في إطار مهرجان «أمواج آسفي» الذي احضنته عاصمة عبدة بين 21 و23 يوليوز، كان موعد الحاضرين مع ندوة تحت عنوان «الضحك والمجتمع» الاربعاء 22 يوليوز أمام ثلة من الصحفيين والسينمائيين والمهتمين بشأن الفكاهة والكوميديا وبعض الممثلين. بعد تقديم أولي للأستاذ الباحث سعيد القبي أعطى الكلمة للصحافي والكاتب حسن نرايس الذي سلط في البداية بعض الاضواء على أهمية موضوع الفكاهة والضحك وعلاقته بجميع المجتمعات وعبر كل الحضور ، موضحا بأن للفكاهة تاريخ طويل وعريق وموشوم في الثقافة الانسانية ، وبأن كبار الفلاسفة اهتموا بالموضوع اهتماما ملحوظا وعلى رأسهم أفلاطون وأرسطو وكانط وبركسون، وأدباء عمالقة كالجاحظ وبودلير وأمبرطو إيكو، ونقاد كبار من أمثال ميخائيل باختين.. ووصف نرايس الفكاهة بأنها ظاهرة إنسانية اجتماعية تتطلب النظرة العقلية، وهي شكل من أشكال المقاومة هدفها إظهار مظاهر الضعف داخل المجتمع، وإنها محاربة الاكتئاب والقلق والغضب، ووقاية من الاضطرابات الشخصية وبراثن اليأس، إنها حسب حسن نرايس أداة للتخفيف من وطأة القيود الاجتماعية وللتحرير من سيطرة القوالب النمطية والتفكير النمطي الجامد. إن الضحك هو أسلوب لمواجهة الخوف والموت ولغة لرفض الاستبداد والقمع والعنف ورفض لكل وسائل الاستغلال البشع. الانسان، يضيف نرايس، يضحك من الانسان، وليس من المكان ونادرا من الحيوان، هاهو الانسان ضحية اختياراته. وعن علاقة المغربي بالضحك، يجب المحاضر بأن المغاربة يضحكون من ذواتهم، من مفارقاتهم، من أخطائهم من هفواتهم، من تناقضاتهم ومتناقضاتهم، من مكبوتاتهم، ومن واقعهم المر المعيش، ومن مخاوفهم ومن بلادتهم ووقاحتهم. الضحك ذكي لأنه يضحك عن ما هو بليد في الانسان. وبعد ذلك يتطرق نرايس الى أهم أشكال الفكاهة لدى المغاربة: النكتة. إنها أكثر أشكال الفكاهة والسخرية، انتشارا وتداولا، وأكثرها تعقيدا للتعريف، وأعطى تعريفات لفلاسفة كبار وأدباء عمالقة لمفهوم النكتة وألغازها وأسرارها وأصولها وأهدافها وغاياتها وقوتها وجبروتها أحيانا. وتساءل عن حدود الفكاهة؟ وهل هناك من خطوط حمراء؟ ومن يضع هاته الخطوط؟ وهل يمكن أن نضحك على كل شيء؟ وهل يمكن أن نتخذ من جميع المواضيع موضوعا للضحك؟ ومن هو الفكاهي الحقيقي؟ وهل لدينا فكاهيون حقيقيون؟ وهل تعكس قوة النكتة المغربية الفكاهة الرسمية في الوسائل العمومية؟ وهل التلفزيون يقدم الفكاهة المغربية الحقيقية؟ ثم لماذا الفكاهة في رمضان؟ ولماذا تكثر الانتقادات الى حدود الشتم والقذف من طرف الاعلام المكتوب؟ كل هذه الاسئلة وغيرها تم تناولها من طرف المحاضر، لتأخذ القاعة الكلمة للتعقيب والسؤال والتساؤل وإبداء وجهات النظر. الصحفي والناقد علي حسن ، يحمل المسؤولية للمشاهدين الذين يقبلون ما يقدم إليهم من تفاهة تحت اسم فكاهة، لاسيما وأن لديهم اختيارات لمشاهدة قنوات أخرى، وما أكثرها! وإن غادر المغاربة القنوات المغربية سيجد المسؤولون أنفسهم أمام الامر الواقع والحقيقة المرة، أما المخرج ادريس شويكة من جهته، فقد حمل المسؤولية للمسؤولين عن الاعلام المرئي الذين يجهلون ما يقع داخل المجتمع، وبالتالي يقدمون أكثر من التفاهة خاصة خلال شهر رمضان، وفي هذا الاتجاه تقريبا يذهب المخرج دواود أولاد السيد الذي يرى بأن التلفزة ترفض الفكاهة الجدية لأنها، حسب المسؤولين، لن يفهمها المشاهدون . والمخرج رشيد بوتونس يرى بأن المسألة مسألة تربية الأذواق منذ الطفولة والمدرسة الابتدائية ، وبعد ذلك دار النقاش الذي صب في مجمله في نقد الفكاهة التلفزيونية نقدا لاذعا أحيانا، والاعتراف بأن المغاربة شعب يخلق النكتة بامتياز وسيظهر كفاءاته ومقدراته، إن هي أسندت المهام الى أهلها بعيدا عن نفس الوجوه التي تم استهلاكها وإعادة استهلاكها.