كشف محمد أوجار أن حزبه طالب مؤخرا مرشحه في تزنيت العربي أقسام للانتخابات الجزئية بكتابة تقرير مفصل عن سلوك الأحرار في الحملة الانتخابية، واستغرب قيادي حزب الأحرار في حواره ل التجديد كيف أقدم عزيز أخنوش- الوزير المحسوب على حزب التجمع الوطني للأحرار- والذي وصفه بكونه على خلق كبير على مساندة مرشح الهمة ضدا على مرشح حزبه، وأشار إلى أن حزبه يبحث ملابسات الحادث ويتحرى صحة ما نشرته بعض وسائل الإعلام في الموضوع، وأكد أن المكتب السياسي لحزبه سينكب على هذا الموضوع بكل مسؤولية، وسيتخذ القرار الذي يفرضه واجب تخليق الحياة السياسية. وفي سياق متصل، دعا عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار الأحزاب السياسية إلى التوافق على ميثاق شرف يقطع مع ظاهرة ترحال النواب، ومع ظاهرة تسليم التزكيات للفاسدين، وأشار قيادي الأحرار إلى أن هذه الانتهاكات الخطيرة لشرف العملية الانتخابية ما كان لها أن تحظى بشرعية الوجود لو قامت الأحزاب السياسية بطرد المرشحين المتورطين في إفساد العملية الانتخابية من صفوفها، وأقفلت باب التزكية عليهم. أفرزت الانتخابات الجزئية الأخيرة صعود نفس الأشخاص الذين أسقطهم المجلس الدستوري، كيف تقرؤون من جهتكم نتائج هذه الانتخابات؟ إذا كانت انتخابات 2007 زلزالا سياسيا في البلاد وصفعة لمجمل الفاعلين السياسيين، فإن هذه الانتخابات الجزئية هي بمثابة زلزال ثان ونكبة جديدة، وكأننا بلد ومجتمع ونخبة سياسية أصرت على عدم استخلاص الدروس الضرورية من اقتراع السابع من شتنبر. وإذا كانت النخب السياسية في أعقاب انتخابات 7 شتنبر 2007 قد تبارت في الحديث عن العزوف واجتهدت في تحليل أسبابه ومحدداته، فإن الانتخابات الجزئية الأخيرة تلزمنا أن نعاين بمرارة أن المعالجات التي تقدمت بها الأحزاب لمقاربة هذه الظاهرة لم تتجاوز الأدبيات والخطاب، والنتيجة المؤسفة أننا أمام عزوف كبير ومذهل، وأننا أمام إصرار المجتمع على عقاب الظاهرة الانتخابية وعقاب النخب السياسية المتبارية فيها. وهو ما بات يطرح علينا كنخب فكرية وإعلامية وسياسية أن نتحلى بالنزاهة الضرورية لمقاربة ظاهرة العزوف، ذلك أنه لا مصداقية لأية ديمقراطية يقاطعها 80 بالمائة من الناخبين، ومن غير المعقول تماما أن نكرس نفس تجربة انتخابات 7 شتنبر .2007 هذه هي أهم خلاصة يجب أن نضعها على رأس اهتماماتنا كنخب سياسية وفكرية، فالعزوف عن العملية الانتخابية هو أكبر معضلة تواجه مسيرتنا نحو الديمقراطية، وأعتقد أن الظواهر المرضية المرافقة أو المرتبطة بالعملية الانتخابية ما هي في الحقيقة إلا نتاج لظاهرة العزوف أو على الأقل تجد تبريرها في استفحال هذه الظاهرة. كان المطلوب من النخب السياسية، عقب انتخابات شتنبر ,2007 أن تبادر إلى قراءة ما جرى، وأن نستخلص الدروس الضرورية من هذه المحطة الانتخابية. ففي الوقت الذي سجل فيه نوع من المهنية ونزع من الحياد- وإن كان في بعض حالاته حيادا سليبا- من قبل الإدارة الترابية، حصل في المقابل تطور