أفاد عدد من المسؤولين الحكوميين الحاليين والسابقين، بأن وزير العدل الأميركي إيريك هولدر، يستعد هذه الأيام لتعيين ممثل خاص للادعاء العام للتحقيق في تجاوزات مفترضة ارتكبتها وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه» خلال استجواب متهمين بأعمال إرهابية. وقال مسؤول رفيع بوزارة العدل إن هولدر يريد أن يكون هذا التحقيق محدود النطاق وأن يركز على «ما إن كان ثمة أشخاص تجاوزوا التقنيات التي كان مسموحاً بها» في مذكرات إدارة بوش التي كانت تؤول قوانين مناهضة التعذيب بقدر كبير من الحرية. غير أن مسؤولين سابقين وحاليين من «سي آي إيه» ووزارة العدل لديهم اطلاع على ملفات التحقيق يرون أنه سيكون من الصعب إصدار إدانات جنائية نظراً لضعف الأدلة ولأنه لم يتم أبداً اختبار الأسس القانونية من قبل. كما يقول مسؤولون آخرون إن بعض الحالات لم يتم الكشف عنها من قبل، ومن ذلك حالة جلب فيها أحد عملاء «سي آي إيه» مسدساً إلى غرفة الاستجواب لإرغام المعتقل على التحدث، في حين أن ثمة تجاوزات ممكنة تم تسليط الضوء عليها من قبل، مثل أسلوب إيهام السجناء بالغرق، والذي يمثل خرقاً لقوانين وزارة العدل، وموت معتقلين في مراكز «سي آي إيه» في أفغانستان والعراق. ويقول المسؤول من وزارة العدل إن الأمر انتهى بهولدر إلى «بحث فكرة (فتح تحقيق جنائي) على مضض»، مشدداً على أن هولدر لم يتوصل إلى قرار نهائي بعد، ولافتاً إلى أنه بصفته «وزيراً للعدل، لديه مسؤولية اتباع القانون». هذا بينما يقول مسؤولون آخرون يعرفون أسلوب تفكير هولدر إن تحقيقاً من هذا القبيل يبدو شبه أكيد، وإن ممثلاً للادعاء العام سيتم اختياره على الأرجح من قائمة بأسماء مرشحين لهذه المهمة كان هولدر قد طلب من معاونيه إعدادها. ممثل الادعاء العام الذي سيتم انتقاؤه سيكون مطالَباً ببحث قضايا لا يقل عمرها عن خمس سنوات، إضافة إلى قضايا تمت مراجعتها من قبل وتقرر أنه لا يمكن الخوض فيها. وتحسباً للأسوأ، قرر عدد صغير من مسؤولي «سي آي إيه» إرجاء مخططات للتقاعد أو مغادرة الوكالة حتى يحتفظوا بإمكانية الاطلاع على ملفات سرية ويكونوا في وضع أفضل للدفاع عن أنفسهم في حال فتح تحقيق قضائي. وتعليقاً على هذا الموضوع، يوضح مسؤول متقاعد من «سي آي إيه» أنه تحدث مؤخراً مع زملاء سابقين، وأنه «حين يغادر المرء الوكالة، يصبح الأمر أكثر صعوبة بكثير». هذا، وتفيد بعض المصادر بأن التحقيق قد يشمل أيضاً متعاقدين خواص عملوا لحساب «سي آي إيه» خلال استجواب معتقلين يشتبه في علاقتهم بالإرهاب. ويشار هنا إلى أن المسؤولين الحاليين والسابقين الذين أُجريت معهم حوارات من أجل هذا التقرير تحدثوا شريطة عدم ذكر أسمائهم نظراً للسرية التي مازالت تحيط بمداولات هولدر وتفاصيل ملفات التحقيق. وكان الرئيس أوباما قد عبّر في مناسبات مختلفة عن رفضه لفتح تحقيق جنائي حول برنامج الاستجواب، غير أنه ترك المجال مفتوحاً لمتابعة الأفراد الذين قد يكونوا خرقوا القانون والتحقيق معهم. وفي هذا الإطار، يقول توم مالينوفسكي من منظمة «هيومان رايتس ووتش»: إن أي تحقيق يركز على المنفذين الصغار فقط سيكون، في تقديري، أسوأ من عدم القيام بأي شيء».