أكد القاص والأديب أحمد بوزفور مساء السبت بسلا، أن القصة المغربية تتحرك في اتجاه فتوحات جمالية وإنجازات فنية متطورة أصبحت بارزة على مستوى العالم العربي. وأوضح بوزفور، في لقاء مفتوح نظمه اتحاد كتاب المغرب - فرع سلا - في إطار مهرجان رمضان مدينة سلا (1 -8 شتنبر الجاري)، أن القصة المغربية في وضع متميز «لأنها تتمتع باستقلال كامل كجنس أدبي بالنسبة للأجناس الأخرى كالرواية والشعر والمسرح، كما أنها اتسعت وتنوعت وأصبح متنها يضم تيارات ومدارس مختلفة». وفي هذا الإطار، شدد بوزفور على ضرورة الاستقرار على لفظة القصة بدل الانسياق وراء محاولة بعض الأدباء إعطاء استقلالية للقصة القصيرة وإزاحتها عن إطارها العام الذي هو القصة كجنس أدبي، معتبرا أن ذلك ليس «تعصبا للقصة وإنما خوفا على القصة القصيرة» واعتبر القاص، في هذا اللقاء الذي احتضنه فضاء لمريسة، أن اللغة التي تصلح لكتابة القصة هي «اللغة المفتوحة» المتمثلة في اللغة العربية الفصيحة واللغة الدارجة، لأن الكاتب يعبر باللغة العربية الفصحى «ولكنه تهزه من حين لآخر تلك الرعشة الأولى فلا يستطيع التعبير عن إحساس معين أو فكرة معينة إلا عن طريق الدارجة التي تعتبر ضرورية لأنها اللغة التي نتعرف بها على العالم لأول مرة». وأشار بوزفور إلى أن « الحلم »، الذي اشتغل عليه كمادة وأداة في كتابة مجموعاته القصصية، هو «أروع من جميع الأشكال الجمالية التي خلقها الإنسان، فهو يتميز بخصوصيات الحرية والفرادة والجدة، بل هو منتهى الفرادة والحرية التي تتجاوز جميع حواجز الرقابة الداخلية». أما بخصوص «المعنى» في القصة، فهو، حسب بوزفور، شكلها الفني وبناؤها الجمالي لأنه هو الذي يوجه المبدع ليختار الجمل والألفاظ في كتابة القصة. ومن جهة أخرى، أشار إلى أن سوق الكتاب عموما والقصة المغربية، على وجه الخصوص، يشهدان تراجعا وكسادا كبيرين ساهم فيه، فضلا عن المبدع القصصي والناقد والقارئ، كون كتابة القصة كانت دائما موجهة «للنخبة الجمالية» وليس للعموم وهذا أمر معروف عبر تاريخ الأمم. ولمواجهة هذه الوضعية «التي تبعث على القلق»، دعا إلى المزيد من الاهتمام النقدي لإبراز إنجازات القصة المغربية واتجاهاتها، مقترحا، في الآن ذاته، أن يحاول المبدعون جمع بعضا من أعمالهم القصصية في كتاب واحد حتى يتمكن القراء من قراءتها والتعرف عليها دفعة واحدة، وذلك على غرار العمل الأدبي الذي قام به مؤخرا، حيث أصدر كتابا بعنوان «ديوان السندباد» ضمنه مجموعة من أعماله القصصية وهي «النظر في الوجه العزيز» (1983 ) و «الغابر الظاهر» (1987 ) و«صياد النعام» (1993 ) وكذا «ققنس» و«قالت نملة». وكان الناقد الأدبي محمد المعتصم تطرق، في كلمة تقديمية، إلى أن فضل أحمد بوزفور على القصة المغربية كبير مشيرا إلى أنه «ساهم في نقلها بهدوء وسلاسة من صخب الأيديولوجيا وعنف الخطاب إلى حياض الحداثة المضيئة، ومن ضجيج القضايا الكبرى الخارج - إبداعية إلى موضوعات الحياة اليومية الملتصقة بجلد الإنسان الحقيقي». كما أكد معتصم أن الموضوعات التي تناولها في أعماله والتي تتمحور حول الطفولة والأمومةوالوطنية «تخفي وراءها صخب العالم وعنفه, عنف الحياة على الطفولة البريئة وقسوة التعامل مع المرأة، وأن لغته متعددة ومتنوعة بين فصيح ودارج ومفصح ومدرج».