.. هم نجوم طبعوا الأغنية المغربية بإبداعاتهم الرائعة، وتميزوا بإسهاماتهم وبأفكارهم وعملهم الفني النير، منهم شعراء وزجالون، ومنهم ملحنون ومطربون وموسيقيون ومغنون .. هؤلاء الرواد تركوا علامات بارزة في التاريخ الفني الموسيقي المغربي منذ بداية انطلاقته في بداية الثلاتينات من القرن الماضي . لقد صنعوا المجد لوطنهم ورسخوا معالم الأغنية المغربية بصفة عامة والأغنية الأمازيغية والشعبية و العصرية بصفة خاصة ، ومزجها بعضهم بفن العيطة التي هي مكون أساسي من مكونات تراث غنائي شعبي أصيل . كما يوجد من بينهم نجوم في الموسيقي الأمازيغية التي لها مسار فني غني بتجربة متميزة. ومنهم من أسس لأغنية مغربية عصرية وارتقوا بها إلى مستوى عال .. ومنهم من حافظ على مكانة الموسيقى الأندلسية (طرب الآلة) بالمغرب التي هي متميزة بمدارسها الثلاثة الرئيسية : مدرسة عبد الكريم الرايس بفاس، مدرسة أحمد الوكيلي بالرباط، ومدرسة محمد العربي التمسماني بتطوان . ثم فن السماع والملحون والإيقاع ... هؤلاء النجوم قدموا للفن الموسيقي وللأغنية المغربية وللحن خدمات جليلة ، استطاعوا بأعمالهم الجميلة حمل مشعل التراث الفني الأصيل للأغنية واللحن والموسيقى بالمغرب، ومن ثمة إيصال هذا التراث الفني إلى الأجيال الصاعدة، وربطوا الجسور مع الأجيال المقبلة ، قبل أن يودعونا ، تاركين لنا أجمل الأعمال الخالدة. والتي من الصعب أن نجد رجالا بقيمة الرواد الأولون. بوشعيب البيضاوي 1928 - 1965 مجدد الأغنية التمثيلية الشعبية بالمغرب الحديث2/1 إسمه الحقيقي بوشعيب الزبير واشتهر بالبيضاوي لأنه ولد بمدينة الدارالبيضاء ، وبها بدأ حياته الفنية في الحلقات الجماهيرية التي كانت تحتضنها ساحة كاريان بن مسيك ، التحق البيضاوي بالمجموعة الكوميدية للبشير العلج ، وهي فرقة كانت تجمع في عروضها الفنية بين الفكاهة والتمثيل والغناء ، حيث اعتبر البيضاوي امتدادا للفنان المغربي بوجمعة الفروج الذي ظل حتى الأربعينيات يضطلع بتمثيل الأدوار الفكاهية الشعبية ، ويقلد المرأة بارتدائه زي النساء . بعد الشهرة أصبحت تحتضنه الحفلات العائلية بالدارالبيضاء . بوشعيب البيضاوي إنسان بسيط كان مسؤولا عن مطبعة بزنقة سيدي فاتح بالمدينة القديمة بالدارالبيضاء، و كان يتطرق في عمله إلى مواضيع اجتماعية . اشتغل بالإذاعة الوطنية بتقديم السكيتشات الهزلية إلى جانب القدميري وبوشعيب ازنيكة والبشير العلج ، وكان يقدم برنامج إذاعي كل يوم أحد صباحا تحت إسم «إضحك معي» . تعرف على شيوخ العيطة ومنهم الماريشال قيبو الذي كان في الأربعينات والخمسينيات من أبرز أعلام الطرب الحوزي وأحد رواده . كان الفنان قيبو هو من شجع ونصح بوشعيب البيضاوي بولوج الأغنية الشعبية . كما عمل البيضاوي لفترة بجانب قيبو واستفاد من محفوظاته وأخذ عنه أصول هذا الفن . وبذلك كان بوشعيب البيضاوي أحد مجددي الأغنية التمثيلية الشعبية بالمغرب الحديث حيث وظف العيطة التقليدية ، وتمكن من سلك مسلك من سبقوه في ممارسة التغني بالعيطات ، كما ساهم في تجديد العيطة من حيث الموضوع وطريقة الأداء وبإدخال آلة العود التي أصبح لها مكانها من بين آلات العيطة . الفنان الشعبي والفكاهي البيضاوي ، اشتهر بفن العيطة ، كما أبدع في المرساوي ، في زمن كانت النساء قليلا ما تتجرأن لرفع أصواتهن والظهور أمام الملأ حتى أنه كان غالبا ما يتقمص دور المرأة في الأعمال المسرحية والفكاهية ، بحكم ان المسرح أنذاك ، كان مقتصرا على الرجل فقط . ومن الذين عاشروا بوشعيب البيضاوي في ميدان الفن الشعبي ، الفنان عبد الله البيضاوي الذي يعتبر وارث سر أسطورة العيطة المرساوية، حيث كان يرافقه منذ سنة 1958 واستمر معه إلى أن التحق بوشعيب البيضاوي بالرفيق الأعلى .