يعتبر اللاعب مصطفى بيضوضان من أبرز المهاجمين في كرة القدم الوطنية حاليا، لعب في صفوف أكبر الفرق الوطنية، كالفتح الرباطي، الرجاء البيضاوي، المغرب الفاسي والوداد البيضاوي ،الذي يحمل ألوانه حاليا بعقد يمتد لنهاية الموسم القادم، حمل كذلك قميص المنتخب الوطني وشارك في صفوفه في العديد من اللقاءات. كما خاض تجربة احترافية ناجحة بأحد الأندية الروسية، قبل أن يقرر العودة من جديد لأرض الوطن حيث اختار الاستقرار نهائيا. بيضوضان يجر خلفه خبرة طويلة في ميدان الكرة، وخاصيته أنه يزداد توهجا ونضجا كلما تقدم به السن. ويفخر كذلك بسجل حافل بالألقاب والبطولات، وتحمل ذاكرته العديد من اللحظات السعيدة التي عاشها كإنسان وكلاعب، لكن أحسن لحظات حياته، وأفضل ما تحمله ذاكرته، كما يؤكد، هو شرف مثوله أمام جلالة الملك محمد السادس. يقول عن ذلك اليوم الذي سعد فيه بلقاء الملك: «في طفولتي، كنت عندما أحلم ، وأنا في عز النوم، وكأن الملك شرفني باستقبالي، أستيقظ و كل أحاسيس الفرح والسعادة تغمر وجداني.. كنت لا أتعب من إعادة سرد تفاصيل حلمي على مسامع أفراد أسرتي، وأصدقائي.. وكنت أظل على ذلك الحال، سعيدا منتشيا طيلة ساعات اليوم، إلى أن أستوعب الأمر وأدرك أن رؤية الملك، كان حلما تمنيت فيما بعد، أن يتحقق لي وأن يكون ذلك الوسام الذي سيمنحي كل العزة والافتخار! لم أكن أدرك حينها وأنا طفل، أن الحظ سيكون بجانبي ، في يوم من الأيام، وسيرى حلمي النور، وسأقف مباشرة أمام جلالة الملك، وتحول الحلم فعلا إلى حقيقة في أحد الأيام الجميلة من سنة 2004، كنت منهمكا في خوض حصة تدريبية رفقة زملائي لاعبي الرجاء البيضاوي، حين رن الهاتف في إدارة الفريق، ليأتي «بشار الخير» ويبلغني أن الكتابة الخاصة لجلالة الملك محمد السادس تدعوني، برفقة زميلي وأخي اللاعب نبيل مسلوب، للالتحاق في نفس اليوم بالقصر الملكي، حيث أذن لنا جلالة الملك بالمثول أمامه. بكل صدق، رغبت حينها في البكاء بحرارة، وصدقت حينها أن الدموع لاتذرف حزنا فحسب، بل سعادة وفرحا. فقدت في تلك اللحظة، وأنا أتلقى الخبر السعيد، توازني، وارتبكت ولم أستوعب حقيقة ما يجري إلا عندما أحاط بي زملائي اللاعبون، وكل مكونات الفريق، يحتفلون معي ويقدمون لي تهانيهم.. ثم قادوني للمستودع لأستحم وأغير ثيابي، وكأنهم يزفون عريسا في ليلة عمره! أذكر أنه في موسم 2003/2004، وهي نفس السنة التي حظيت فيها بشرف الوقوف أمام جلالة الملك محمد السادس، حققنا في فريق الرجاء البيضاوي، إنجازا هاما تمثل في إحرازنا لقب كأس الاتحاد الإفريقي.. كان موسما مثيرا بكل المقاييس، واجهنا فيه في إطار كأس الاتحاد الافريقي، أندية متمرسة وصعبة التجاوز.. السعادة غمرت قلوب جميع المتتبعين الرياضيين، سواء محبي الرجاء البيضاوي، أوالجمهور المغربي عامة، ومباشرة بعد ذلك التتويج، تلقينا الدعوة الكريمة أنا وزميلي نبيل مسلوب. لكن أن تكون المكافأة لقاء الملك شخصيا، فذلك ما لم أكن أتوقعه، ولكنه حدث.. وفي الطريق إلى القصر الملكي، عادت ذكريات حلمي الطفولي لتنتصب أمام مخيلتي، وتذكرت يوم كنت أستيقظ سعيدا وفرحا أوزع تفاصيل حلمي بين كل أفراد أسرتي وأصدقائي.. إنه ليس حلما ما أعيشه اليوم، كنت والسيارة تخطو خطواتها المباركة في اتجاه القصر الملكي، ألتفت من حين لآخر، أمعن النظر في زميلي نبيل مسلوب، وأكرر على مسامعه نفس السؤال:« أنا لست نائما، ياك يا خويا نبيل، أنا فايق وهادشي حقيقي وبصح؟». لم أكن أتلقى أي رد من أخي نبيل، بدوره، كان غارقا في عوالم أخرى، تائها في تأملاته! لم أنجح في إقناع نفسي بحقيقة ما أنا مقبل عليه، تلك الحقيقة التي تؤكد أنني بعد حين سأكون فعلا واقفا أمام الملك محمد السادس، أحدث جلالته ويحدثني، يسألني وأجيب، أقبل يديه ويكرمني بدعواته.. حاولت حينها استعادة ما تحمله ذاكرتي من صور لقاءات جلالته بضيوفه، تلك التي كنا نستمتع بمشاهدتها عبر شاشة التلفزة، كيف كان يقف الضيوف أمام جلالته، تفاصيل البرتوكول.. وكل شيء كانت عدسة الكاميرا تنقله من القصر الملكي! وفي لحظة، وقفت السيارة، كانت أسوار القصر ممدودة تطل مرحبة، وتكاد تحتضننا.. استقبلنا بحفاوة.. شعور سحري انتابني وأنا أخطو خطوتي الأولى داخل القصر الملكي.. لعلها كانت روعة المكان، وجمالية المعمار، والمؤكد أنها كانت كذلك، مزيجا من الإحساس بالانبهار، بالفرح، بالخوف، بالفضول، وبالحيرة كذلك! لحظات قصيرة تفصلني عن لقاء جلالة الملك، ترى ماذا سأقول أمام جلالته، وعن ماذا سيسألني وكيف سيجري اللقاء، هل سأنجح في ضبط توازني، هل ستنجح رجلاي في مقاومة تخوفي وارتباكي.. وهل وهل؟ سرت بخطوات متثاقلة يقودني أحد موظفي القصر الملكي، وأمام إحدى القاعات الجميلة، دلنا مرافقنا بكل الترحيب لولوجها في انتظار قدوم جلالة الملك. سأقابل جلالته بعد لحظات.. إنها الحقيقة، ليس حلما أو خيالا!