أثارني موقف نجم كبير أحترم تاريخه الكروي، وأفتخر كمغربي بما تركه من بصمات قديرة كلاعب سابق في المنتخب الوطني وفي فريق كان يحتل الصفوف الأمامية في البطولة الوطنية، حينما رد على طلب رئيس نفس الفريق الذي حمل ألوانه لسنوات عديدة، بالإشراف على تدريب فريقه، وهو يقول: «أعتذر.. لا أحمل أية رغبة في التدريب نهائيا»! سألت صديقي اللاعب السابق عن سبب رفضه المطلق، علما أن العرض كان مغريا، ماليا على وجه التحديد، فانتفض وأوضح:« لست مستعدا للتدريب في مثل هاته الشروط التي تعيش فيها كرة القدم الوطنية.. صحيح أن الأفق يبدو جميلا، خصوصا مع ما نسمعه من حديث عن نية رجال الجامعة تطبيق الاحتراف في الموسم المقبل، لكني مع ذلك، أجد نفسي متشائما بعض الشيء.. فالاحتراف يتطلب وجود مقومات كثيرة في مقدمتها ملاعب مؤهلة وبمواصفات عالية.. يلزمنا بناء عشرات الملاعب على مستوى عالي لنكون مؤهلين فعليا لولوج عالم الاحتراف .. وأظن بأن الأمر يبدو صعبا سيتطلب كثيرا من الوقت لتحقيق ذلك»! بدا لي الجواب مقنعا، فملاعبنا وبكل تأكيد تبدو حالتها غير مؤهلة فعليا لاحتضان مباريات أندية محترفة، ويكفي ولوج أحدها لنكتشف تأخرها الكبير عن مواكبة ما وصلت إليه ملاعب البطولات المحترفة.. ملاعبنا لا تشتكي من غياب الإنارة فقط، أو من غياب مقاعد مرقمة فحسب.. بل إنها تفتقد لأغلب المواصفات، والمرافق الضرورية.. بل إن بعضها أصبح يشكل تهديدا حقيقيا على أرواح مرتاديها ومستعمليها. الواقع أن ملاعبنا بنيت وتأسست على أنقاض ملاعب كانت مخصصة لفرق الأحياء، أو على أساس فضاءات موحشة كانت تستغل للتريض ولعب الكرة.. ما حدث هو أن هاته الفضاءات تم تسييجها بالأسوار الإسمنتية، وبمدرجات وأبواب تفتح وتغلق، ومستودعات للاعبين، دون أن يتم التفكير في بناء مرافق لراحة المتفرج، ولترفيهه، بدون أن يتم بناء مرافق طبية وصحية وأمنية كذلك! لقد فكر رجال الجامعة الجدد في تطبيق الاحتراف، ورددوا على مسامعنا وكرروا ما ينوون تسطيره في الأفق القريب.. الجميع صفق بحرارة لفكرة اعتماد نمط الاحتراف، لكن السؤال الذي سيزيد حتما من لغة التشاؤم لدى المتتبعين، هو كيف لنا بالاحتراف في استمرار الاعتماد على مثل هذه الملاعب الحالية؟ لا ننفي أن هناك ملاعب لا ينقصها سوى القليل لتصبح قابلة للتحول لملاعب مواكبة ل «الاحترافية»، لكن الأمر يتطلب أساسا، كما يتفق على ذلك العديد من المتتبعين، اعتماد «الخوصصة» في تدبير شؤونها.. وبعبارة أخرى تفويتها للأندية المعنية، بعد عقود من التدبير الجماعي الذي وضع الملاعب في سلة واحدة مع المرافق الجماعية الأخرى كالمرأب البلدي، مطرح النفايات، مرأب المتلاشيات وغيرها من المرافق التي تئن تحت وطء الاهمال واللامبالاة! وغير ذلك.. يعني أننا نسير ضد التيار!