استشرى التردي الاجتماعي وسط أزيد من ألف و 400 أسرة من متقاعدي وأرامل الوكالة المستقلة للنقل الحضري بالدار البيضاء جراء حرمانهم «التعسفي» من معاش التقاعد لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لدرجة بات معها إقفال مسلسل الترقب والانتظار والوعود الهاربة بالتسوية، سنته العاشرة (1999 - 2009) يهدد ب «التشريد الجماعي» لهذه الفئة من المأجورين وذوي حقوقهم، وإن كان تياره الجارف، وفق شهادة اكثر من متضرر، قد عصف ببعض أفرادها الى وضعية أشبه ما تكون بوضعية «نازحين في مخيمات للاجئين». هذا، وكانت كل المؤشرات تذهب وفق تصريحات متطابقة للجريدة لعدد من الضحايا وممثليهم النقابيين، في اتجاه ما اسموه ب «إطلاق سراح معاشهم» المترامى عليه جورا، نهاية ابريل الماضي، ليتضح بعدئذ للمعنيين أن العملية لم تكن أكثر من «تسويق لخبر مخدوم بخلفية نقابية تم توظيفه بمكر انتهازي لأغراض انتخابوية ضيقة». بيع الوهم هذا، كما يراه ويفسره عدد من الملاحظين لتطور ملف التسوية، لم يتوقف عند هذا الحد، بل تمكن أصحابه من فتح ثقب في باب إسمنتي ليطلوا عبر قطر شعاعه الضيق على فسحة أمل التسوية من خلال إدراجه كنقطة عالقة ضمن جدول نقط عديدة معلقة على أجندة الحوار الاجتماعي بين الحكومة والفرقاء الاجتماعيين. ذات الرأي، اعتبر في سياق تحليله لهذا التطور الأخير أن الزج بتسوية معاش متقاعدي الوكالة في إطار الحوار الاجتماعي بمثابة حق أريد به باطل ، وهم في ذلك يستندون الى الرسائل الجوابية للوزير الاول للمركزيات النقابية (18 يناير 2007) التي كان أكد فيها حرص وزارته على إيجاد حل لهذه الوضعية. وفي تقدير ذات الرأي، كان من المفترض ان يكون الوزير الاول قد أنهى المشكل، طالما أنه التزم امام النقابات منذ ما يقارب السنتين بمعالجته بناء على مشروع مقترح ادارة الضمان الاجتماعي، من ثم ، لا يرى أصحاب هذا الرأي، داعيا موضوعيا لإدراج الملف في إطار نزاع اجتماعي بين النقابات والدولة، على اعتبار أن هذه الأخيرة تعتبر طرفا وحيدا ومباشرا في العملية بسبب عدم أداء وجيبة اشتراك مؤسسة توجد تحت وصايتها لفائدة الضمان الاجتماعي. ما يدعم هذا التوجه، من زاوية نظر أخرى، تأكيد مصادر مركزية مسؤولة بإدارة الصندوق، في تصريح خاص ل «الاتحاد الاشتراكي» من كون ملف متقاعدي الوكالة هو الآن بيد وزارة الاقتصاد والمالية، مشيرة في ذات الوقت إلى أنه - الملف - لم يعد يحتاج لرفع الضرر الاجتماعي الذي كان لحق ، لسنوات، هذه الفئة من العمال، غير تأشيرة الوزير الاول ( تعني هنا مستحقات الضمان الاجتماعي) مشددة على ان الراعي الاجتماعي لم يدخر جهدا تمشيا مع الاهداف والمبادئ التي أنشئ من أجلها، لتذويب مسافة التباعد التي كانت تذهب الى حد حرمان المؤمنين من المعاش، خاصة بعد أن تم إقبار العمل بنظام التأمين الاختياري الجماعي سنة 1996 ، والذي عمد فيه المشغل (الوكالة / الدولة) وقتئذ، إلى عدم التجاوب مع رسائل الإشعار الموجهة اليه من قبل إدارة سعيد احميدوش، بوجوب الانخراط في إطار نظام التأمين الاجباري. وهو ما ترجم من قبل الإدارة المؤمنة التي توقفت خزينتها على تسلم وجيبة إشتراك القطاع منذ مطلع سنة 1994 بالرغم من استمرار ادارة هذا الأخير في اقتطاع واجباتهم لدى الصندوق بشكل منتظم من رواتب اجورهم الى نهاية 1999 ، الذي استوفى بموجبه ايام الاشتراك في نظام التأمين الاختياري الجماعي المنتهي العمل به سنة 1994 (ما ترجم ) بإنهاء العلاقة التعاقدية بين الطرفين لافتقادها الى الركن المادي الاساسي المكون لها و المتمثل في اداء واجب اشتراك المؤسسة لفائدة الراعي الاجتماعي بشكل منتظم. الضحايا، الذين كبرت مأساتهم، وضاقوا وافراد اسرهم ذرعا منها، يتساءلون في اتصال عدد منهم بالجريدة، عما اذا كانت مصادقة الوزير الاول على تسوية معاشهم، ستتطلب شهورا او سنوات اخرى اضافية، هذا في الوقت الذي يقولون إن كل المساطر الادارية والتنظيمية أنهتها المصالح المختصة بإدارة الصندوق، بتنسيق مع الادارة الترابية، والملف الآن معروض بوزارة المالية لصرف ما بذمة الدولة من ديون لفائدة الضمان الاجتماعي؟ المصادر نفسها كشفت أن اكثر من 100 إسرة من مستخدمي الوكالة الملحقين بشركة نقل المدينة المفوض لها تدبير المرفق منذ نونبر 2004 ، تلتحق سنويا بهذا المركب الاجتماعي من ضحايا الإجهاز على الحقوق والمكتسبات. «منسيون، ولكن، تقول إحدى الأرامل، سنظل نكسر الصمت واللامبالاة والوعود الهاربة...».