يشرفني أن أتدخل باسم الفريق الاشتراكي في مناقشة الميزانيات الفرعية التي تدخل في اختصاص لجنة الداخلية واللامركزية والبنيات الأساسية مركزا على عدد من القضايا التي تتصدر اهتمامات المواطنين في المرحلة الراهنة. في ما يخص قطاع الداخلية، وبعد أن خصصنا جزء هاما من مداخلة فريقنا في المناقشة العامة لمشروع القانون المالي للقضايا السياسية التي تدخل في اختصاص هذا القطاع، نركز اليوم على قضايا ذات طابع تقني وإداري واجتماعي. ويتعلق الأمر في المقام الأول بالأمن واستفحال الجرائم وانتشار بيع المخدرات مع ما لذلك من انعكاسات اجتماعية خطيرة. وأمام استفحال هذه الظواهر نطالب بتكثيف دوريات الأمن وتحسين ظروف عمل العاملين في هذا السلك، وخاصة بإخراج النظام الأساسي الخاص بهؤلاء إلى حيز الوجود. ونطالب باعتماد سياسة القرب والتحري الفوري في شكاوى المواطنين التي تكتسي طابعا استعجاليا، وتفعيل الخط الهاتفي 19 أو 190 وخلق خطوط هاتفية اقتصادية جديدة لتسهيل التبليغ عن المخلين بالأمن. تعتبر وزارة الداخلية بحكم القانون وصية على مجموعة من القطاعات من قبيل النقل الحضري وتوزيع الماء والكهرباء والتدبير المفوض لجمع النفايات وأراضي الجماعات السلالية والجماعات المحلية إلخ. وفي هذا الصدد نتساءل اليوم معكم عن الخطط التي تهيئها الوزارة لمعالجة أزمة النقل الحضري خاصة في المدن الكبرى. إن ما عاشته عاصمة المملكة ، من أزمة في النقل، يجعلنا نتساءل عن المسؤول عن هذا الوضع الذي يفوت على البلاد آلاف الساعات من العمل ويتسبب في متاعب نفسية وفي توترات اجتماعية قد تتطور إلى ما هو أسوء إذا لم يتم التدخل. إننا نطالبكم بالتدخل شخصيا لتسوية هذا الملف وعدم انتظار الآجال التي أعطتها الشركة الأجنبية لنفسها لتلتزم بدفتر التحملات ونطلب منكم استباق الأمر لتلافي نفس الوضع في مدن كالدارالبيضاء وغيرها. وفي ما يخص أراضي الجماعات السلالية التي تعتبر وعاء عقاريا هاما بالنسبة للمغرب، نطالب باستغلاله وإعطاء الأولوية لذوي الحقوق في ذلك، وحثهم على التنظيم في جمعيات وتعاونيات، وإجبار المستثمرين على الالتزام بدفاتر التحملات وتخصيص جزء من المشاريع التي ينجزها الاغيار لذوي الحقوق. وفي هذا الصدد نثمن التوجه إلى تمكين النساء السلاليات من حقوقهن في الاستفادة من الأرض. تعيش المدن حيث العمل بالتدبير المفوض لقطاعي الماء والكهرباء حالة قلق وتساؤل دائمين جراء المزاجية التي تطبع تسعيرة هذين القطاعين الحيويين. وحيث أن الأمر يتعلق في المجمل بشركات أجنبية فإننا نتساءل عما الذي، يحول بين المصالح الإدارية واتخاذ قرارات عقابية في حق هذه الشركات. فعلى حد علمنا مثلا لم يتم اعتماد أي زيادة في أسعار الماء والكهرباء من جانب البائعين بالجملة أي المكتب الوطني للماء والكهرباء فيما تلجأ هذه الشركات إلى رفع الأسعار وآخرها ما ورد في بعض الصحف بشأن الزيادة في هذه الأسعار بالدارالبيضاء. حماية للمستهلكين ولقدراتهم الشرائية، وإعمالا للمقتضيات الواردة في دفاتر التحملات والتدبير، نتطلع إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد أي إخلال بالالتزامات المتفق عليها. نعتبر أن الجماعات المحلية في حاجة إلى المواكبة التقنية والمالية لتحقيق برامجها التجهيزية والاجتماعية. وفي هذا الصدد نسجل الخطوات الأولى التي أقدمت عليها الوزارة على هذا الطريق إلا أننا نشدد على أهمية مراقبة صرف المال العام وإصدار العقوبات الملائمة في حق المتلاعبين بتدبير الجماعات. في ما يخص الإسكان والتعمير والتنمية المجالية، نود التذكير بأن تعبئة العقار العمومي والخاص بعد نزع ملكيته وتفويته للمنعشين العقاريين ورصد اعتمادات هامة من ميزانية الدولة وتقديم تسهيلات ضريبية كانت من الأهداف التي يتوخى منها: 1 - محاربة السكن غير اللائق، توفير منتوج اجتماعي. 