ماذا بقي لنا أن نقول بعد الخروج الخاطئ الجديد للمنتخب الوطني في الجولة ما قبل الأخيرة من تصفيات المجموعة الأولى؟ ماذا بقي أن يروج له كتبريرات بعدما عجز المنتخب الوطني عن تحقيق الانتصار خلال خمس مباريات؟ لقد عرت الهزيمة في مباراة أول أمس السبت عن ضعف السياسة الكروية المتبعة، وكشفت بالملموس أن الحاجة أصبحت ملحة إلى حلحلة ركام الجمود الذي رافق مسيرة كرة القدم الوطنية خلال العقد الأخير. غادر هنري ميشال وتبعه روجي لومير، وقبله رحل المكتب الجامعي بأكمله، وعوض بمكتب جديد مازال تائها يبحث في ظلام دامس عن خارطة طريق مزقتها عشوائية أناس تسيدوا على القرار الكروي، وحولوه إلى ملكيات خاصة، كل حسب دائرة نفوذه ودرجة سلطته، فكان أن جنت كرة القدم الوطنية الخيبات والنكسات. عاش الفريق الوطني خلال السنوات الأخيرة مرحلة حرجة وظل يبحث لنفسه عن مكان حتى بين منتخبات الدرجة الثانية إفريقيا، بعد أن شكل لعقود طويلة قاطرة كرة القدم القارية. ومن أجل ربح الوقت وذر الرماد في العيون، نجد المسؤولين المغاربة يهرولون وراء كل ماهو أجنبي. فبالإضافة إلى المدربين، نجد أن المنتخب الوطني أصبح يتشكل من لاعبين قادمين من خارج أرض الوطن، لاعبين تكونوا في مراكز تكوين الفرق الأروبية، بل أكثر من هذا نجد الجامعة تنهج في بعض الأحيان أسلوب الاستجداء من أجل دغدغة مشاعر لاعبين يتقنون جيدا أسلوب المساومة. فهل بمثل هؤلاء سنقهر المنتخبات القارية، ونتفوق في تصفيات تتطلب الكثير من العرق والتفاني في حب القميص الوطني. وقد لاحظنا خلال المباريات التي خاضها الفريق الوطني بأدغال إفريقيا، كيف كان اللاعبون يلهثون ويتمايلون، غير قادرين حتى على الوقوف. هؤلاء اللاعبون لم يظهروا أدنى غيرة على القميص الوطني، ولم يظهروا الرجولية في الأداء، بل نشبت الفتن وزرعت البلبلة في صفوفهم، وتفرقوا أحزابا وشيعا ( جماعة الخليج في خصام إعلامي مع جماعة فرنسا. وجماعة فرنسا تغار من جماعة هولندا، وعناصر بلجيكا تغرد لحساب آخر وهكذا دواليك!!! ). هرولت الجامعة ومنذ سنوات وراء اللاعب الجاهز، وتناست أن الأساس هو الاعتناء باللاعب المحلي، الذي يعيش الضيق والخصاص، ويجبر على الرحيل، متى أتيحت أمامه نصف فرصة إلى الاحتراف، حتى ولو كان المقابل وأد مستقبله الكروي، بحثا عن بضع ملايين يضمن بها مستقبله الاجتماعي. تناست الجامعة الأندية ورمت لها بالفتات، وخصصت الغنيمة كاملة للفريق الوطني، الذي يستنزف حصة الأسد من مالية الجامعة. إن المطلوب الآن هو تغيير الطريقة التي تدار بها كرة القدم الوطنية، ونطوي أسطورة المنتخب القادم من الخارج، ونركز على كل ماهو داخلي، من خلال الاهتمام بالأندية ودفعها للمشاركة في المنافسات القارية، حتى يكتسب اللاعب المغربي الخبرة والقدرة على الوقوف ندا قويا للاعب الإفريقي ( نموذج التجربة المصرية والتجربة التونسية الرائدة.. والجزائر بدأت الآن في اختيار نفس النهج )، فلا يعقل أن تضحي الجامعة بمقعد إفريقي، على مستوى منافسات كأس الكاف، مخصص للفريق المحتل للرتبة الثالثة، وتكتفي بمقعد واحد يستفيد منه الفائز بكأس العرش، بدليل عدم القدرة على تغطية المصاريف التي تتطلبها هذه المشاركة، رغم أن الكونفدرالية الإفريقة لكرة القدم تمنح المغرب أربعة مقاعد، اثنين في عصبة الأبطال ومثلهما في كأس الكاف. أخاف أن تطالب الجامعة بتغيير الجمهور ورجال الإعلام، بعدما وجدت أن تغيير المدربين و المسؤولين لم يجد نفعا!!.