صدر عن مركز دراسات الوحدة العربية كتاب »عبد العزيز الدوري مكرَّما أوراق وشهادات« حلقة نقاشية. والدكتور عبد العزيز الدوري رائد في الكتابة التاريخية العربية. لقد وسّع مجال البحث التاريخي، فاهتم بما سكت عنه الآخرون. ذهب الى بحث عن وقائع الماضي، لا في ما رواه المؤرخون، إنما بحث عنها في ما لم يكن معتاداً البحث فيه. على أن مأثرة الدكتور الدوري الكبرى أنه فتح ميدانا دراسيا في البحث التاريخي، كان فيه رائداً ومرجعياً، هو التاريخ الاقتصادي. ولعل كتاب تاريخ العراق الاقتصادي في القرن الرابع الهجري يشكل نقط انطلاق مهمة، لا في مسيرة الدوري العلمية فحسب، بل في مسار حركة التاريخ العربي المعاصر، فهو بداية تأسيسية ومبكرة لحقل جديد من حقول التاريخ. وكان للدوري دور في خدمة المكتبة العربية، إذ صدر كتابه الشهير بحث في نشأة علم التاريخ عند العرب، ففيه التقاط دقيق للحلقات التأريخية المرجعية الموصلة إلى النص التاريخي المدوّن، إضافة إلى إنجازه المنهجي المتمثل في اتساع استخدامه أنواعاً متعددة من المصادر. أما في حقل التاريخ للإيديولوجيا والأفكار السياسية، فقد كتب الدوري ثلاثيته المشهورة: الجذور التاريخية للقومية العربية والجذور التاريخية للشعوبية والجذور التاريخية للاشتراكية العربية، وهي تشهد ـ بحق ـ على سيرة هذا المؤرخ المناضل، الذي عرف كيف يمزج بين الذاكرة والتاريخ ونضج ثقافته القومية في رؤية الظاهرات الاجتماعية والسياسية الحديثة. ثم جاز سجال »الجذور« وتجاوزه في نقلة معرفية تجلّت في كتاب التكوين التاريخي للأمة العربية: دراسة في الهوية والوعي، معيداً بناء الأفكار السياسية العربية، في نظرة تاريخية تكوينية وتطورية، باحثاً عن سمة الاستمرارية في فكر الأمة عند العرب. هذا الكتاب: بحلقته النقاشية والشهادات، يعكس رأي نخبة من المثقفين العرب، الذين أحبوا أن يقولوا، نيابة عن الأمة العربية، للأستاذ الدكتور عبد العزيز الدوري: شكراً. ثورة 23 يوليوز المصرية قضايا الحاضر وتحديات المستقبل صدر عن مركز دراسات الوحدة العربية كتاب »ثورة 23 يوليوز قضايا الحاضر وتحديات المستقبل/ بحوث ومناقشات الندوة الفكرية التي نظمتها دار المستقبل العربي بالتعاون مع مركز دراسات الوحدة العربية«، ضمن وقفية جمال عبد الناصر الثقافية. مر ثلاثة وعشرون عاماً، أو يزيد، منذ انعقاد الندوة الفكرية حول ثورة 23 يوليوز، قضايا الحاضر وتحديات المستقبل. وصدرت أعمال الندوة، في طبعة أولى عن دار المستقبل العربي بالقاهرة، عام 1987، في كتاب جامع، يشكل مرجعاً وافياً حول الموضوع. ولكن، لماذا يصدر مركز دراسات الوحدة العربية، هذا الكتاب، في طبعة ثانية، لعل الجواب كامن في الرسالة الأساسية التي تحملها الندوة، والكتاب الجامع لها، وما تدعو إليه من الالتزام بالمبادىء الحاكمة لمشروع النهضة العربية المستقبلي، من أجل معالجة ما استجد وما سوف يستجد من أحداث على الصعيدين العربي والعالمي. وإن مبادىء المشروع الحضاري النهضوي العربي، التي تبناها مركز دراسات الوحدة العربية لهي الرد الحقيقي على التحديات التي طرحتها أحداث ثلاثة وعشرين عاما منذ انعقاد الندوة الفكرية، وإصدار الطبعة الأولى لهذا الكتاب. ذلك هو الدافع الى اهتمام مركز دراسات الوحدة العربية بإعادة طبع هذا السِّفْر النفيس، وفق معاييره في النشر، وبإخراج جديد. لقد تضمنت أعمال هذه الندوة خمسة أقسام، عُني القسم الأول بجذور ثورة 23 يوليوز، في إطارها التاريخي، وبحث القسم الثاني في قضايا التحرر الوطني، وتناول القسم الثالث قضايا التحول الاقتصادي ـ الاجتماعي، وعني القسم الرابع ببحث قضايا الدولة والثورة، وعالج القسم الخامس قضايا القومية العربية. وجرت دراسة هذه الموضوعات عبر سبعة وثلاثين بحثاً وتعقيباً رئيسياً، واستغرقت مناقشاتها أربع عشرة جلسة عمل، وخُتمت بندوة مفتوحة أجابت عن كثير من الأسئلة الهامة والشائكة، لأنه لا سبيل إلى دخول المستقبل من باب ثورة 23 يوليوز إلا عبر إجابات موضوعية، وممارسة أمنية للنقد الذاتي، والالتزام بمبادىء المشروع الحضاري النهضوي العربي.