2 - وتنويع عرض السكن للحد من ارتفاع الأسعار 3 - وتوفير سكن لفئات اجتماعية متنوعة (الطبقات الصغرى والمتوسطة). واليوم بعد كل هذا المجهود العمومي نتساءل أين نحن من هذه الأهداف، ماذا تحقق منها؟ ما هي أسباب تعثر بعض البرامج؟ إن الواقع اليوم يدل على مفارقة كبرى: هناك إمكانيات عمومية ترصد للقطاع مقابل استمرار النقص في العرض. فالأسعار لم يتم التحكم فيها من خلال هذه السياسة وبلغت مستويات خيالية كادت تؤدي إلى كارثة . إلى ذلك فإن النتائج المحققة في محاربة مدن الصفيح لا تدعو إلى الارتياح. و في تقديرنا أيضا فإن مشروع السكن الاجتماعي منخفض التكلفة (140 ألف درهم) لم تتضح آفاق بعد إلا في بعض المدن وبعض الحالات، وخاصة بسبب عدم إقبال الشركات العقارية عليه، على الرغم من الإغراءات والتحفيزات الهامة المقدمة في إطاره. إشكال آخر يتمثل في الجودة. فاللهث وراء الربح وحيازة العقار الذي تعده الدولة والمضاربات تجعلنا نطرح وبحدة إشكالية الجودة. فالأمر يتعلق بمساكن المواطنين أي بأرواحهم وسلامتهم، والأمر يتعلق ببيئة ومحيط للحياة. لا نريد مدن عبارة عن ركام من الأسمنت المسلح ومن الأزقة المبلطة. علينا اليوم تقع المسؤولية أي مدن وأية تجمعات حضرية أو تعمير سنورثه للأجيال المقبلة؟ ورثنا عمارة جميلة وفريدة في مدننا كما في بوادينا، رياض وقصبات ومساجد وحمامات وأسوار وأبراج، فما الذي سنورثه اليوم لأحفادنا ومن سيليهم؟ التاريخ لن يغفر لنا كسياسيين إذا نحن استمرينا في هذا النزيف وفي غض الطرف عن الجودة وعن جمالية البناء والمدن لحساب الكم ولحساب توفير العرض. لدينا مسؤولية أيضا في أنسنة السكن لتلافي التوترات النفسية والاجتماعية والحقد الذي قد يتشكل لدى البعض بفعل ظروف سكن غير لائق بصيغة أخرى. تبذل الدولة مجهودا ماليا على حساب حاجيات أخرى لإعادة تأهيل وتهيئة المدن وهي برامج تتطلب اعتمادات كبرى وسهر عليها جلالة الملك. وتجنبا لتكرار المآسي الناجمة عن تدبير أمني ضيق تحكمت فيه الزبونية السياسية والفساد والرشوة جاء تصور المخطط الوطني لإعداد التراب الوطني والمخططات المجالية الجهوية والمحلية. وفي إطار ذلك أيضا كانت فكرة المدن الجديدة. المجهود العمومي لجهة التمويل وتوفير العقار لا يوازيه توازن القطاع الذي تشوبه اختلالات في التدبير المجهود العمومي لجهة التمويل وتوفير العقار لا يوازيه توازن القطاع الذي تشوبه اختلالات في التدبير حيث يصنف في المرتبة الأولى مغربيا من حيث انتشار الفساد والرشوة (حسب البحث الأخير لمنظمة الشفافية trasparency internationale) والذي صيغ على أساس بحث ميداني واستشارات واستجوابات مع الفاعلين في القطاع (رجال أعمال والمنعشون العقاريون). القطاع أيضا يتصدر القطاعات التي تتميز بالضبابية في المعاملات (ظاهرة المبالغ المسبقة غير المصرح بها)، اغتناء في ظروف غير شفافة وفي أوقات قياسية بالنسبة للبعض. القطاع يتميز أيضا بالمضاربة والمنافسة غير الشريفة بسبب ضعف