[تساءل إبليس عن حكمة الله في كونه خلقه هكذا لينشر الشر بين البشر، والحال أن كان بإمكان الله أن يمنع ذلك؟ هذا ما أجاب عنه الله بأنه لا يمكن معارضته بمعايير العقل البشري]. عندما رفض إبليس أن يسجد لآدم، دار نقاش بين الملائكة التي سألته عن سبب رفضه. فأجاب: - أعترف بأن تعالى ربي ورب العالمين، وأنه العليم القدير، وأنه لا يسأل عن قدرته، ولا عن إرادته، إذا قال لشيء كن فيكون. إنه حكيم، ولكن يمكننا أن نطرح تساؤلات حول حكمته. فقالت الملائكة؟ - أي تساؤلات؟كم عددها؟ فأجاب: - هناك سبعة. الأول أن الله يعلم، قبل خلقي، كل أفعالي. فلماذا خلقني؟ وما هي الحكمة وراء خلقي؟ الثاني أنه خلقني بمشيئته ورضاه، فلماذا يحاسبني على معصيته؟ وما هي الحكمة وراء هذه المحاسبة، علما أنه غني عن طاعتي، ولن يضره عصياني. الثالث، أنه بعدما خلقني، جعلني أعرفه وأطيعه، وخضعت لإرادته فعرفته وأطعته، فلماذا أمرني بالسجود لآدم؟ ما هي الحكمة وراء هذا الأمر الاستثنائي إذا كان لن يضيف أي شيء لعبادتي له؟ الرابع أنه بعدما خلقني كتب علي أن أعبده بالمطلق، ثم أمرني بالسجود لآدم الذي رفضت السجود أمامه امتثالا للواجب المطلق، فلماذا أنزل علي لعنته وطردني من الجنة، رغم أن ذنبي الوحيد هو قولى: «لن أسجد إلا لك». الخامس أنه بعدما خلقني على طاعته، ثم رفضت السجود لغيره فأنزل لعنته علي وطردني من الجنة، لماذا أفسح لي الطريق للوصول إلى آدم الذي التقيته في الجنة لأغويه وأجعله يأكل من الشجرة المحرمة، لنطرد منها معا؟ ما الحكمة من ذلك، علما أنه حرم علي دخول الجنة، وكان بالإمكان أن يمنع عني آدم لينعم في الجنة خالدا فيها أبدا؟ السادس أنه بعدما خلقني.. وأنزل لعنته علي وفتح لي باب الجنة ليحدث الخلاف بيني وبين آدم، لماذا منحني السلطة على أبنائه لأراهم دون أن يرونني، لأغويهم دون أن تكون لديهم القوة أو القدرة على النيل مني؟ ما الحكمة وراء كل ذلك، علما أنه لو تركهم في براءتهم الأولى دون أن يتدخل أي واحد لعاشوا في النقاء والخضوع لله وطاعته، وهو ما سيكون أفضل لهم ومتطابقا مع الحكمة؟ السابع: إذا كنت أعترف بكل ذلك. خلقني الله لأمتثل لمشيئته بعصيان أمره، فلعنني وطردني؛ وحينما أردت أن أعود إلى الجنة مكنني من ذلك؛ وحينما اقترفت ما اقترفت طردني مرة ثانية ومنحني السلطة على أبناء آدم.. لماذا حينما استنظرته أنظرني إلى يوم القيامة بقوله لي: «قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ إِلَى يَومِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ». ما الحكمة وراء كل ذلك، علما أنه لو أفناني حالا، لمنعني عن آدم وجميع المخلوقات، ولتوقف الشر في كل العالم؟ أليس العالم الذي يسود فيه الخير أفضل من عالم يمتزج فيه الخير بالشر؟ ثم ختم إبليس كلامه قائلا: - هذه مبررات اعتراضي على كل واحد من هذه التساؤلات. فأوحى الله لملائكته أن يجيبوا: - لست لا صادقا ولا صريحا حينما بدأت كلامك بالاعتراف بأني ربك وب العالمين، لأنك لو كنت صادقا، لما تجرأت على معارضة أمري. لا إله غيري. لا أسأل عما أفعل وهم يسألون. لقد استعمل إبليس العقل للحكم على ذلك الذي لا يمكن الحكم عليه بالعقل. فأدى به ذلك إلى أن يمنح مرة للمخلوق صفات الخالق، وللخالق صفات المخلوق مرة أخرى.