في سياق الهجوم الكاسح للإسمنت، وغزوه لكل جهات / نقط التراب البيضاوى، تعلق الأمر بالمركز أو الضواحي، أضحى التمتع برؤية مساحة خضراء، تسر الناظرين، وتدخل البهجة على الخاطر المجروح، بمثابة «معجزة» أوحلم هارب على الدوام! كيف لا، ونسبة «الفضاء الأخضر»، حسب بعض الدراسات، المخصصة لكل بيضاوي لا تتعدى مترا مربعا واحدا، بعيدة عن ال10 أمتار مربعة المفرض توفرها لكل قاطن (بيضاوي) المحدد من قبل المفتشية الجهوية للتهيئة العمرانية والبيئة والماء بالدار البيضاء «كنسبة طبيعية في تجمع سكاني من حجم عاصمة المال والأعمال والإسمنت» ! إنه معدل لايدعو إلى الاطمئنان على صحة الساكنة، تعلق الأمر بصغارها أو كبارها، خاصة في ظل تزايد الإصابة بأمراض مرتبطة بالتلوث المؤذي لجودة الهواء (أمراض تنفسية مزمنة: الحساسية، الربو ..) ... ووفق المفتشية الجهوية للتهيئة العمرانية والبيئة والماء أرقام لافتة نشرتها سابقا (و.م.ع) فإن مصدر التلوث الرئسيي داخل المدينة، آت من الصناعات المختلفة، تأتي بعدها وسائل النقل (37 في المائة) من سيارات وحافلات ... وضعية قاتمة تطرح أكثر من تساؤل، في ظل «تعثر» بعض الإجراءات والتدابير المتخذة من أجل تدارك النقائص المسجلة على مستوى الاهتمام بقطاع «المجال الأخضر» أو «أوكسجين الحياة»، كما هو حال برنامج «غرس مليون شجرة » الذي رأى النور في دجنبر 2003، والذي يعاني من البطء وغياب الصيانة ... في خضم هذا الواقع «الحالك» ، الذي يخنق أنفاس البيضاويين / البيضاويات، يجد المرء نفسه محاصرا بالعديد من الأسئلة المغلفة بغير قليل من التشاؤم، خاصة وهو يسمع تصريحا لهذا المسؤول أو ذاك، أو يقرأ مقتطفا عن «برامج قادمة سطرت على المديين المتوسط أو البعيد» تتغيا «إحداث حديقة في تراب هذه المقاطعة، أو توسيع مساحة أخرى، أو ترميم وإصلاح مسالك خضراء تقع بتراب مقاطعة ثالثة...»، تشاؤم مرده إلى الخيبات المتكررة التي رافقت «مشاريع» تحدثت تصاميمها عن «توفير مساحات مهمة للمساحات الخضراء» باعتبارها «مرافق حيوية» داخل المجمعات السكنية المستحدثة في العقد الأخير، قبل أن ترتدي، بجرة «قرار نفوذي» لبوس الأسمنت وما يعنيه من وأد لكل حلم بإمكانية استنشاق هواء صحي، باعتباره أول نافذة مطلة على «الحياة الكريمة»!!