الأخلاق المهنية لدى بعض المتعاملين وبسبب انعدام روح المسؤولية لدى بعض المسؤولين . في هذا السياق ما يزال الرأي العام ينتظر معلومات في ما يخص إقالة مسؤولين سامين في وزارة الإسكان وفي وزارة الداخلية على خلفية إفشاء سر مهني وعلم مسبق. جاءت هذه السياسة في إطار التخفيف من الضغط السكاني والاكتظاظ الذي تشهده المدن الكبرى مع ما يلازم ذلك من مشاكل . وجاءت أيضا في إطار رؤية مجالية تروم خلق أقطاب حضرية جديدة بمواصفات القرن الواحد والعشرين من حيث البناء والتجهيزات والخدمات ومن حيث احترام البيئة إلخ...إلا أن التعثر الذي تشهده بعض هذه المدن يثير عدة أسئلة تتعلق بالأهداف المحققة، وبالجودة وبمدى انسجام البناء في هذه المدن مع العمران المغربي، إذ الأمر يتعلق بمسألة الهوية، وبمستوى جودة البناءات والتجهيزات والمرافق العمومية، هل يتم بالفعل اعتماد المعايير التقنية للبناء؟ أسئلة أخرى نعيد طرحها وتتعلق بمعيار إسناد امتياز إنجاز مشاريع بهذه المدن التي عبئ لإنجازها العقار العمومي. من هي المجموعات التي أسند إليها مغربية وأجنبية؟ وبأي سعر حصلت على هذا الامتياز؟ هل تيسر احترام مبادئ وقيم المنافسة الشريفة. و هل يتم التحري والتأكد من القدرات المالية ومن مصداقية الأشخاص والمقاولات التي اسند لها الامتياز، خاصة الأجنبية منها قبل أن يتم التعامل معها؟ أتحدث هنا عن امتياز لأن الأمر بالفعل يتعلق بمعاملة تفضيلية. ما هي نسبة وفاء المقاولات بالتزاماتها إزاء الدولة وإزاء الزبناء في ما يخص احترام آجال الإنجاز؟ والأساسي ما هو موقف ومكانة وسلطات المرفق العمومي المشرف على تدبير إنجاز المدن الجديدة، أي وزارتكم ومجموعة العمران، في مراقبة سير الأشغال وفي الحرص على ضمان الحد الأدنى من الجودة وفي احترام معايير البناء، ولكن أيضا ما موقفها وموقعها في حالة إخلال الشركات بالتزاماتها في ما يخص الآجال. على من تقع مسؤولية عدم احترام الآجال في ما يخص بناء المرافق والتجهيزات العمومية (الطرق والمدارس والمستشفيات والمرافق الإدارية حتى لا نقول المعاهد العليا والجامعات كما هو منصوص عليه في الوثائق الرسمية الخاصة بهذه المدن، إذ الأمر يتعلق بمرافق حيوية وملازمة للسكن. في ما يخص قطاع التجهيز والنقل، تزداد أهمية القطاع بتطور الأنشطة الاقتصادية والنمو السكاني وحركة التمدن ، فهل يساير القطاع الحاجيات المتزايدة للمجتمع وللفاعلين في القطاع . على الرغم من التطور الحاصل فإن عدة مشاكل بنيوية ماتزال تعرقل عصرنة قطاع النقل ومنها : 1) على الرغم من سياسة التحرير فإن العمل برخص النقل الذي يعتبر تجسيدا لمجتمع الريع والاتكالية ويناقض مفهوم حرية وروح المبادرة مازال مستمرا. لا يعقل في شروط العولمة وفي مغرب القرن 21 أن تستمر ظاهرة الامتيازات الخدماتية. وإذا كنا نسجل المجهود المبذول في نقل البضائع فإننا نثير الانتباه إلى أن هناك إشكالات حقيقية تطرحها هذه المأذونيات (لاكريمات) في قطاع نقل الأشخاص، مما يستدعى التحلي بالجرأة ووقف هذا الشكل من الامتيازات الذي ينطوي على الزبونية . 2) إلى ذلك يتعين تشديد المراقبة على حظيرة النقل حيث إن نسبة كبيرة من حافلات النقل بين المدن وشاحنات النقل الكبير مهترئة وتتسبب في التلوث وفي حوادث السير وتزهق الأرواح . ومرد ذلك في جزء منه إلى عدم إعمال القانون بتوقيفها. 