مجموعة من مسؤولي مدينة الدارالبيضاء يطلقون «سيقانهم للريح» كلما اقترب عيد الأضحى المبارك، غالبيتهم تقصد الحج ، ومنهم من يعرج على ماليزيا أو اسبانيا أو غيرهما من الدول . رحلة العيد هذه لا تقتصر على مسؤولين مباشرين في تسيير الشأن المحلي وإنما تتعداهم الى بعض المقاولين أو الباطرونا في مجالات مختلفة، الهدف ليس السياحة ولا «التخشع الديني»، وإنما الهروب من الطلبات المتكررة لشراء أضحية العيد من قبل البعض! ففي الوقت الذي نجد فيه أبناء الأحياء الشعبية يقومون بجولات هنا وهناك لجمع تبرعات مالية بسيطة من البسطاء لاقتناء أضحية العيد لجار معوز أو أرملة أو أيتام، نجد بعض المسؤولين يتوجهون بالطلب الى مسؤولين آخرين كي يمنحونهم «الفدية». فمن بين «الأعراف» التي أصبحت سائدة، أن بعض رؤساء المجالس يشترون عشرات الأغنام لتوزيعها على أعضاء مسيرين معهم، وإذا ما كان هناك عضو قد تمكن من الوصول الى جميع المجالس المنتخبة ( مجلس العمالة، غرفة التجارة أو الصناعة التقليدية، مجلس المدينة والجهة.. ) سيتمكن من الحصول على خمسة أكباش دفعة واحدة، وإذا كان صوته قد ذهب لفائدة أحد الفائزين بمقعد داخل مجلس النواب أو مجلس المستشارين، فإن الحصيلة يضاف إليها كبشان آخران. هذا بالنسبة لعضو بسيط في مقاطعة لا تتعدى ميزانيتها 500 مليون سنتيم، أما إذا ما عرجنا على مسؤولين يتحكمون في بعض «القرارات» البيضاوية، فإن الأكباش التي يحصلون عليها تعد بالعشرات!! أسر لنا أحد الباطرونا ممن «فروا بجلدهم» في هذا العيد الى «غرب» الخريطة الكونية، أنه يعرف مسؤولين تحولوا الى «فلايسية كبار» بفضل هذه العملية، ذلك أنهم يتصلون بهذا المقاول وهذا الباطرون وهذا المنتخب الرفيع المستوى ، وحتى ببعض بائعي الأكباش ممن يحتاجون الى تراخيص لممارسة تجارتهم، ويطلبون منهم مدهم بأكباش، بمبررتوزيعها على الفقراء، ويشترطون وضعها في محل معين، يعينه صاحب الطلب، وبما أن هذا الأخير له مكانة إدارية رفيعة، لا يمكن أن يبعث له من اتصل بهم كبشا واحدا، بل ثلاثة وما فوق، خصوصا وأنه يبرر طلبه بمساعدة الفقراء، وحين يقصدون المحل المعين ، يجدونه يعج بمئات رؤوس الأغنام، كما يجدون حرفيين في البيع ينتظرونها!! ليكتشف المحسنون أن المسؤول الاداري ماهو سوى «شناق كبير» للأغنام يجمعها ويعيد بيعها بالثمن الذي يحلو له، محققا مكاسب مالية تحت «يافطة »: «إدخال البهجة على قلوب أفراد الأسر المعوزة بهذه المنطقة أو تلك » ! لحسن الحظ ، أن هناك مسؤولين آخرين يحرصون فعلا على أن تصل الأكباش المجمعة إلى مستحقيها من الفقراء، علما بأن مناسبة عيد الأضحى ومناسبات مماثلة تؤكد حقيقة أخرى، وهي أن التضامن والإحساس بالآخر، يظل ميزة منغرسة بالأساس داخل تربة الأحياء الشعبية، وهي خاصية نحمد الله عليها ، لأن العديد من المحسنين الكبار قد جفف «جيوبهم» بعض المسؤولين / الشناقة !