دعا المغرب من خلال رسالة لجلالة الملك محمد السادس الى إقرار حكامة تضع حدا للاختلالات التي هزت أركان النظام الليبرالي، مشددا على الحاجة الملحة الى استعادة الدولة لأدوارها الاستراتيجية والديمقراطية العصرية والمنظمة للسوق، مع تفادي الدور الشمولي للدولة. أما على المستوى الوطني، فانطلق من أن السياسة بمفهومها النبيل لم ولن تموت، لأنها من كونية الانسان، ولأنها فن الممكن، وجوهر الديمقراطية، بل إنها ازدادت ارتباطا بالناس، بتخلصها من السياسة السياسوية، وقيامها على المشاركة الواسعة والقرب والحكامة الجيدة والمواطنة الكونية. وقد أبى جلالة الملك في الرسالة الموجهة للمشاركين في المؤتمر العالمي الثاني للسياسة، إلا أن يؤكد الضرورة الملحة لتقنين وضبط اقتصادي جديد، ولإعادة النظر جذريا في التوازنات الجيو سياسية ولإقرار علاقات دولية قائمة على العدل والانضباط، ومن هذا المنظور أعلن عزم المغرب على الانخراط في هذا التوجه القوي الذي يحمل في طياته بوادر إعادة تنظيم جذري للقوى السياسية، ولقواعد العمل الاقتصادية، وللممارسات الاجتماعية، ولحركية ودينامية الافكار. تدخلات رئيس المؤتمر ورئيس المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية تييري دومونتريال أوضحت أن الهدف من اللقاء هو المساهمة في بناء الحكامة العالمية، وأن الرهان حيوي لأن عدم التحكم في التنسيق بين مختلف الدول يمكن أن يوصل الى الباب المسدود، فإن باقي المتدخلين ساروا على نفس النهج وأكدوا بدورهم على ضرورة مواجهة مخاطر انهيار النظام الليبرالي المتوحش، بوضع نظام جديد يقوم على الحوار والتسامح والتشاور وتقبل الرأي المخالف. في ظل هذا التوجه أعلن مستشار الرئيس الفرنسي جون دافيد لوفيت أن خيار التوفر على عالم متجانس ومتناغم، يقتضي التخلي عن صيغ العالم الثنائي أو الثلاثي الاطراف وتعويضه بعالم متعدد الاطراف. وبعد أن لاحظ بأنه لا خيار أمام العالم إلا التوصل، في مؤتمر كوبنهاغن المرتقب انعقاده بتاريخ 18 دجنبر، الى توافق حول مواجهة مخاطر الانحباس الحراري وانعكاساته على البيئة، أوضح أن منظومة هيئة الاممالمتحدة والهيئات التابعة لها، لم تعد صالحة لأنها غير منصفة. وللدلالة على ذلك، ضرب المثل بمجلس الأمن واعتبر أنه من غير المنطقي حصر العضوية الدائمة في الدول الحالية، بينما المنطق يقتضي إنصاف دول أخرى كالصين والهند وغيرها، ولهذا ذكر بمقتضيات المقترح المشترك بين المملكة المتحدة وفرنسا، وهو المقترح الداعي الى إقرار مرحلة انتقالية قد تتراوح بين 15 و20 سنة لإصلاح هياكل مختلف المنظمات الدولية التي أبانت عن عجزها في القيام بالمهام المنوطة بها بما في ذلك منظمة التغذية والزراعة والبرنامج العالمي للتغذية والبنك الدولي.