في الثالث والعشرين من أبريل الماضي تم التطرق في اجتماع للاتحاد الأوروبي للعلوم الجيولوجية في فيينا، والذي خصص لمناقشة مصادر الطاقة الشمسية، لمسألة وضع الألواح الشمسية على واحد في المائة فقط من مساحة الصحراء المغربية من أجل تلبية احتياجات الطاقة الكهربائية في جميع أنحاء العالم. ورغم كون الفكرة، في ذلك الوقت، غير عملية نظرا لعدم القدرة على نقل أو خلق تراكم الطاقة ، لكنه يدل على إمكانات الطاقة الشمسية للمساعدة في الحد من الاعتماد على الطاقة «الملوثة». ومع ذلك، فإن ذلك الاقتراح يظل قابلا للتطبيق و ذلك بإنشاء محطات الطاقة الشمسية على امتداد منطقة شمال إفريقيا التي من شأنها تحويل جزء من إنتاجها الى أوروبا عبر خطوط التحويل عالية الجهد. إنشاء هذه الشبكة سوف يكلف نحو 40 مليون يورو ، ويمكن أن تصبح واحدة من الفرص الحقيقية لتنويع مصادر الطاقة في القارة وتحقيق نقل فائض الطاقة المتجددة المنتجة في جزء واحد الى أوروبا. وفي وقت سابق من شهر أكتوبر الماضي، حل العالم الفيزيائي الألماني غرهارد ني بالمغرب من أجل تقديم معلومات وافية للحكومة المغربية بشأن مشروع استغلال الصحراء لتزويد أوربا بالطاقة الشمسية. وكشف غرهارد، أحد أبرز المتحمسين للمشروع وأكبر المدافعين عن فكرة التخلي عن مصادر الطاقة الأحفورية، أن الأمر يتعلق بمشروع عملاق يروم توفير الطاقة لأوربا اعتمادا على ألواح شمسية عملاقة يتم تثبيتها في صحارى شمال إفريقيا، وقد يمتد ذلك ليشمل حتى شبه الجزيرة العربية، بقيمة مالية ضخمة تصل إلى حوالي 573 مليار أورو، ليكون بذلك أكبر مشاريع الطاقة الشمسية في العالم، حيث سيتم إنشاء حقول شاسعة من الألواح الشمسية، سيتم استغلالها لتسخين المياه، التي ستعمل بدورها عندما تبلغ درجة الغليان بتشغيل محركات خاصة بتوليد الكهرباء، ونقل هذه الطاقة إلى دول شمال إفريقيا ثم إلى أوربا. ويرى أنصار المشروع، وجلهم من المؤسسات المالية والشركات الصناعية الألمانية، أن من شأن مشروع من هذا القبيل أن يضع أوربا في منأى عن الدخول في أية مواجهات وصراعات قد تخلفها التغيرات المناخية التي يشهدها العالم، كما سيمكن دول شمال إفريقيا وأوربا من خفض حجم الانبعاثات الغازية الناجمة عن استعمال مصادر الطاقة الأحفورية. وفي المقابل، فإن أبرز منتقدي المشروع يتخوفون من نشاطات الجماعات المتطرفة بالصحراء، وإمكانية إقدامها على إتلاف أنابيب الربط، التي تصل تكلفة الواحد منها مليار دولار. كما يحذرون من العواصف الرملية بالمنطقة، والتي ستكلف المشروع مصاريف إضافية من أجل تخليص الألواح الشمسية من الرمال التي ستعلق بها، هذا إلى جانب صعوبة نقل المياه إلى منطقة المشروع، لأن المشروع كله يعتمد على تسخين المياه لوليد الكهرباء. ومن شأن الزيارة المرتقبة لغرهارد نيم إلى المغرب أن تمنح المغرب تصورا أكبر للمشروع، سيما أن الجزائر قدمت شروطا للموافقة على المشروع من خلال عدم موافقتها على مجموعة من الشركات التي عبرت عن رغبتها في المساهمة في المشروع. ولقد باشر المغرب فعلا أولى الخطوات من أجل نقل المشروع من حيز الدراسة إلى التنفيذ، حيث تم في وقت سابق من هذا الشهر تقديم مشروع استغلال الطاقة الشمسية بالصحراء، والذي سيكلف تسعة ملايير من الدولارات، وسيوفر 38% من احتياجات المغرب الطاقية بحلول سنة 2020. وسيتم تمويل هذا المشروع الوطني من طرف الدولة وكذا من لدن جهات خاصة، مما يجعله يندرج في إطار الاستراتيجية الطاقية الجديدة التي تم وضعها بتوجيهات ملكية سامية، والتي تولي أولوية بالغة لتنمية الطاقات المتجددة والتنمية المستدامة. كما أن هذا الاستثمار الطاقي سيمكن المغرب من الحصول على طاقة نظيفة ستتيح له التقليص من استيراد حاجياته من الطاقة بتوفير مليون طن من المحروقات الأحفورية سنويا مما سيؤدي إلى تجنب انبعاث ما يناهز ثلاثة ملايين وسبعمائة ألف طن من غاز ثاني أوكسيد الكاربون. ومما لا شك فيه أن المغرب يستفيذ في هذا الإطار من مجموعة من المقومات بما في ذلك مؤهلات البلاد الضخمة من الطاقة الشمسية من خلال إشعاعها الذي يفوق خمسة كيلوواط/ ساعة في المتر المربع يوميا على مدى 3000 ساعة سنويا. إلى جانب الموقع الجغرافي الاستراتيجي الذي يضع المغرب في صلب ملتقى طرق طاقية عالمية تؤهلها لأن تكون مركزا رئيسيا في المبادلات الكهربائية المتنامية بين بلدان البحر الأبيض المتوسط، فضلا عن انخراطها في مشاريع ذات بعد إقليمي، من قبيل المخطط المتوسطي الشمسي، ومشروع «ديزيرتيك»، والتي تشجع على تقوية التفاعل بين مشاريع إنتاج الطاقة الشمسية انطلاقا من الصحراء بشمال إفريقيا ونقلها إلى أوربا، اعتمادا على حقول شاسعة من الألواح الشمسية العملاقة.