تمت اجتماعات 25 يناير 1959 في مختلف المدن والاقاليم، حيث أعلن عن سحب الثقة من اللجنة التنفيذية وتأسيس لجان جهوية للاشراف على ضمان سير الحزب وإعادة بعث الحماس في صفوفه. المهدي ترأس اجتماع الرباط في الصباح بقاعة الغرفة التجارية التي كانت غاصة بأطر الحزب، الممثلة لمختلف فروع الاقليم وفي العشية ترأس اجتماع الدارالبيضاء بقصر المعرض. علق المهدي على حركة 25 يناير فقال: "إن الأمر يتعلق بنقطة تحول في حياة الحركة الوطنية المغربية التي انطلقت نحو مرحلة جديدة من العمل المنظم الواعي ، المثمر الذي يلبي رغبة الجماهير الشعبية المتوثبة نحو مستقبل احسن، والذي يواجه مسؤوليات الاستقلال بعزم وحزم. ان القاعدة اعلنت أنها لا تريد الجمود الذي خيم على رأس الحزب والانحلال الذي اخذ يدب في صفوفه. لا تريد الفراغ الخطير في قيادة الحزب ولا فقدان الشعور عند بعض أعضاء اللجنة التنفيذية الذين أصبحوا يعتبرون تراث الحزب ملكا شخصيا. لا تريد اللامسؤولية والتسامح الخطير الذي يقابل به بعض أعضاء الحزب وعلى اختلاف درجاتهم رغم ان سلوكهم في الحكومة او الادارة او الهيآت السياسية قد مس مسا كبيرا بالمصلحة الوطنية ، أو بحقوق الناس وبالتالي بسمعة الحزب. ... ان الحركة التي ابتدأت يوم 25 يناير 1959 والتي أعادت للوطنية المغربية وحدتها وفعاليتها، سائرة في طريقها معتمدة بعد الله على اتحاد القوات الشعبية المخلصة متسلحة بمبادئ الكفاح والتضحية التي هي سر التوفيق والنجاح...". وأكد المهدي بن بركة بأن الاهداف هي: - "بناء استقلال البلاد وتمتين وحدتها. - تأسيس دستور ديمقراطي وحكومة شعبية . - تربية الأمة تربية سياسية ديمقراطية - تكوين نهضة اقتصادية تضمن اليسر لسائر أفراد الأمة. - توجيه تطوير البلاد الاجتماعي والثقافي نحو حضارة وطنية عربية اسلامية". كان الجو السياسي قبل 25 يناير قد عرف نوعا من الركود واللامبالاة. ولكن انفجار الازمة والاختيار الذي فرض على الوطنيين في أن يسيروا مع هذا الجناح أو ذاك، بعث الحماس في اتباع هذا الفريق أو ذاك، بينما اضطر البعض أمام الشعور بالخيبة الى الابتعاد نهائيا عن كل نشاط سياسي . يوم الجمعة 6 مارس 1959 تمت لدى مقر عمالة الدارالبيضاء والسلطات القضائية للعاصمة الاقتصادية (التي أصبحت هي المقر) عملية إيداع القوانين الاساسية لحزب جديد يحمل مؤقتا اسم "الجامعات المتحدة لحزب الاستقلال". وأصبحت إدارة الحزب تحت اشراف كتابة عامة تتألف من خمسة أعضاء هم : كاتب في الشؤون السياسية : محمد البصري كاتب في شؤون التنظيم : المهدي بن بركة كاتب في شؤون التوجيه : عبد الرحمان اليوسفي أمين المال : الدكتور محمد بن المختار حافظ الوثائق : الحسين أحجبي . الحزب الجديد أثار حماس الشباب، سواء أولئك الذين كانوا مناضلين داخل الحزب أو أولئك الذين كانوا فقط يزاولون نشاطات في جمعيات الشبيبة الموازية للحزب. ولعب الطلبة ومنظمتهم الاتحاد الوطني لطلبة المغرب دورا كبيرا في هذه الفترة. وطبعا وجد الحزب الجديد تجاوبا كبيرا مع جماهير العمال والمسؤولين من مختلف المستويات في الاتحاد المغربي للشغل. ووجد الجهاز النقابي في الحزب الجديد واجهة مهمة استغلها بعض أقطابه لتصفية بعض الحسابات في ما بينهم (تنحية الطيب بوعزة وإرساله سفيرا الى يوغسلافيا) وتحويل الانظار عن بعض مظاهر الاستياء التي بدأت تتجلى لدى كثير من القطاعات العمالية جراء تصرف بعض المسؤولين النقابيين . « ... رغم عزم الحكومة واخلاصها وتجاوبها مع الجماهير الشعبية المستعدة من جهتها للتجنيد والتضحية في سبيل البناء، فإن كل ذلك لا يكون له مفعول ولا يخرج من طور النوايا والاستعدادات الى الواقع، إلا إذا كان كل موظف يشاطر الحكومة والشعب تلك النوايا وهذا الاستعداد، سواء كان من رجال السلطة أو من المسؤولين عن الامن أو من رجال القضاء أو من أصحاب المهام الفنية في شؤون الاقتصاد أو التعليم أو الصحة أو البريد أو غير ذلك... لم يعد لعناصر الفساد مجال في العبث بمصالح الامة ، وأصبح لزاما عليها إما أن تصلح نفسها وتقوم اعوجاجها إن كانت قابلة للإصلاح، وإما أن تزول من مناصب المسؤولية وترد الأمانة التي في عنقها والتي خانتها بعدم احترامها. يتبع