كثر الكلام في الآونة الأخيرة عن الانتاجات المغربية في المسرح و السينما، وعندما يكثر الكلام معنى أنه يوجد شيء غير عادي، أنا لن أقول كلمة أزمة الفكاهة والضحك لأنها لا تعجبني، ولأن الأزمة والضحك يتناقضان، ولكن سأقول كلمة التراجع، وكلمة تراجع تقودني إلى علاقة الصداقة التي تجمع بين الفنانين والرياضيين، فالرياضة تراجعت والفكاهة تراجعت، هل يمكن أن يضحك الفنان وصديقه الرياضي يتأسى على أنه لم يدخل الفرحة على قلوب الجماهير منذ مدة؟. "باركا من الحب المغشوش والزواق المرشوش"، فعندما سنصل إلى إعطاء الفرصة لمن يستحقها سوف نتجاوز ما فعلته الأجيال السابقة في كل الميادين، فبلادنا مثل النهر الذي لا ينضب معينه من الطاقات والمواهب وهكذا سوف تظل مهما قالوا ومهما فعلوا، ودعوني أطرح فكرة لتجاوز التراجع في ميدان الفكاهة، ماذا لو فكرنا في إنشاء وزارة الفكاهة والضحك؟. أولا سوف يضحك المغاربة على هذه الوزارة الجديدة ملء أفواههم، وهذا شيء ايجابي لأن الوزارة سوف تقوم بعملها منذ أول وهلة، كما سيضحك كل من سيقرأ هذا المقال إن كان يحب الضحك طبعا. ثانيا سنفرق بين الكتاب و الضحك فالجلسة مع سالم حميش الذي" سيشبعك" فلسفة، ليست هي الجلسة مع حسن الفذ أو كاد المالح اللذان ستستمتع معهما. عندما نتحدث عن التراجع فان ذلك يتوقف عند الإنتاج فقط، خاصة في الحركة المسرحية والدليل صارت القناة الأولى تبرمج مسرحية مغربية في العيد ، وصارت المسرحية مثل الأفلام الدينية لا نشاهدها إلا في المناسبات الدينية، المشكل مشكل إنتاج، أما المغاربة فيحبون الضحك والبسط" غير لبغ ينكد على راسو"، بل أسمائنا تحمل البشرى والفرح مثلا "سعيد" و"البشير" أو" فريحة" و" فرحانة"، وعلى مستوى المدن " البهجة" أو كما يقول المغني" مراكش جامع الفنون"، و " الزهور"، وفي ثقافتنا يحضر أبو الفتح الاسكندري، ومقامات الحريري، وجحا العربي (1)،وبقشيش-المهرج-(2) و حديدان... و أهم من ذلك الحلقة المسرح الطبيعي والحكواتي، بينما عرف الرومان واليونان المسرح والملاعب الرياضية قبل ذلك، في حين عرفت أوروبا عصور الظلام والخوف من نهاية العالم في العصور الوسطى، وقد تعددت أسماء الضحك والفكاهة عند المغاربة، مثلا على سبيل الذكر لا الحصر" القصارة"، " القجمة"(3)، "النشاط"، "البسط"، "الفراجة"... أما الضحك في الموروث الشفهي الشعبي فتتحكم فيه الرغبة في الحياة، لكن دون نسيان الآخرة"الله يخرج هذ الضحك على خير"، معنى أن المثل يقال بعد الضحك وليس قبله، وأكثر من ذلك قالوا" للقى شي ضحكة وما ضحك ربي يحاسبو عليها"، وصلت مسألة ضياع فرصة الضحك إلى الحساب من طرف الله،" اللي خلينا ديما ضاحكين، ما باغين نتحاسبوا"، وقالوا" ساعة النشاط مندوزهاش ولو بقطيع الراس"، المغربي يريد أن يضحك ولو بقطع رأسه، كم يحب الحياة هذا المغربي، وأيضا المغاربة شعب النكثة بامتياز، ومن يجيد إبداع النكث ليس بحاجة إلى انتظار سنة ليضحك، والعجيب أن شهر رمضان شهر العبادة وفيه تكثر الفكاهة، ولكنه صار مناسبة لبيع" المنتوج الفكاهي"، وصار الفنان يشتكي على الجمهور لأنه ليس من السهل إضحاك المغربي، هل ينتظر الفنان أن نضحك شفقة عليه؟.عيب أن نسمع مثل هذا الكلام، وصاروا يرددون الفنان شمعة تحترق من أجل أن يضحك الآخرون، كم هو سادي هذا الجمهور الذي يسمح للفنان أن يحترق من أجل أن يضحك، أم يريد الفنان أن نلون ضحكاتنا فلا حاجة"للضحكة الصفرة"، بل نريد ضحكتنا أن تظل أصيلة. هل سيتم التصويت لهذه الوزارة الجديدة؟.و لا بأس من اقتراح أسماء أخرى لهذه الوزارة" وزارة الحلقة والحلايقية"، أو" وزارة الضحك و الضاحكون". وتوجد مجهودات لمعاجة الأمر، ولعل منها مهرجان الضحك وبرنامج كوميديا، لن نتحدث عن المستوى الآن ولكن المهم هو أن تصل الفرصة للشباب. قال الشاعر الضاحك: إنما الأمم نشاط وضحك ما بقيت فان ذهب نشاطهم وضحكهم ذهبوا هي الحياة كما رأيتها ضحك وحزن ومن يحزن اليوم يضحك ويفرح غدا إذا جاءتك ودقت ببابك اليوم الماسي لا تحزن كثيرا فسوف تتحقق الأماني وكل يوم وأنتم ضاحكون. الهوامش: 1- النجار محمد رجب ، جحا العربي ، عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، اكتوبر1978. 2 - خير الدين محمد ، رواية أغنشيش، ترجمة عبد الرحيم حزل، الرباط، جذور للنشر،2007ص73. 3- تستعمل كثيرا كلمة القجمة في الشاوية وأولاد حريز-قجمة ديال الضحك-، فهل معنى ذلك أن لكل منطقة تعبيرها الاصطلاحي عن الفكاهة و الضحك؟. *باحث في التاريخ- ليساسفة،الدارالبيضاء.