لمافيات الفساد الانتخابي التي أصبحت واقعا فوق الأحزاب وفوق الإدارة نفسها. فأصبح المشهد السياسي يشكو حقيقة من ظاهرتين خطيرتين تهددان المسار الديمقراطي بالبلاد، فمن جهة هناك العزوف المذهل للناخبين عن العملية الانتخابية، ومن جهة أخرى يبرز الدور القوي لفاعل هيكلي يتمثل في أخطبوط الفساد المالي، حتى صار ثلثا ممثلي الأمة في المجالس المنتخبة من فئة الأغنياء، هذا دون البحث عن تفاصيل هذا الغنى وأصله. ولذلك أنا أعتقد أن عودة المطعون فيهم تجد تبريرها في خمول الأحزاب أولا، إذ ليس هناك تنافس قوي بين الأحزاب السياسية ولم يبرز هناك اجتهاد لقراءة ما حصل في الاقتراع السابق واستخلاص الدروس منه لمواجهة الفساد،ـ بل الذي حصل للأسف هو أن الأحزاب السياسية سايرت هذا المعطى، وصارت تتنافس في تقديم من له القدرة المالية على حسم النتائج لصالحها، فصرنا في نهاية المطاف لسنا أمام منتخبين يمثلون أحزابا لها مشاريع وبرامج سياسية واضحة، وإنما أمام كائنات انتخابية بلغت درجة من التمرس والاحتراف والقدرة على صناعة النتائج لصالحها. ولعل ما يزكي هذا الوضع هو هشاشة الأحزاب السياسية وعدم قدرتها على فتح نقاش سياسي عمومي تطرح فيه مشاريعها وبرامجها وتنتخب الشرفاء الذين يستطيعون تعبئة شريحة واسعة من الناخبين على أرضية الرؤى والأفكار والمشاريع وليس على أرضية الولاءات للأشخاص. أعتقد أنه حان الوقت في بلادنا للشروع في خطوات عملية لتخليق للحياة السياسية سواء برضا الدولة أو دون رضاها. ماذا بذلك؟ ما الذي يمنع الأحزاب من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار أن تتوافق بالإضافة على القوانين الانتخابية المنظمة للعملية الانتخابية على ميثاق شرف تلتزم فيه الأحزاب بالحد الأدنى. لا يعقل أن ينتقل النواب من حزب إلى حزب دون أن يوجد قانون منظم أو ميثاق شرف بين الأحزاب يقطع مع ظاهرة ترحال النواب بهذه الطريقة المرضية التي عرفها مشهدنا السياسي مؤخرا. علينا أن نصارح أنفسنا ونطرح السؤال: من المسؤول اليوم عن إفساد الانتخابات؟ ومن أين يأتي الفساد؟ هل يأتي من السماء؟ المؤسف أن هذه الأحزاب تقبل ظاهرة الترحال، وتقبل أن تسلم التزكية للفاسدين، وحين تحسم النتائج لصالحها تبتهج لها، بل إنها من فرط تعودها على هذه المسلكية صارت لها الخبرة التي تعرف بها كيف تؤمن هذه النتائج لصالحها. لا حل لنا أمام هذه المعضلة سوى أن نعيد للسياسة نبلها وشرفها، فالتنافس ينبغي أن يكون بين شرفاء هذا البلد الذين يجتهدون ويختلفون في مقاربة الشأن العام فيه. فالشرف والأخلاق ينبغي أن تكون قيما وقواسم مشتركة بين جميع الأحزاب. المفارقة أنك تجد أن بعض الأحزاب كرست جزءا كبيرا من تاريخها ونضالها ودبجت أدبيات سياسية كثيرة لمواجهة ظاهرة الترحال ومحاربة لوبيات الفساد الانتخابي، لكنها انخرطت في نفس الأساليب، وصارت لا ترى سبيلا لتأمين مقاعدها الانتخابية إلا باعتمادها لهذه الأساليب. لا يمكن للعملية الانتخابية الانتخابية أن يكون لها أية قيمة