مارك ساجمان عميل سابق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية أصبح خبيرا مستشارا لدى مصالح الاستخبارات، تابع بالتحقيق هجمات الإسلاميين في الغرب (موضوع كتاب سيصدره قريبا تحت عنوان هجمات القاعدة في الغرب»، وفي هذا الحوار يقدم ساجمان خلاصاته الكبرى، نقدمها للقارى تعميما للفائدة. { تحققون منذ سنوات حول هجمات القاعدة في الغرب، ماهي استنتاجاتكم الأولى حول تواجد وهجمات الجهاديين في أوربا وأمريكا الشمالية؟ > منذ تأسيس القاعدة سنة 1989 وقعت 60 هجمة في الغرب، نفدتها 46 جماعة مختلفة، لم اهتم سوى بالهجمات التي بلغت درجة من النضج والتي نفدتها القاعدة أو جماعات موالية للقاعدة أو تعمل باسم القاعدة نلاحظ أنه وقعت عشر عمليات سنة 1995، بعد ذلك تراجع العدد ثم ارتفع سنة 2001 ثم بلغت مستوى أعلى سنة 2004 بتنفيذ عشر عمليات، تم تراجعت الوتيرة ب 8 عمليات سنة 2005، ثم 6 عمليات سنة 2006 و6 سنة 2007، و3 سنة 2008 . الموجة الأولى من العمليات سنة 1995 كانت مهاجمة فرنسا من طرف الجماعة الإسلامية المسلحة (gia) الجزائرية. الموجة الثانية سنة 2004 جاءت ردا على حرب العراق. ومنذ 2004 تراجع احتمال أن تهاجم القاعدة في الغرب. ولابد من ملاحظة، شيء جديد في السنوات الأخيرة: تزايد المبادرات الفردية. في دراستي لم آخذ في الاعتبار المبادرات الانفرادية المجنونة التي ينفذها أشخاص لم يسبق لهم أي اتصال مع أشخاص آخرين من التيار الجهادي. ولكن ذلك يشكل ظاهرية يتعين أخذها في الاعتبار { من مجموع 60 عملية خطط لها، كم نفذ منها بنجاح؟ > أربع عشرة عملية، منها 9 عمليات نفذتها الجماعة الإسلامية المسلحة (gia ) واثنتان من تنفيذ القاعدة (11 شتنبر في الولاياتالمتحدة و 7 يوليوز 2005 بلندن، وثلاثة بإيعاز من القاعدة (مركز التجارة العالمي سنة 1993 وهجمات مدريد يوم 11 مارس 2004 واغتيال تيوفان غوغ بامستردام سنة 2004، وهناك 10 قنابل لم تنفجر. ونلاحظ أن الجهاديين المدربين في الخارج نجحوا في عملياتهم بنسبة %20 مقابل 9 فقط بالنسبة للآخرين، وبالتالي التدريب في الخارج يضاعف احتمالات النجاح. ثم فقط في بلدين هما الجزائروباكستان. { كم كان عدد الهجمات الانتحارية؟ > وقعت تسع عمليات انتحارية، ولكن حتى في هجمات أخرى كان الجهاديون مستعدين للموت (روبيه، مدريد، علاسغو..) لا يترددون في الانتحار بدل اعتقالهم { كم عدد الجهاديين الذي عملوا في الغرب خلال 20 سنة؟ > حوالي 400 وتم اعتقال عدد أكبر .ولكنني لا أحصي سوى الارهابيين الحقيقيين، ولا أحصي كل الشباب المنحرف الذي يساعدهم. الإرهابيون الحقيقيون لا يتجاوزون 400 على أكبر تقدير. ومن مجموع 20 مليون مسلم في الغرب، و700 مليون في المجموع { ماهو حجم الخطر؟ > بطبيعة الحال، هناك اختلافات، في أوربا الخطر أكبر في فرنسا وفي بريطانيا بسبب سياسات الهجرة أو لأسباب مرتبطة بالجاليات. وفي الغالب يبقى الأمر رهينا بكيفية معاملة الجيل الثاني من المهاجرين في بلدان الاستقبال... في الولاياتالمتحدة سنة 2001 لم يكن الجهاديون التسعة عشر أمريكيين كانوا متسللين، في فرنسا سنة 1995 تلقى الجهاديون دعما من منحرفين في مدينتي ليل وليون { من مجموع الجهاديين العاملين في الغرب، كم عدد الذين ولدوا وترعرعوا في الغرب، وكم عدد الذين وصلوا كمهاجرين؟ > أغلبهم ترعرعوا في الغرب. والمهاجرون الوحيدون الذين تسللوا الى الغرب هم رجال الجماعة الاسلامية المسلحة الجزائرية والجهاديون الذين نفذوا هجمات 11 شتنبر بالولاياتالمتحدة { ماهي ملامح شخصية هؤلاء الجهاديين؟ > الأمر تطور. في سنوات 1990 كنا نتعامل مع أناس متعلمين مثل عناصر مجموعة هامبورغ التي نفذت هجمات 11 شتنبر، أشخاص جاؤوا من الشرق الأوسط للدراسة في الغرب. بعد حرب العراق بدأنا نتعامل أكثر مع منحرفين شباب صغيري السن، كما في بريطانيا أو هولندا. وكانت فرنسا استثناء جماعة من المنحرفين منذ سنة 1990 { ماهو معدل عمر الجهاديين؟ > انتقل من 20 سنة في سنوات 1990 الى 21/20 سنة حاليا { إذا العراق شكلت منعطفا؟ > هجمات 1 1 شتنبر وحرب العراق شكلتا منعطفا. وحجم تداعياتهما جعل أننا انتقلنا من الجامعات إلى الشارع. وأصبح الجهاد أكثر شعبية { تشيرون إلى العديد من الأفكار الخاطئة حول التهديد الإرهابي... > هناك الكثير من الأفكار الخاطئة. الارهاب يخرج من ثقافة احتجاج مضادة. يأتي من الحق في الاحتجاج الموجود في الغرب، مع نسبة قليلة من المحتجين الذين ينخرطون في العنف. ما يجب تفاديه هو اعتقال الكثير من الأشخاص مثل ما فعلت فرنسا في سنوات 1990، يجب أن تكون الاعتقالات محددة. الكثير من الناس أصبحوا إرهابيين في السجن بعد أن اتهموا خطأ. وقوات الأمن أصبحت اليوم أكثر تطورا وقليلا ما تضرب عشوائيا، لم تعد تعتقل المنحرفين أو بدرجة أقل من السابق. لأن الخطر لايكمن في من يحتجون، بل يكمن في من يضعون القنابل. { بالتقليل من دور «المسللين» تؤكدون أن خطر «الخلايا النائمة» الجهادية في الغرب هو استيهام؟ > بالفعل لم نر أية خلية نائمة. لاتوجد حالة واحدة. فالخلية النائمة تتشكل من أفراد مدربين سينامون لفترة قبل أن يستيقظوا مرة أخرى. وفي الغرب، الأشخاص المدربون يأتون وفي رأسهم هدف، ويضربون. ومن مجموع 20 جماعة مدربة في الغرب، 18 جماعة نفذت عملياتها خلال 6 أشهر بعد عودتها إلى الغرب، يعودون أكثر حماسا ويهاجمون. وفكرة أن القاعدة تتريث، فكرة خاطئة، الجهاديون يستعجلون التنفيذ. { ماهي الخلاصة التي تستنتجونها حول سلطة زعامة القاعدة؟ > زعماء القاعدة عاجزون عن التحرك خارج وزير ستان، في المناطق القبلية المستقلة في باكستان. هم يختبئون، وهم تحت رحمة شبان غربيين يأتون إلى وزير ستان يريدون التدريب ثم العودة إلى الغرب لتنفيذ عمليات، القاعدة لاتتوفر على مجندين، بل تنتظر المتطوعين. إضافة إلى أن الكثير من قادة القاعدة قتلوا منذ سنة في باكستان خلال حملة الضربات الجوية التي تنفذها الطائرات الأمريكية، هذه الحملات حققت بعض النجاح، وتتوجه حاليا نحو طالبان، لأنه لم يبق الكثير من أهداف القاعدة. يبقى أسامة بن لادن وأيمن الظواهري اللذان يختبئان الى حد أنهما يضطران لانتظار مدة 15 يوما على الأقل لإبلاغ رسائلهما. { متى أصبحت الولاياتالمتحدة هدفا ولماذا؟ > منذ البداية كانت الولاياتالمتحدة هدفا. والعملية الأولى وقعت في مركز التجارة العالمي في نيويورك في فبراير 1993، لم تكن القاعدة قد نشأت، ولكن كان هناك جهاديون، هم يعتقدون بأن الغرب في حرب ضد الإسلام وأن الولاياتالمتحدة هي رمز الغرب. { هل أخذت الولاياتالمتحدة حجم التهديد؟ > لا، أخذت التهديد على محمل الجد فقط بعد 11 شتنبر، والحرب في نهاية 2001 بأفغانستان ساهمت في مكافحة القاعدة، وحقق ذلك نجاحا، ولكن لم تتم ملاحقة الجهاديين في باكستان. { من أين تأتي الأخطاء الاستراتيجية التي ترتكبها واشنطن؟ > لحظة 11 شتنبر، كانت وكالة المخابرات الأمريكية مهيمنة، لكن كاتب الدولة في الدفاع (دونالدرامسفيلد) أخذ زمام الأمور، وعندما تولى الجيش زمام الأمور مكان وكالة المخابرات وقعت الفجوة. رامسفيلد كان يريد قطف أكاليل الزهور ومنع وكالة المخابرات، التي كانت تشرف على العمليات عبر المجاهدين، من العمل، هو كان يريد قوات أمريكية منتشرة في أفغانستان. وهذا الانتشار تطلب وقتا طويلا، بعدما تمكن الجهاديون من الفرار، ثم بدأ الجيش يستعد للعراق. { ماهو تقييمكم للاستراتيجية الامريكية الحالية في أفغانستان؟ > لا اتفق معها تماما. الحرب في أفغانستان حرب سياسية لاتعكس الواقع، الحرب في أفغانستان لامعنى لها، لأن القاعدة لم يعد لها وجود هناك. القضاء على القاعدة في أفغانستان تم بنجاح منذ سبع سنوات، وما تبقى من القاعدة يوجد في باكستان. { كيف يمكن قيادة هذه المعركة في باكستان؟ > بما أن إسلام أباد لاتريد تواجد قوات اجنبية، فإن الولاياتالمتحدة تقود المواجهة في باكستان بواسطة الطائرات بدون طيار، ولكن الحرب ضد القاعدة لايمكن كسبها بالوسائل العسكرية، لابد من وجود رجال مخابرات ودعم سكان وزير ستان، يجب تحويلهم الى حلفاء بدل استعدائهم . { الرئيس الامريكي يؤكد أنه يريد إعادة توجيه المجهود العسكري للبلاد، نحو الحرب ضد القاعدة، ما رأيكم في استراتيجيته؟ > نحس بكثير من التردد، إذا كانت إدارة أوباما تريد ضمان أمن الولاياتالمتحدة، لايجب قيادة الحرب في أفغانستان. المتمردون الأفغان والباكستانيون لايسافرون، وأفغانستان ليست هي الخطر. { حتى ولو عاد طالبان الى السلطة؟ > إذا عاد طالبان الى السلطة يمكن دائما تهديدهم بشن ضربات جوية، إذا ما تحالفوا مجددا مع القاعدة، وطالبان ليسوا أغبياء، الخطر لايكمن في الأفغانيين، إذا وضعوا قنابل في بلادهم، فهذا أمر لايعنينا الخطر يكمن في الأشخاص الذين يأتون ويضعون قنابل في الغرب.