بشيء من الارتباك، غادرنا «مفاجأة» الانتخابات الجماعية التي جعلتنا نوقن بأننا لم نتخلص البتة من مرحلة البدايات، كما جعلتنا نوقن أن الحزب الواقي من الصدمات لا يريد فقط أن يدك الأرض دكا، وإنما يريد أن يرمي «الزمن الحزبي» بكامله في البحر، وأن «يضوي وحده البلاد» ويقود العباد (إلى أين؟). لكننا- والمغاربة يتهيأون كالعادة للنسيان- بدأنا نلاحظ أن «اللحظة الأمنية» هي المكلفة بالتحول إلى ممحاة، إذ بدأت الخلايا الإرهابية تظهر، وعادت المخابرات- التي كانت في عطلة قصيرة- لتعمل ولتفكك ولتعتقل ولتستنطق على استحياء، مادامت «أنفلونزا الخنازير» يمكنها أن «تصبن أحسن»، وأن تجعل المغاربة ينسون محطة 12 يونيو 2009، بغزارة دمائها، ونذالة بعض فرسانها الذين لا يستنكفون عن شراء الأصوات واستدعاء الماضي الأسود وإخراجه من التابوت، وتسليطه مجددا على أكثر من 30 مليون مغربي. لقد أظهرت الانتخابات الجماعية أننا، فعلا، أمام مغرب جريح، وأن بعض الذين يدعون أنهم يملكون الدواء أوغروا النصل في الجرح وجعلوه يدمي، مما يستدعي أن يتعاطى المغاربة إلى حمية ضد النسيان.. على الأقل لمعرفة ما وقع، ولماذا وقع، ولصالح من وقع ما وقع.. وهل فعلا ضرورات الإنقاذ تقتضي «الشتيف» على الأخلاق الحزبية والسياسية بالأقدام، ودحرجة رأسها في الوحل.. وجعل اليأس ينمو حتى يغطى على ما عداه.. إننا ضد اليأس، وعلينا أن لا نكتفي بلعن الظلام..