يشتغل موظفو الصندوق المهني المغربي للتقاعد ليل نهار، وباحترافية كبيرة من أجل أن يحصل صندوقهم، عن جدارة واستحقاق، على شهادة الجودة «إيزو9001 » وقد حصل الصندوق المهني المغربي للتقاعد على شهادة الجودة «إيزو9001 »، مكافأة له عن مجهوداته والخدمات التي يقدمها. وذكر بلاغ للصندوق أن حصول الصندوق على هذه الشهادة يتوج مجهوداته وخدماته التي تعتمد مبادىء التطور والسرعة والشفافية والدقة. لكن مجهودات الصندوق المهنية والصادقة لفائدة المتقاعدين تشوش عليها، من سوء الصدفة اليوم صورة المتقاعدين الذين يدخلون غمار السباق الانتخابي باسم النقابات..!!! وقد اعتدنا، من سوء العادة والألفة غير الصائبة، أن نرى المتقاعدين يتسابقون على مقاعد البرلمان من بوابة الإنتخابات النقابية. والمثال الأبرز اليوم، هو نقابة الاتحاد المغربي للشغل التي لم تجد غير المتقاعدين النقابيين، الذين لهم علاقات سِنية (المقصود عمرية) مع القيادي الأول، والمتقاعد الأول في النقابة لتقديمهم إلى مجلس المستشارين، المقرر إجراء انتخاباته في بداية الشهر القادم. والترسيم الدائم لمن تقاعدوا في مهنهم على رأس لوائح النقابات فيه سرقة واضحة وموصوفة لمستقبل الأجيال التي تعمل في النقابة. فعندما يأكل النقابي المستشار زمانه وزمان غيره، فهو يسرق المستقبل، ومنه قسط من مستقبل البلاد. كما أن الأجيال التي تتابع ما يجري، وترى السرقة تتم في وضوح النهار وباسم النضال النقابي، فإن رد الفعل المباشر لها يكون هو الهروب من المحيط الذي يتم فيه السطو الذي نشاهده... هناك اليوم في القطاعات التي همتها هذه اللاوائح، «الناقزة» لأوانها، شيوخ قدموا، ولا شك، خدمات لنقاباتهم، وربما قدموا خدمات لم يعد يقدمها أحد، لأن الزمن الذي قدمت فيه لن يعود والظروف التي تمت فيها لن تتكرر، لكن المطلوب الآن تقديم خدمة إضافية، نبيلة تليق بالسن، وهي ترك المكان للأجيال التي مازالت قادرة على العطاء. وعندما نقول العطاء فلأن هناك فعلا شبابا ومناضلين من طينة طيبة ونزيهة يقدمون هذه الخدمات.. والمؤكد هو أن الشرعية التي تقوم عليها هذه التزكيات ليست تامة، وهي في الغالب تأتي من القمة، من القيادة النقابية. ونحن نتذكر كيف أن النقابي عبد الرزاق قد تقدم، وهو غير منضوي في أي قطاع في الخدمة لكنه مع ذلك استطاع الفوز من النقابة إلى البرلمان. هناك تعليل مؤسساتي ومهني تقدمه هذه النقابات التي تلجأ إلى ذلك، مفاده أنها تدون محضرا وتسجل فيه أن السيد المستشار القادم يعمل ... في النقابة. وبمعنى آخر أن قطاعه المهني هو... النقابة، لأن لديها موظفين وبالتالي فإن لها قطاعا منتجا داخلها. بغض النظر عن تحويل النقابة إلى باطرون لديه عمال، فإن المضحك في هذه العملية هو أن يصبح الكاتب العام أو المسؤول النقابي مجرد موظف في قطاع هو رئيسه..! وبلغة أخرى، فإن المرشح للمستشارين يصبح عاملا في معمل هو ... الباطرون فيه، أو هو المقدم في مقاطعة هو .. القائد فيها، وهو أيضا كاتب الضبط في محكمة ... هو الرئيس فيها. ليس عبثا فقط ما يحصل، بل النكد و الإسفاف السياسي الممأسس..! إن الذي يقوم بهذه البهدلة للدولة لا يحتاج أن يصل إلى مجلس المستشارين ...بل يحتاج من يوقفه عند حده.. لقد بينت بعض النقابات ، وعلى رأسها الفدش، أن احترام العطاء الجيلي والمعايير والذكاء الجماعي للمناضلين الشباب قادر على تقديم صورة مشرفة عن العمل النقابي، وقادر أيضا أن «يغري» أجيالا أخرى بالعمل النقابي، لأنها ترى بأن بالإمكان فعلا للنقابات أن تكون فضاء للممارسة الراشدة، وبوابة للإنخراط الإيجابي في الشأن العام. في حين سيحتاج الجميع فعلا إلى قدرة خارقة على التنويم الذاتي لكي يؤمن بأن الإصرار على تكريس الوجوه ذاتها بعد انتهاء زمانها النقابي، يمكنه أن يكون مبررا ومقبولا. هناك عشرات المئات من المناضلين النزهاء في الاتحاد المغربي، يرابضون ويشتغلون ويصارعون المنافسين، والباطرونا وأحيانا الإدارة أو الحكومة، لكنهم اليوم في معادلة خارج الزمن، ولا يستحقون أبدا مثل هذا التعامل والإقصاء. وإذا كانت سنة عبد الرزاق الشهيرة قد مرت، فلا يمكن أن تصبح الشوهة خيارا للبلاد تحت أغلفة القانون. والحقيقة أن على الدولة أن تكون صارمة في المحاضر التي تقدم لها، عن اجتماعات، وعن توقيعات، وعن باطرونة نقابية، يتم بموجبها وضع من لا عمل له ولا قطاع له، ولا أهلية عمرية له، في عداد المرشحين أو القادرين على تمثيل النقابات. وعندما تكون الحسابات الضيقة والحلقية وراء تحويل الغرفة الثانية إلى صندوق نقابي للتقاعد المريح، فثمة بالفعل ما يجعلنا بعيدين عن جائزة الجودة، بل نحن نحصل على جائزة محجوب 9001..! وطبعا ( ما كاينش غير هوا ..)!