عديدة هي الحرف الموسمية التي تظهر خلال أيام عيد الأضحى، فمن بائعي «الجلبانة» (كلأ الخروف) إلى بائعي الفحم والذين يقومون بحشذ السكاكين.. انتشروا في الأحياء الشعبية وبالضبط بالأزقة قرب منازلهم أو في مقدمة الزقاق أو على مقربة من المحلات التي استأجرت من طرف باعة الأكباش. عبد الله (45 سنة أب لطفلين) يرى أن «المناسبات مصدر رزق مضمون ولو أنه موسمي، إلا أن فترة عيد الأضحى تجلب لي مدخولا مهما، فأنا تاجر مناسبات، في هذا الوقت غالبا ما أخرج بضاعتي ولا أعيدها معي. أستغل الرصيف أمام منزلي لكي أضع بضاعتي، وما بعد العيد، أعود للاشتغال في بيع وشراء أي شيء» . و بجولة في أحد الأحياء الشعبية صادفنا شابا في سن العشرين، نصب خيمة صغيرة بالزقاق الذي يسكنه ووضع فيها «الجلبانة» ، كان عاطلا عن العمل قبل هذه الفترة بعد أن غادر مركز التكوين الذي كان يدرس به «انقطعت عن الدراسة لأنني في حاجة للعمل، لكن لا أجد عملا إلا في مثل هذه المناسبة، بعد ذلك سأعود للمنزل أنتظر حتى تأتي فترة «عاشوراء» لأن هذا هو حالي» . وخلال جولتنا لم نصادف الشباب والكهول فقط، فهناك أطفال استغلوا هذه الفترة، ومنهم أسامة في سن الثانية عشرة، تلميذ الأولى إعدادي، من عائلة متوسطة الحال، قال: «أنا أحب التجارة وأرغب في الحصول على بعض النقود، حتى أتمكن من دفع ثمن حصص الدعم، أبيع هذه الأكياس البلاستيكية بعد انتهاء حصصي الدراسية». أسامة كان يحمل في محفظته كتبه المدرسية الى جانب بعض الأكياس البلاستيكية التي يكثر الإقبال عليها في فترة ما قبل العيد . محمد (56 سنة) يعمل حارسا ليليا في إحدى الشركات، لكنه صباحا يتحول إلى بائع «فحم» و«جلبانة» قرب منزله بأحد الدواوير الصفيحية، بالنسبة له «لقمة العيش صعبة ، والظروف المعيشية تفرض الخروج للبحث عن مورد مالي كيفما كان مادام حلالا». إنه المنهج نفسه الذي سارت عليه خديجة وحنان ومليكة، ثلاث نسوة يقفن في مدخل أحد الأسواق يبعن الخبز، المسمن ، الحرشة ، البغرير... وعندما يقترب العيد يجمعن الطلبات من بعض نساء الحي أو من أحياء مجاورة ، من أجل إعداد كميات أكبر... ضمن الأجواء ذاتها، تبرز حرفة شحذ السكاكين و«الشواقر» التي لم تعد مقتصرة على فئة عمرية بحد ذاتها، حيث ترى شبانا إلى جانب كبار السن من ذوي التجارب، جنبا إلى جنب في مدخل هذا السوق أو ذاك... من بين هؤلاء بّا بوشعيب ، رجل طاعن في السكن( 80 سنة) قال بأنها حرفة ورثها عن أجداده مكانه الدائم هو المجزرة لكن في فترة العيد يتجول بين الدروب.... ليسوا وحدهم من يشتغلون في فترة العيد، فهناك من استعمل عربة وحمل فوقها الملح والفحم ... وأخذ يتجول داخل الأحياء باحثا عن زبناء محتملين ، فحسن 18 سنة وكريم 22 سنة، شابان ينحدران من إحدى القرى بنواحي البيضاء، لم يسبق لهما أن ولجا المدرسة، وليس لهما عمل سوى بيع الخضر والفواكه، لكنهما في فترة العيد يغيران نشاطهما ، ويركزان على بيع «الملح» و«الفحم»، والبصل و... إنها حرف موسمية تظهر كلما حلت مناسبة من المناسبات ، خاصة الأعياد الدينية ، وتختفي في انتظار موعد آخر يستوجب الدخول في «مغامرة » تجارية جديدة ...