ادهن السير أسير"، لذلك يكون نشاط "المقاتلات" في تهريب الوقود الجزائري إلى السوق المغربي، قد مكن من انتعاش حركة السيارات والشاحنات بالمنطقة الشرقية، التي تستعمل البنزين المهرب لاعتباره منخفض في الثمن عكس نظيره المغربي. أمر اعتناق مهنة تهريب الوقود عبر الشريط الحدودي المغربي الجزائري، ساهم بشكل أو بآخر في التقليص من نسبة البطالة على مستوى الجهة الشرقية، إذ أن غالبية الشباب يفضلون اعتناق مهنة التهريب فضلا عن الراحة، "يقول احد الشباب الذي يشتغل "كريسول" في حديثه ل "الاتحاد الاشتراكي"، " 150 درهم أل الفياج زوينة، ونا منين غادي نجيبها من لكلاس في الدار ولا من الدوران في الشارع، اللهم في 150 درهم وتبدل الجو وتعيش المغامرات ولا الراحة والتخمم". تنامي ظاهرة التهريب بالجهة الشرقية، واتساع أسطول "المقاتلات"، ناتج عن الهشاشة الاقتصادية، والتهاون الاجتماعي، والحركية المتواصلة لتهريب الوقود الجزائري، والتي أصبحت مسرحا لحرب حقيقة يكون ضحاياها "أبرياء"، مستعملي الطريقة الوطنية رقم 2 التي يستعملها مهربي الوقود بشكل يومي، والتي فجرت استياء عارما في أوساط المواطنين حول هذا الكابوس "المقاتلات"، الذي يقض مضاجع السكان ويهدد سلامتهم وسلامة أبنائهم، ولم يجدوا طريقا للتنديد، أو المطالبة بتطويق أسطول "المقاتلات" الغير القانوني الذي يستهدف أرواح المواطنين. وفي هذا الإطار، تعرف محطات البنزين خاصة في الولاياتالجزائرية الحدودية ازدحاما كبيرا تصنعه طوابير السيارات والشاحنات أو "المقاتلات"، كما يسميها سكان الشريط الحدودي لغرض تهريبه، حيث تشير تقارير جزائرية لرصد الظاهرة إلى أن المغرب يستقبل أكثر من 120 ألف لتر يوميا من المازوت المهرب من الجزائر عبر ولايات حدودها، وهو ما أدى بالبعض إلى القول إن "الحلابة" كما يسمونهم قد فتحوا الحدود المغلقة بين الجزائر والمغرب رغم أنف الجميع. وتشير مصادر صحفية جزائرية إلى أن بعض سكان الشريط الحدودي الأثرياء عمدوا مؤخرا على اقتناء شاحنات من مختلف الأحجام و"توظيف" سائقين ماهرين مقابل 1500 دينار للخزان الواحد ويمكن للسائق أن يقوم بملء خزان الشاحنة 3 مرات في اليوم الواحد، وتهريبه لمهربي الوقود المغاربة، فين حين تقول مصادر من الجهة الشرقية أن عند النقطة الحدودية المغربية الجزائرية "زوج بغال"، المغلقة منذ شهر غشت 1994، وحدها الحواجز الحديدية الصدئة التي نال منها الزمن تحرس الحدود من الجانبين إلى جانب رجال أمن مغاربة من الجانب المغربي ونظرائهم الجزائريين من الجانب الجزائري. الجميع يقف وعيناه على المعبر المغلق يتبادل نظرات مريبة، رغم أنهم يعلمون أن الحدود، رغم القرار الرسمي بإغلاقها، تبقى مفتوحة في كثير من نقاطها أمام "مقاتلات" المهربين. وحسب دراسة قامت بها غرفة التجارة والصناعة والخدمات بوجدة حول "ظاهرة التهريب وانعكاساتها على اقتصاديات الجهة الشرقية" فإن هناك من أصبح يتردد على مدينة بني ادرار ما بين مرتين و 18 مرة في الشهر الواحد. وأشارت الدراسة إلى أن عدد المخازن التي يباع بها الوقود تزيد عن 60 مخزنا. كما يبلغ الحجم المروج في اليوم من الوقود الجزائري المهرب ما بين 15 ألف و 20 ألف لتر يوميا ويقدر عدد العاملين بالقطاع ما بين 200 و 300 شخص، في حين يصل عدد المرتبطين بتجارة الوقود إلى قرابة نصف المليون شخص. وللإشارة، فان ضحايا سيارات التهريب من المواطنين ورجال الدرك والجمارك، الذين داستهم عجلات سيارات المهربين بالعشرات، في مختلف طرق الجهة الشرقية، خاصة في المسالك التي يرتادها المهربون، ومنها طريق بوشطاط، وطريق سيدي يحيى، والطريق المؤدية إلى النقطة الحدودية "زوج لغال"، إضافة إلى طرق أخرى توجد خارج المدار الحضري. وكانت مدينة زايو قد عرفت خلال الأيام الأخيرة مواجهة عنيفة دارت بين رجال الأمن الوطني ومهربي الوقود من القطر الجزائري بمنطقة سيدي منصور التابعة ترابيا للجماعة القروية أولاد ستوت، إذ قام مهربي الوقود برشق سيارة تابعة لمفوضية شرطة زايو بالحجارة، أثناء إصرار المصالح الأمنية على حجز سيارة تستعمل في تهريب الوقود المهرب كانت قد تعرضت إلى عطب في احد عجلاتها، وهو الأمر الذي جعل من مهربي الوقود الذين كانوا في كوكب من المقاتلات يتجاوز 30 سيارة تستعمل في تهريب الوقود عبر الشريط الحدودي المغربي الجزائري يرشقون سيارة الأمن بالحجارة إلى حين انتهاء زملائهم من تغيير عجلة السيارة المذكورة، وعدم فتح المجال لرجال الأمن بحجز سيارة التهريب التي كانت تحتوي على 80 برميلا من الوقود المهرب. وأكد مصدر بالمقاطعة الجمركية بوجدة، أن مصالح الجمارك والدرك الملكي والأمن في مختلف طرقات الجهة الشرقية، تحجز سنويا ما يفوق 2000 سيارة تهريب مزورة يكون مآلها الإتلاف والتكسير، خاصة تلك التي تستعمل في تهريب البنزين ولا تتوفر على الكراسي الخلفية، وذلك حتى لا تعود إلى الطرقات مرة أخرى، بموجب قرار اتخذ بمقر ولاية الجهة الشرقية بمدينة وجدة بحضور المصالح المعنية من جمارك ودرك وأمن ولائي وممثلي غرفة الصناعة والتجارة والخدمات وممثلي السلطات المحلية. وتعمل مصالح الأمن بولاية امن وجدة، على القيام بحملات تمشيطية في إطار المهام الموكولة للعناصر بمحاربة ظاهرة التهريب، أسفرت العمليات التي قامت بها خلال الثلاثة الأشهر الأخيرة، عن حجز 35200 لتر من البنزين الجزائري المهرب. وتجدر الإشارة، إلى أن ترويج الوقود الجزائري المهرب تحتل معه الجهة الشرقية من المملكة المرتبة الأولى على مستوى الترويج، في حين تظل معه مدينة بني أدرار بإقليموجدة المركز الرئيسي لتجارة الوقود بالجهة، بحكم موقعها الاستراتيجي القريب من الحدود الجزائرية وكثرة المسالك المؤدية لها.