3) كما يتعين الاهتمام بالعنصر البشري العامل بالقطاع حيث يسود الاستغلال في أبشع صوره ، فلا احترام لأوقات الراحة ، ولا للمدة المحددة للسياقة ، مما يخلق حالة من القلق الدائم ومن الاضطراب تتسبب في حالات عديدة في حوادث سير مميتة ، حيث يكون القتل جماعيا . إن المطلوب تفعيل القانون واستعمال المراقبة الآلية للحافلات والشاحنات، ومحاربة الرشوة على الطرق. وفي ما يخص التجهيز والأشغال العمومية، نعتبر أن الدولة وفرت لهذا القطاع اعتمادات هامة عبر عدة قنوات ، وقامت بإنجازات نعتز بها وهو اليوم يدبر أهم الأوراش المهيكلة في المغرب : طرق سيارة موانئ مطارات . هذا المجهود العمومي الذي تضاعف خلال عشرية تولي جلالة الملك محمد السادس الملك ، من المفروض أن توازيه ، وأن يدبر بعقلية القرن الواحد والعشرين لجهتين: 1 ) جهة الجودة ، لأننا نلاحظ أن العديد من المنشئات ( طرق قناطر إلخ ) لا تنجز بالجودة المطلوبة ولا يتم فيها احترام معايير الجودة ودفاتر التحملات ، هذا أمر يقف عليه المواطن العادي المستعمل للطريق أو للمرفق العمومي . 2) جهة الشفافية والمنافسة الشريفة في إسناد الصفقات . فثمة مقاولات بعينها نلاحظ أنها المستفيدة على نطاق أكبر من إنجاز للصفقات . وسؤالنا هو: متى سيتم إعطاء الفرصة للمقاولات الجديدة والصغرى لتستفيد من الصفقات حتى تتمكن من التوسع ؟ إننا إذ ننوه بما هو إيجابي ونطالب بتحسين ما يجب تحسينه، نتساءل معكم عن الأوراش الكبرى ونخص بالذكر القطار السريع (TGV ) طنجة الدارالبيضاء وإننا مع كل ما يطور التجهيزات الأساسية ببلادنا وعصرنتها لكن هذا الخط السريع للقطار سابق على تجهيزات أساسية في مجال النقل لبعض المناطق النائية هل كلفته العالية تلائم الظرفية ؟ هل هو أسبقية لا من حيت المجهود المالي والطاقي؟ الملك العمومي خاصة البحري 1) تعاني بلادنا من السطو على الملك العمومي خاصة البحري منه. فعلى امتداد الشواطئ المغربية ثمة سطو على الملك العام البحري وخوصصته حتى أن المواطن أصبح لا يجد ممرا أو فضاء يستعمله للاستجمام . 2) نهب الرمال ، السيد الوزير ، رمال الشواطئ ورمال الوديان والشعاب ، هذا ملك عمومي ويتم الإفراط في استغلاله وسرقته ، وهو ما يهدد التوازن البيئي فأية إجراءات لوقف هذا النزيف؟ في ما يخص مراكز تسجيل السيارات، نلاحظ أن المكننة المعتمدة لم يوازها تطوير لباقي البنيات بما فيها بنيات الاستقبال والظروف المكانية لعمل الموظفين ، إذ تترك سلطة اختيار المكان للمسؤولين الإقليميين مع ما يلازم ذلك من مزاجية وزبونية . في ما يخص المياه والسدود ، مكنت السياسة التي نهجها المغرب منذ الاستقلال في مجال تعبئة الموارد المائية من تجنب الانعكاسات الوخيمة لظاهرة الجفاف وخاصة من خلال سياسة السدود. وعلى الرغم من الأهمية الإستراتيجية التي تكتسيها هذه المنشآت المائية في تأمين الاحتياطي المائي والمساهمة في الأمن الغذائي وفي النشاط الاقتصادي إلا أنها لا تحظى بالعناية التقنية الضرورية في ما يرجع إلى إزالة التوحل والصيانة . ويكون من نتائج ذلك تقليص القدرات الاستيعابية للسدود مما يعني فقدان موارد مائية هامة وعجز المنشآت المائية عن القيام بدورها في الحماية من الفيضانات، وما زلنا في مجلس النواب نتطلع إلى معرفة: - حجم التوحل في السدود المغربية ومدى احترام المعايير التقنية والجدولة الزمنية لإزالة الأوحال من السدود. -و الاعتمادات المالية المرصودة لأشغال إزالة الأوحال من السدود.