احتفت فعاليات فكرية وأدبية يوم السبت، بفاس، بالناقد والمفكر المغربي محمد مفتاح، بصفته علما أدبيا مغربيا كبيرا، تترجم أعماله مشروعا نقديا رائدا في مسار تطوير الدرس الأدبي بالمغرب والعالم العربي. ولقد برز ثراء عطاءات الدكتور محمد مفتاح من خلال مداخلات المشاركين، في اللقاء الذي نظمته «حلقةالفكر المغربي» و«محترف الكتابة بفاس»، في جولاته الخلاقة عبر جغرافية النص الأدبي بشكل منفتح وبانضباط علمي صارم، وكذا في كسره للحواجز بين العلوم الانسانية والعلوم البحتة أثناء محاولة استنطاق جماليات النص. ولاحظ الناقد سعيد يقطين أن مؤلفات المحتفى به ظهرت في عز تحولات الدرس النقدي العربي، وجاءت صعبة التناول، فلم تلق في البداية التقدير والاهتمام اللازمين، قبل أن تكشف التحولات النقدية أهميتها وتجددها وريادتها في تطوير القراءة النقدية العربية. وسجل سبق الكاتب الى استخدام الأشكال والخطاطات التي تعد من صميم العمل العلمي. كما رصد في مؤلفاته ذخيرة حية من المفاهيم والمصطلحات الجديدة أو المولدة. واعتبر يقطين أن مشروع مفتاح، الذي جمع بين شخصية الناقد والسوسيولوجي والباحث التاريخي والأنثروبولوجي، يشكل خلفية لانطلاق مسيرة جديدة للدرس الأدبي واعادة النظر في العلاقة بين الابداع والتلقي. فيما رأى الناقد محمد الداهي، من جانبه، أن محمد مفتاح يشكل ظاهرة ثقافية في الساحة العربية من حيث كونه ذاتا متطورة تتفاعل مع المستجدات البحثية وتتبنى مسارا متدرجا تتفاعل فيه المناهج الوظيفية والنسقية والثقافية، وتنحو الى استيعاب مكتسبات الثقافة العالمية وتكييفها مع الواقع الأدبي والفكري المغربي والعربي. وقال الداهي إن مفتاح صاغ مشروعا نقديا مفتوحا ينطلق من رؤية باحث رصين يبحث عن التبادل وإقامة الجسور بين قطاعات المعرفة والثقافة، ويدافع عن التفاعل الخلاق بين القارئ والنص ومحيطه ضمن تعددية منهجية شاقة وفي إطار سعي الى مقاربة الظاهرة الأدبية في شموليتها. وفي كلمة باسم حلقة الفكر المغربي، أثنى الباحث سلام أحمد ادريسو على مشروع المحتفى به في سعيه إلى إنجاز مهام مركبة ومعقدة تتصل ببناء ذاكرة ثقافية جديدة تهضم مفاهيم وأسئلة الفكر الانساني. وتوقف عند جوانب الخصوبة الفلسفية والجمالية في الاستراتيجيات القرائية التي يقترحها محمد مفتاح، والتي يطبعها الشمول والسعي إلى تأصيل الحديث وتحديث الأصيل. وخلص الباحث إلى أن محمد مفتاح، المسلح بأدوات معرفية ومنهجية متعددة، يمارس بحثا علميا صامتا في إطار رؤية كونية للمعرفة تردم الهوة بين مناحي الإبداع، ما يجعل مشروعه نافذة على مستقبل النقد العربي. يذكر أن الدكتور محمد مفتاح ألف كتبا عديدة في النقد الأدبي، من أهمها: «تحليل الخطاب الشعري، استراتيجية التناص» (سنة1985)، و «في سيمياء الشعر القديم، دراسة نظرية تطبيقية» (سنة 1989)، و«دينامية النص، تنظير وإنجاز» (سنة 1990)، و«مجهول البيان» (سنة 1990)، و«التلقي والتأويل، مقاربة نسقية» (سنة 1994)، و«التشابه والاختلاف، نحو منهاجيه شمولية» (سنة 1996)، و«مشكاة المفاهيم، النقد المعرفي والمثاقفة» (سنة 2002)، و«الشعر وتناغم الكون، التخييل، الموسيقى، المحبة» (سنة 2002).