يعد الطيب منشد من المناضلين الذين رافقوا العديد من قادة الاتحاد، واولهم الشهيد عمر بن جلون، الذي يكشف لنا الطيب عنه جوانب خفية، انسانية وسياسية ونقابية. كما أنه يعود بنا الى تفاصيل أخرى تمس الحياة النقابية في بلادنا وكل مخاضاتها، باعتباره شاهدا من الرعيل الأول، ومناضلا ومعاصرا للمخاضات التي عرفتها الساحة الاجتماعية. هناك اشياء كثيرة أخرى، ومواقف عديدة تكشفها ذاكرة الطيب لأول مرة.. إن الظروف التي بدأ التحضير خلالها للمؤتمر السادس، كانت ظروفا صعبة بالنسبة للحزب، فخلافات القيادة وانعكاساتها على الاقاليم وعدم الاهتمام بالقطاعات، والدخول للحكومة دون وضع خطة لتدبير اوضاع الحزب، كل هذه العوامل ساهمت في تدهور الوضعية التنظيمية للاتحاد. واذا اضيف الى ذلك عودة المجاهد المرحوم الفقيه البصري الى المغرب، والتباينات حولها، فإن الوضع داخل الحزب اصبح اكثر تعقيدا. في ظل هذه الاوضاع المتدهورة، تقرر التحضير للمؤتمر السادس وتكوين لجنة تحضيرية للقيام بهذه المهمة وبخلاف المعمول به في المؤتمرات السابقة، حيث اللجنة التحضيرية تتكون من اعضاء اللجنة المركزية وفعاليات واطر حزبية تقترح لهذه الغاية. وإن اللجنة التحضيرية للمؤتمر السادس شكلت فقط من اعضاء اللجنة المركزية الراغبين في ذلك،وواضح ان السبب يرجع لعدم قدرة المكتب السياسي علي التوافق بشأن لائحة للاطر والفعاليات الحزبية تقدم كمشروع للجنة التحضيرية، وطبق المثل القائل (كم من حاجة قضيناها بتركها). اللجنة التحضيرية هيكلت نفسها بالتوزع على عدة لجن، وكل لجنة انتخبت مسؤوليها وشرعت في العمل، وإذا كان من الصعب علي ان اعطي نظرة عن سير كل اللجن، فسأقف عند ما قامت به لجنة الاداة الحزبية، او (لجنة التنظيم)، هذه اللجينة التي استقطبت بالاهتمام، وانخرط فيها العشرات من الاعضاء (حوالي 70فردا)، هذه اللجنة فتحت نقاشا نظريا حول اوضاع الحزب التنظيمية، واستعرضت مراحل تطور التنظيم الاتحادي منذ مذكرة الشهيد عمر (1965) والعلاقة بين التنظيم وتصريف الخط السياسي، كما عمدت اللجنة الى تشخيص المعوقات التي يعاني منها تنظيم الحزب مجاليا وعموديا، ووقفت عند بعض المظاهر الايجابية ثم توجت هذا النقاش العام باعداد ورقة عامة عكست كل الآراء والمقترحات التي قدمت قبل الشروع في مناقشة هذه الارضية، حدث تطور داخل المكتب السياسي حول توسيع اللجنة التحضيرية، حيث اتفقوا على مبدأ التوسيع واوكلوا للاخ محمد جسوس، وعبد المجيد بوزوبع تحضير لائحة متوافق عليها. وعند عدم التوافق تم اعطاء الصلاحية لكل من الاخ محمد اليازغي والاخ نوبير الاموي بتقديم قائمة تضم عشرين فردا، لكل واحد منهما، واجتمعت اللجنة المركزية (يوم سبت) وصادفت بدون مناقشة على القوائم لانها على علم بظروف المكتب السياسي، على ان يتوزع الاعضاء والعضوات الجدد على اللجان الفرعية التي يريدون العمل داخلها. وفي اليوم الموالي كان هناك اجتماع على الاقل للجنتين هما السياسية والتنظيمية، صباح ذلك اليوم جاء اعضاء لائحة من اللائحتين جميعا، دخلوا كلهم الى اللجنة السياسية حيث ارغموها على توقيف اشغالها بحجة ان على اللجنة التحضيرية ان تجتمع بعد التوسيع لإعادة هيكلة نفسها، وعندما اوقفت اللجنة السياسية اجتماعها، دخلوا جميعا الى القاعة التى تجتمع فيها الاداة الحزبية، وبدأوا في حملة تستهدف توقيف اجتماعات اللجنة، وقد ووجهوا بموقف قوي من طرف مكتب اللجنة وغالبية اعضائها، الا ان التدخل الذي حسم الموقف وجعل الملتحقين يتراجعون عن موقفهم، هو تدخل المناضل الاستاذ محمد الصبري الذي طلب من الملتحقين اما ان يشتغلوا داخل هذه اللجنة او يلتحقوا باللجن الاخرى طبقا لقرار اللجنة المركزية. وبعد ان هدأ الجو، اخبر الجميع ان اللجنة تتوفر على ا رضية للعمل، وعلى الاخوان الذين يتوفرون علي أوراق في الموضوع ان يقدموها، وتبين أن هناك ثلاث اوراق: ورقة اللجنة التحضيرية وورقة مقدمة من الاخ محمد الحلوي، ومذكرة مقدمة من الاخ خالد السفياني، لكن هذه المذكرة خلقت اشكالا، فهي موجهة من الاخ خالد ومجموعة من اعضاء اللجنة المركزية الى اللجنة التحضيرية، فاصبحت مذكرة من خالد السفياني الى لجنة الاداة الحزبية، وهكذا قدم الاخ السفيان لهذه الارضية، وقدم الاخ محمد الحلوي ورقته، وقدم الاخ ادريس لشكر مقرر اللجنة ارضية لجنة الاداة الحزبية. و بعد ان انتهى النقاش في الاوراق الثلاث: اقترحت على اللجنة الاتفاق على لجنة صياغة الى جانب المقرر ونائبه والرئيس ونائبه لصياغته ارضية موحدة على ضوء الاوراق الثلاث، والملاحظات والاقتراحات الواردة عليها، وخصوصا ان الكل سجل بالصوت والصورة. على أن يتم ذلك خلال ثلاثة اسابيع، وفعلا اجتمعت اللجنة بعد انصرام المدة المذكورة، فقدمت لجنة الصياغة ارضية موحدة اخذت باهم مافي الاوراق، واهم الملاحظات والاقتراحات، وقد اشاد الجميع بهذه الارضية الاولية، و بانفتاحها على كل الاراء والمقترحات: انتقلنا لمناقشتها فقرة فقرة، وكل فقرة كانت تنتهي بالاتفاق من طرف الجميع، واستمر هذا التوافق داخل اللجنة الى حين انجازها لمهمتها كاملة باعداد مقرر تنظيمي، حيث عرض عليها للمصادقة عليه قبل عرضه على أنظار اللجنة التحضيرية، هنا سيقع خلاف بين اللجنة وبعض الاخوة، والامر يتعلق بمسألة تدبير الاختلاف، فالمبدأ متفق عليه بالاجماع. حصل الخلاف حول زمن التنفيذ بين الغالبية الكبيرة التي تقول «يجب ان يصادق المؤتمر على المبدأ اولا، ثم يشرع في تنظيم الخلاف حسب ما ينص عليه المقرر بعد المؤتمر»، وبين الاخ خالد السفياني وبعض الاخوة الذين قالوا ان التطبيق يجب ان يكون قبل المؤتمر.