لم يتوقف الرأي العام المحلي بإقليمخنيفرة، وبكل مكونات مجتمعه المدني، عن تداول ومناقشة فاجعة حادثة السير المروعة التي أسفرت عن العديد من القتلى والجرحى بين العشرات من المواطنين الذين تم تكديسهم كالخرفان على متن شاحنة مهترئة باتجاه ضيعة للتفاح، وبينما اعتقل السائق كان بديهيا أن يتساءل الجميع حول أمر صاحب الضيعة الذي ظل بمنأى عن المساءلة، علما بأن الحادثة المؤلمة ساهمت بقوة في تعرية ظاهرة الاستغلال البشع للنساء والأطفال في جني التفاح عن طريق استغلال وضعية البؤس والعوز التي يعانيها الكثيرون بالمنطقة. ويشار إلى أن ثلاثة أشخاص لقوا مصرعهم، يوم الثلاثاء 22 شتنبر الأخير، وأصيب العشرات بجروح متفاوتة الخطورة، في حادثة سير مروعة عاشت على إيقاعها الطريق الرابطة بين إيتزر وزايدة، إقليمخنيفرة، إثر انقلاب شاحنة من نوع بيدفورد، وهي مكدسة بالعشرات من العمال الموسميين باتجاه إحدى ضيعات التفاح، لتحدث بذلك فاجعة أخرى كان طبيعيا أن تطفو بظروف مظاهر الاستغلال الممنهجة على مستوى العديد من ضيعات المنطقة التي تعمل بأساليب إقطاعية في ظل انعدام سقف الأجور والضمان الاجتماعي والتأمين الإجباري، ولا يهمها إطلاقا غير الربح السريع والنجاح في حرب المنافسة دونما أي احترام لا للقوانين والشروط الجاري بها العمل ولا للكرامة الانسانية. وقال شهود عيان إن الحادثة نجمت عن انفصال العجلات الخلفية للشاحنة بسبب ضغوط العمل والإفراط في السرعة، إضافة إلى الحالة الميكانيكية السيئة والحمولة الزائدة، مما تعذر على السائق التحكم في السياقة لتزيغ به الشاحنة إلى حيث انقلبت بمن فيها في مشهد مفجع للغاية، حيث لقي ثلاثة أشخاص حتفهم ( عاملان لا يتعدى عمرهما ال 24 ربيعا وعاملة أم لطفل) وأصيب حوالي 66 شخصا بجروح وكسور متفاوتة الخطورة، نقل جميعهم إلى مستشفى ميدلت الذي عاش لحظتها حالة استنفار واستثناء، ومنه أحيل 26 شخصا، حالتهم جد حرجة، نحو مستشفى محمد الخامس بمكناس لتلقي الإسعافات الضرورية. المعطيات الأولية أفادت حينها أن ضحايا الحادث قد تم شحنهم على طريقة ما كان يعرف في القرون الوسطى بالعبيد أو البروليتاريا الرخيصة، نحو "ضيعة ب " لإنتاج التفاح، لتأتي الفاجعة كي تفضح بجلاء واقع الاستغلال البشع الذي يعمد العديد من ملاكي الضيعات والمستثمرين بالمنطقة إلى نهجه بالطرق التي تنتهز فرص البطالة التي يشكو منها العالم القروي بالإقليم. كما أن من عاينوا الفاجعة المتمثلة في حادثة السير سجلوا وجود أطفال أبرياء عوض أن تتم مساعدتهم على ولوج مقاعد المدارس وجدوا أنفسهم يساقون للعمل بالضيعات لعدد من الساعات مقابل بضع فرنكات لا تسمن ولا تغني من جوع، شأنهم في ذلك شأن نساء كن أيضا بالعشرات بين الجرحى وقد تم استغلال ظروفهن وفقرهن قبل استرخاص أرواحهن.