إذا كان الملك محمد السادس قد لقب بملك الفقراء، فإنه أيضا ملك الرياضة التي أعطاها الكثير من الاهتمام، وذلك بتوفير فضاءات رياضة القرب، والاهتمام بالبنية التحتية، والتبرع من ماله من أجل إعطاء الرياضة المغربية كل الدعم المادي من أجل جعلها تتبوأ أحسن المراتب. وهكذا رصد الملايير من أجل تكوين الأبطال في مختلف الرياضات الأولمبية، كما أن جلالته، ولأول مرة في تاريخ كرة القدم، يحرص على أن تساهم مؤسسات مالية ضخمة في تمويل كرة القدم. وهكذا تم تخصيص هذه السنة 25 مليار سنتيم ساهم فيها كل من بنك المغرب والمكتب الشريف للفوسفاط وصندوق والإيداع والتدبير، إضافة إلى صندوق الحسن الثاني للدعم الاجتماعي والاقتصادي، وذلك بهدف تحريك رياضة كرة القدم، وجعلها تعرف إقلاعا حقيقيا. جلالته، لم يكتف بذلك، بل دعم رياضة ألعاب القوى ب400 مليون درهم، ومنح الجامعات الرياضية الأولمبية 33 مليار سنتيم لجعل أبطالها يتكونون في أحسن الظروف لإعطاء أحسن النتائج. ولم يكتف الملك بالدعم المالي فقط، بل رسم خارطة طريق واضحة المعالم للرياضة الوطنية من خلال الرسالة التي وجهها الى المناظرة الوطنية الثانية للرياضة، تلكم الرسالة التي أصبحت دليلا لكل من أخطأ الطريق، لأنها شخصت مواطن العلل ووصفت العلاج بدقة وعناية، لدرجة أن صداها لازال يخيم على كل إصلاح رياضي. صاحب الجلالة، وهو يتحدث عن الرياضة، فقد اعتبرها حيوية من أجل ترسيخ المواطنة الكريمة والغيرة الوطنية وبناء مجتمع ديمقراطي وحداثي، وبشكل صريح، أشار صاحب الجلالة الى المتطفلين على الحقل الرياضي الذين جعلوا من الرياضة مطية للارتزاق أو لتحقيق أغراض شخصية. جلالة الملك اعتبر في رسالته ممارسة الرياضة حقا من الحقوق الأساسية للإنسان، وأكد على ضرورة ممارستها لتشمل كافة شرائح المجتمع، ذكورا وإناثا على حد سواء. وأضاف بأنها يجب أن تشمل المناطق المحرومة والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، لأن بذلك تصبح الرياضة رافعة قوية للتنمية البشرية وللاندماج والتلاحم الاجتماعي ومحاربة الحرمان والتهميش. فخطاب الملك كان قاسيا وخالف كل التوقعات التي انتظرت كلاما لينا لا يخرج عن الخطابات التي ألفها البعض ممن يتحملون مسؤولية تسيير الشأن الرياضي، ومن يطبلون لهم، لكنه جاء منسجما مع نتائج حصيلة مواسم عجاف، ومع رأي الشارع الذي ظل يطالب بالمحاكمة وتقديم الحساب، في مجال لا يقبل بمقولة «الوطن غفور رحيم»، لأن ذلك من شأنه أن يترك الباب مفتوحا لممارسات شبيهة قد تحصل من جديد مع عودة مسؤولي الزمن الرديء الى المسؤولية من خلال قانون لم يعد بدوره منسجماً مع ما جاء في الخطاب الملكي، ولا مسايراً لتطلعات الشارع،.إن العديد من صناع الأزمة الرياضية بالمغرب، كانوا أول المباركين للخطاب الملكي ولعناصر الإدانة فيه، وكأن الملك ربما كان يقصد مسؤولين من كوكب آخر.. صفقنا جميعا لكل ما تضمنته الرسالة الملكية، والتي حملت إدانة صارخة للمشهد الرياضي الوطني، ولو أنها جاءت متأخرة وفي آخر العشرية الملكية.. ومع ذلك لايزال السؤال مطروحا، بعد التدخل الملكي، وبعد الرسالة الملكية، هل تغير شيء، وهل لاقت عناصر الإدانة الملكية تجاوبا واهتماما للإصلاح والتصحيح؟ للتذكير فقط.. هذه بعض عناصر الإدانة الملكية: أدان تدخل الملك : المحسوبية والزبونية. الارتجال والتدهور - اتخاذ الرياضة مطية من بعض المتطفلين للارتزاق أو لأغراض شخصية النتائج الهزيلة والمخيبة للآمال. ما آلت إليه الرياضة الوطنية من تدهور. نظام الحكامة المعمول به في تسيير الجامعات والأندية. نظام التكوين والتأطير. التجهيزات الرياضية. غياب التنسيق بين الفاعلين. غياب عناصر الشفافية والنجاعة والديمقراطية في تسيير الجامعات والأندية. حالة الجمود التي تتسم بها التنظيمات الرياضية. ضعف نسبة التجديد التي تخضع لها هيآت التنظيمات الرياضية التسييرية. انحصار الخلاف حول التعاقب في اعتبارات أو صراعات شخصية أو فئوية ضيقة. جمود الحياة الجمعوية الرياضية. قلة رخص الممارسين وعدم تناسبها مع عدد سكان المغرب. عدم تأهيل الرياضة المدرسية والجامعية. التعتيم الذي تعرفه مالية العديد من الأندية وميزانية الجمعيات ونزوعات التبذير وسوء التدبير. عدم تعاطي الإعلام الرياضي مع الشأن الرياضي بكل مسؤولية وحرية في التزام تام مع أخلاقيات الرياضة والمهنة الإعلامية. عدم التعامل بالصرامة المطلوبة مع بعض المشاكل التي أصبحت تتطلب طابعا استعجالياً. غياب الصرامة مع ظاهرة المنشطات. ولأن لا أحد له الجرأة لأن يرد على انتقادات الملك، ليس لسلطاته الدستورية المانعة، ولكن لأن عناصر الإدانة التي جاءت في الخطاب لامست الحقيقة التي عمل البعض على التستر عليها باستغلال عوامل السلطة والترهيب، وشراء الذمم والضمائر الميتة المتعددة الوجوه والأصناف. اليوم، والرياضة الوطنية في المنعرج الحاسم، لاتزال عناصر الإدانة الملكية للمشهد الرياضي قائمة وحاضرة!