حذر الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي مما أسماه «الهاموش اللغوي»، ويقصد به تلك الجمل المتكررة، المحفوظة، التي تحتل لغة الكتابة ولغة الحديث اليومية. وقال في الندوة التي نظمها قسم اللغة الانجليزية بآداب القاهرة، إن أشعار العديد من كبار الشعراء في مصر والوطن العربي لا تخلو من هذا «الهاموش»، وضرب نموذجا بالشاعر نزار قباني الذي رأي في شعره السياسي إعادة طرح لشتائم المقاهي بعد صياغتها موزونة ومقفاة. ونقل عن البرغوثي قوله أن شعر نزار قباني في الغزل يتسم بتكرار المفردات، موضحا أنه إذا ما توقع القارئ ما سيقوله الشاعر، فهذا ليس بشعر، كما أن الكاتب الذي يستسهل كتابة جملة محفوظة، هو كاتب كسول لا يكدح لإكساب لغته القدرة على إحداث الدهشة. وأشار إلى أن كل الكلمات قيلت من قبل، لكن الفنان والشاعر والكاتب العظيم هو من يجعلك تقرأ هذه الكلمات وكأنك تراها للمرة الأولي، وكما يقول فإن «اللغة ليست مجرد أداة تعبير، لغتي هي أنا، ونحن نحيا في حالة من التلوث اللغوي». وحول تعريفه للأدب المقاوم، قال البرغوثي إن الأدب المقاوم ليس هو الأدب الذي يهتف ضد العدو، أو بسقوط الديكتاتور، بل هو الأدب الذي يصنع لغة مختلفة، تهز الثابت، وتبشر بالتغيير، وتهدد الركود والثبات . وأكد البرغوثي أن «الاعتيادية بوابة العبودية»، موضحاً أن اعتياد مشاهد القتل وتراكم القمامة، واعتياد الظلم، وتحويل الاستثنائي والطارئ إلى عادي هو الطريق الذي يلجأ إليه كل عدو في الداخل أو الخارج، كي يصنع من الناس ذواتاً متشابهة، تقبل بالظلم، وتأنس إليه. علما أنه قد عقدت الندوة لمناقشة كتاب البرغوثي «ولدت هناك.. ولدت هنا» الجزء الثاني من سيرته الذاتية، التي صدرت تحت عنوان «رأيت رام الله».