شكل الشعار الدائم للمهرجان الدولي للمسرح الجامعي «حوار الثقافات وتقارب شبيبة العالم عبر الابداع والتعبير الفني» منذ دورته الأولى ، عنصرا مؤطرا لكل دوراته، بحيث استطاع أن يحقق بقوة آفاق الاستمرارية وفتح باب المسرح وأسئلته على فضاء الجامعة كمؤسسة وطنية من خلال اشراك الجامعي في محيطه الثقافي الفني. لكنه، وبعد واحد وعشرون دورة، أصبح يطرح ، اليوم ، سؤال المستقبل بالنسبة للمهرجان ، سواء على مستوى صيغ ولادته ومراحل نموه وتطوره ووظائفه وذاكرته، باعتباره حدثا ثقافيا وفنيا جامعيا. هذا ، ومن مرجعية الشعار القار للمهرجان ، ومن خلال الدلالات الفنية والرمزية التي حملها المهرجان ، يمكن اعتبار الدورة الواحد والعشرون (التي ستنطلق يوم 10 يوليوز وتستمر إلى غاية15 من نفس الشهر) ، تحمل أكثر من دلالة : طيلة هذه السنوات، حيث بلغت التظاهرة من النضج والعطاء ما أهلها ويؤهلها لتكون النموذج المحتذى به في تكوين وتأطير الطلاب من مختلف الجامعات المغربية والأجنبية. لهذا، يحق للمهرجان أن يعتز ويفتخر بالمستوى الذي وصل إليه وبالسمعة الدولية التي أصبح يتمتع بها وطنيا ودوليا. هذه التجربة الفنية والثقافية الجامعية ، كانت بناءة ومفيدة على جميع المستويات، إذ شكلت مدرسة فنية تخرج منها عدد لا يستهان به من الفنانين الذين اقتحموا، بفضل تجربتهم وتكوينهم، حقولا فنية أبدعوا فيها سواء داخل الوطن أو خارجه. لأجل هؤلاء، ولأجل طلبة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك جامعة الحسن الثاني المحمدية، اختارت اللجنة المنظمة لهذه السنة، الدورة 21، شعار «المسرح والتحولات» لكل من ساهم في تأسيس واستمرارية هذا المهرجان منذ سنته الأولى. كما اختارت اللجنة الفنية للمهرجان موضوع: «المسرح والتحولات» موضوعا لندوة هذه الدورة، وذلك إيمانا منها بأن للإبداع المسرحي دور مهم في بناء الهويات وماتعرفه من تحولات التي تُقْتَبَس من الجذور وتساير الظرفيات المحلية والإقليمية ويتوق لكل ما هو إنساني . كما سيسمح المهرجان ، في دورته الواحد والعشرون ، بتلاقح إبداعات آتية من إفريقيا ، أوروبا ، أمريكا .. مع إعطاء أهمية للتكوين حيث تعمل هذه الدورة على تنظيم ورشات في التكوين المسرحي، تركز فيها على الممثل والكتابة المسرحية والدراما المعاصرة والصوت ومتعة الجسد والإثارة. يسهر على هذه الورشات فنانون من هولندا وأمريكا والمغرب ، الى جانب تنظيم مائدة مستديرة ينشطها أساتذة جامعيون تهدف إلى التفكير والنقاش في موضوع: «المسرح والتحولات». وكالعادة ، سيتم خلال هذه الدورة تكريم الكاتب المسرحي عبد الكريم برشيد ، باعتباره أحد وجوه المسرح المغربي والعربي التي وضعت دعائم البحث المسرحي بالمغرب. كما ستقدم مع هذه الدورة ، نصوص مسرحية ، لشباب جامعي، تطرح الهم الانساني ومدى أبعاده، بحيث نجد أن سياقاتها تتمثل خصوصيات جغرافية وانسانية، وذلك إما لتعميق الرؤية في واقع ما أو محاكمة مرحلة وجودية أو حتى السخرية للتعبير عن لحظة تاريخية . إذن، نصوص للشباب جامعي، نعتقد أنها تريد قول معنى واحد، يخلق واقعا سواء كان معادلا أو معاكسا أو مضادا، في النهاية يخلق واقعا ممسرحا يحتاجه الانسان لتحمل صدمة واقعه الانساني ومأزقه الانساني، محاولا تجديد اسئلته عما لا يعرفه وما يعرفه . هكذا، وبالنظر الى كل موضوعات الأعمال المسرحية التي تشارك ضمن المسابقة الرسمية أو خارجها للدورة العشرون، ومن خلال ما ستقدمه من إضافات مسرحية جديدة، نؤكد أنه أصبح من الضروري العمل على تأملها وتأمل واقع المسرح الجامعي من خلال شقين: الأول، تجربة الانفتاح والتواصل مع ثقافات اخرى، وثانيا من خلال تجريب الكفاءات الفنية والفكرية، وماذا ستقدم من جديد لهذا المسرح؟! . ومرة أخرى ، النسخة الواحد والعشرون من المهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدارالبيضاء ، تؤكد أن الفريق المشرف على تنظيم هذه التظاهرة سنويا ، المشكل من طلبة وأساتذة وإداريين لم يخلفوا وعدهم ، وذلك بحضورهم المشرف في إدارة أيام المهرجان ، وتقديم هذا الحدث الثقافي الجامعي في صيغته الفنية ، تستحق منا بالفعل الاعتراف والتنويه..