مضافة حتى يكون المتبارون على المقاعد مواطنون شرفاء حتى إذا لم يتم التصويت عليه من طرف المواطنين فإنهم في المقابل يحتفظون له بالاحترام والتقدير المطلوب. هذه الممارسات العلنية والانتهاكات الخطيرة لشرف العملية الانتخابية ما كان لها أن تحظى بشرعية الوجود لو قامت الأحزاب السياسية بطرد المرشحين المتورطين في إفساد العملية الانتخابية من صفوف الحزب، بل ولما كان لها أن تبرز لو أقفلت الأحزاب السياسية الباب على الفاسدين للحصول على تزكيتها. أعتقد أن الحاجة أضحت ماسة أن تتراضى النخب السياسية على ميثاق شرف وعلى قواعد لعب أساسية يكون فيها الحد الأدنى هو قطع الطريق على الفاسدين. لا يعقل أن يتم التراضي في بعض الأمور البسيطة في التجارة أو المرور إلا في السياسة فيمارس فيها كل حزب ما ينتقده على خصومه. ماذا تعني بالنسبة إليكم أن التباري في الانتخابات الجزئية كان على سبعة مقاعد فازت فيها سبعة أحزاب؟ لا أتوفر في الواقع على المعطيات الدقيقة لنتائج الانتخابات الجزئية، لكن ما يهمني بشكل أساسي - بالإضافة إلى النتائج الإجمالية ـ هو الخلاصات السابقة والتي أركزها في نقطتين اثنتين: العزوف الانتخابي، وغلبة أخطبوط الفساد المالي. بالطبع، لم نصل إلى مستوى عقلنة المشهد السياسي، وتكرس واقع البلقنة السياسية، لكن دعنا نتساءل صراحة من المسؤول عن إنتاج هذا الواقع؟ هذه القوانين التي لم تسعفنا إلى الوصول إلى هذا المشهد السياسي المعقلن بأقطاب سياسية وازنة نحن الذين صنعناها وتوافقنا عليها. هامش الحرية في بلادنا يسمح للأحزاب السياسية أن تتراضى على قوانين انتخابية لا تتقاسمها الإدارة. فالخطاب السياسي الرسمي يدفع الأحزاب السياسية إلى خلق أقطاب سياسية كبرى، فهل نحن على مستوى الممارسة نسعى إلى بناء هذه الأقطاب؟ دعنا نكون صرحاء، لا يمكن بناء أقطاب سياسية إلا بنظام انتخابي يساعد على ذلك، ويدفع الأحزاب الصغيرة إلى التكتل والاندماج في أحزاب كبرى تتقارب معها سياسيا وبرنامجيا. هل كان من الضروري ألا تناقش الأحزاب السياسية طيلة سنة كاملة القوانين الانتخابية حتى يجمعها وزير الداخلية؟ المشكلة أن الحوار الآن يتم مع الإدارة، فأين الحوار بين الفاعلين السياسيين أنفسهم؟ أين الحوار الذي يسعى إلى الإقناع والإقناع المتبادل؟ هل كان من الممكن لوزارة الداخلية أن تفرض علينا مشروعها وتعديلاتها لو دخلت الأحزاب قبل ذلك في نقاشات مستفيضة حول هذه القوانين وتراضت على المشاريع التي من شأنها أن تحقق ما يطرحه الخطاب السياسي الرمي من عناوين كبرى للمشهد السياسي؟ إنه حقا من المفارقة أن يبدع السياسي في إنتاج خطابات وأدبيات تتحدث عن حاجة المغرب إلى أقطاب سياسية ثم يطالب بأن تصير العتبة إلى أدنى مستوياتها ليضمن لحزبه موقعا ضمن الخريطة السياسية للبلاد. إنه من المفارقة أيضا أن يرفع البعض شعارات عقلنة المشهد السياسي والقضاء على واقع البلقنة السياسية ثم يصر على فتح دكان سياسي جديد. إنه من المفارقة حقا أن تعارض بعض الأحزاب فتح نقاش سياسي جدي حول الأقطاب السياسية المفترض أن تقود المشهد السياسي المغربي. إنه من المفارقة حقا أن يتباهى البعض بوجود تكتل سياسي اسمه الكتلة الديمقراطية ثم لا نسمع عنها أنها عقدت أي اجتماع كل هذه المدة الطويلة. ولذلك أنا أقول: ما حدث في اقتراع السابع من شتنبر 2007 من نكبة سياسية، وما أعقبها في هذه الانتخابات الجزئية من زلزال سياسي يحتاج إلى وقفة حقيقية لوقف هذه المهزلة وهذا التردي في العملية الانتخابية. ساد قبل محطة الانتخابات الجزئية خطاب سياسي يبشر بقدرته على تعبئة ما فشلت الأحزاب السياسية إلى الوصول إليه من نخب جديدة وأطر، وشن حملة كبيرة على الأحزاب متهما إياها بالفشل وضعف عروضها السياسية التي قدمتها للناخبين، كيف تقيم هذا الخطاب على ضوء النتائج الذي حققها هذا الوافد الجديد؟ أعتقد أنه لا ينبغي أن نبالغ في تقييم النتائج إلى هذا الحد. من حيث المبدأ، لا يسعنا إلا أن نساند كل المبادرات التي تسعى إلى التقليل من نسبة العزوف وتعبئة نخب جديدة للمشاركة في العملية الانتخابية ولا ينبغي علينا أن نحاكم النوايا، لكن من الحزم سوء الظن، أي لا بد من الاحتراز. التقييم يجب أن يكون على الميدان. إذا كانت حركة فؤاد عالي الهمة لها إرادة سياسية واضحة في اتجاه إثراء الحياة السياسية بقدراتها السياسية خ وأقول هنا بقدراتها السياسية فقط دون اعتماد على شيء آخر لأن الملك في خطاب العرش كان واضحا جين تحدث عهن كونه ملكا للجميع وأنه فوق التنافس السياسي- فلا نملك إلا ندعم مثل هذه المبادرات. فإذا كانت هذه المجموعة تولد لديها من موقع التجربة مشروع سياسي فينبغي أن نرحب بهذه المبادرة لكن دون تهويل من طرف هذه الحركة ولا من طرفنا على أساس أن الذي ينوي تأسيس حزب سياسي لا بد أن يسأل نفسه ما القيمة المضافة التي يريد تقديمها للمشهد السياسي خاصة ونحن اليوم في المغرب بما يناهز ثلاثين حزبا سياسيا. فإذا كانت هذه المجموعة تعتبر أن هناك نقصا وأن هذا النقص يحتاج إلى تعبير سياسي فالباب مفتوح لمثل هذه المبادرات لكن بوسائل القانون وفي دولة القانون وبنفس الشروط التي تشتغل بها الأحزاب السياسية. للأسف الشديد أن التجارب الماضية علمتنا أنه في بعض المراحل أفرزت أحزاب إدارية بوسائل عبأت لها الإدارة وأمنت لها النتائج. لكن اليوم، أنا أومن أن المغرب خرج من هذه المرحلة، ولا يجب أن نسمح أن تعود هذه المرحلة ولا أن تعود أساليبها القديمة. إذا استطاع الوافد الجديد أن يعبئ أربعين في المائة من المغاربة العزوفين عن المشاركة في العملية الانتخابية، فسيكون قيمة مضافة للمشهد السياسي، وإذا استطاع أن يستقطب نخبا جديدة علمية ومدنية وسياسية وفنية واقتصادية لصالح العمل السياسي فيجب أن يهنأ على ذلك، أما إن كان يريد أن يعيد إنتاج نفس الممارسات الماضوية التي قطع معها المغرب فيجب أن نقف جميعا ضده. لكن ألا ترى معي أن الوافد الجديد افتتح مسلكيته في العمل السياسي بالاستثمار في الأحزاب السياسي واستقطاب نوابهم ومستشاريهم والضغط على بعض الرموز الحزبية للقيام بحملة انتخابية ضد أحزابهم، أليست هذه هي نفس الأساليب الماضية؟ أتمنى أن يستدرك أصدقاء الهمة ارتباكة البداية، وأن ينخرطوا في مواجهة الأسئلة الحقيقة بدل بناء العمل السياسي بالشلاليات (من الشلة) ولوبيات الارتزاق. الديمقراطية في المغرب تواجه محنة حقيقية، وهي بالتالي في حاجة إلى ديمقراطيين حقيقيين يثرون التجربة. يمكن لهم بالطبع أن يستفزوا الأحزاب، لكطن ينبغي أن يكون استفزازهم صادقا بدون نظرة استعلائية. أعتقد أننا في مرحلة سياسية صعبة تفرض علينا الا نضيح جهودنا في نعارك دانكشوتية وفي حرب بيانات نارية. ينبغي أن ندرك أننا في وضعية سياسية ثلثا الناخبين فيها ترفض الدخول معنا في اللعبة السياسية بل وتصنفنا جميعا في كيس واحد رغم التمايزات التي توجد بين مكونات المشهد السياسي. وإذا كان هذا الوافد الجديد قد تلقى انتقادات كثيرة، فيجب ألا نغمطه حقه ونعترف له ببعض الإيجابيات، يجب أن نعترف بأنه اجتهد في تقديم أسماء جديدة مثل صلاح الوديع ولحبيب بلكوش. أنا آمل حقيقة أن يستخلص أصدقاء الهمة العبر والدروس الضرورية من هذه الانتخابات الجزئية، وأن يدركوا أن المغرب لا يمكن له أن يعود إلى الوراء، ولا يمكن أن نستهين بتضحيات المغاربة ونجهز على المكتسبات والتراكمات التي صنعتها البلاد، ولذلك، رأيي بكل إخلاص أن الظرف السياسي في بلدنا لا يحتمل موضوعيا أكثر من سبعة أحزاب أو ثمانية. ماذا تقصدون بذلك؟ هناك مكانة هامة لحزب العدالة والتنمية ولمن يمكن أن يدور في فلكها، وهناك مكانة طبيعية لفكر وتيار اشتراكي واسع ببلدنا، وهناك مكان محفوظ لكل التيارات والحساسيات التي تريد أن تعبر عن نفسها، وهناك أيضا مكانة لكل القوى الليبرالية ولكل الطاقات المقاولاتية التي تشتغل بجدية واحترام لقوانين البلد. وأعتقد أ، هذه التيارات والحساسيات يمكن لها أن تبدع من الآليات لخلق أقطاب تقوم على اختيارات فكرية وقيمية وسياسية متباينة. فالقطب ليس قرار إداريا يتخذ اليوم ويرى النور في الغد. يمكن أن نجد من التحالفات الظرفية ما يجعلنا نجيب عن أسئلة مرحلية، إذ لاشيء يمنع أحزاب من مواقع مختلفة أن تتوافق على إجابات عن أسئلة مرحلية، لكن البعد الاستراتيجي يفرض أن تتقارب مكونات تتقاسم نفس البعد الفكري والقيمي والسياسي ولها أطاريح ومقاربات متقاربة لتدبير الشأن العام بالبلاد وأن تدخل في تناوبات حقيقية حتى يجد جلالة الملك في كل محطة انتخابية أغلبيات مكونة من أحزاب قليلة منسجمة وقادرة على إنتاج حكومة تحظى بثقته. ولكن هذا يفترض أن يكون ثمرة لسيرورات طبيعية ولا يمكن أن نخلق قطبا حول فؤاد عالي الهمة ولا قطبا حول فلان وفلان. الأقطاب تكون ثمرة تراكم وسيرورات طبيعية تتقارب فيها مشاريع الأحزاب بعد أن تكون انخرطت في نقاش مستقيض لمدة طويلة، وتولد لديها قناعة أن إجاباتها عن العديد من الملفات والأسئلة الحقيقية في البلد تتطابق أو تتقارب إلى حد كبير. هل أفهم من كلامك أن مبادرة الهمة بجمع خمسة أحزاب سياسية صغيرة، وحديثه عن قرب تحالفه مع الحركة الشعبية والاتحاد الدستوري في خطوة ثانية، ومع التجمع الوطني للأحرار في خطوة ثالثة لا يندرج في سياق خلق قطب سياسي؟ هذا كلام جرائد. نحن في الأحرار نسعى إلى قراءة ما حصل في الانتخابات الأخيرة، كما نسعى إلى خلق جسور التعاون مع العديد من الحساسيات على قاعدة الأفكار والبرامج. ماذا تقصدون بهذه الحساسيات؟ تجربتنا السياسية جعلتنا نقتنع أنه لا بد لنا من التوجه نحو بناء أوفاق وعوائل سياسية متجانسة، لكن هذا التجانس لا يكون بانضمكام شخص إلى شخص، وإنما يحصل عبر تقارب الإجابات عن الأسئلة والملفات التي يحتاجها المغرب اليوم. الأقطاب لا تبنى بالعواطف ولا بالشعارات، وإنما تبنى بفتح جلسات حوار طويلة بين المتخصصين داخل الأحزاب للإجابة على اسئلة من قبيل: ما هو مشروعنا في التربية الوطنية؟ وكيف سندبر ملف الصحراء؟ وكيف سنواجه التردي الأخلاقي الذي يتناسل في بلدنا؟ وكيف نحافظ لبدنا على دينه وقيمه؟ وكيف نحافظ لديننا على موقعه وللغة العربية على مكانتها؟ إن التقارب السياسي يكون انطلاقا مما يحصل من تقاربات على مستوى الإجابات التي يقدمها كل حزب عن هذه الأسئلة، ولذلك أنا أقول لا بد أن نجتهد في بناء منهجية جديدة في التعامل السياسي تقطع مع الخطاب العاطفي ومع المجاملات التي تكون في العادة بين القيادات السياسية، كما ينبغي أن نقطع أيضا مع أسلوب البيانات والبيانات المضادة. - تحدثتم عن العوائل السياسي المتقاربة، هل يمكن أن تمثلوا لها؟ - هناك تقارب كبير بين تشكيلة اليمين والوسط، فلا معنى أن تبقى الحركة الشعبية في المعارضة لاعتبارات مزاجية أو ظرفية، لا يعقل أن يتحالف حزب الاستقلال مع حزب التقدم والاشتراكية. المرحلة اليوم تستدعي أن نسعى إلى بناء تحالفات لها حد أدنى من الانسجام. يكفي أن أذكرك هنا أن تشكيل الحكومة الألمانية استغرق جلسات طويلة واتفاق تجاوزت أوراقه ثلاثة آلاف ورقة ضمت الأجوبة على الأسئلة الدقيقة في تدبير الشأن العام. المشكلة لدينا أننا لم نرتفع إلى هذا السقف من الوعي، وندرك أن التحالف ينبغي أن يبنى على أساس هذه المنهجية، لا أن تخجل الأحزاب من أن تسند لها وزارة التربية الوطنية، وأن تسند بعد تهرب الجميع إلى شخصية مستقلة. واين يكمن الخلل في نظركم؟ مشكلتنا أننا ولعشر سنوات مضت كنا نجتر خطابات الإصلاح، والنتيجة أن جل القطاعات التي كانت تحتاج إلى إصلاح لا زالت تتحدث عن ضرورة أن يطالها الإصلاح، خذ على سبيل المثال إصلاح العدل وإصلاح التعليم وإصلاح الإدارة. مشكلتنا أننا لم نخرج من خطاب الإصلاح إلى طرح سؤال تدبير الإصلاح، والسبب في ذلك أن الأحزاب السياسية تهمش علماءها ونخبها وأطرها، فالحوارات التي تجري على هذا مستوى هي حوارات سياسية بين القيادات السياسية، ولا يجري أي حوار حقيقي بين نخب الأحزاب وأطرها وكفاءاتها حول منهجية لتدبير الإصلاح في هذه القطاعات. وهل دشنتم في الأحرار خطوات لترجمة هذه المنهجية السياسية الجديدة التي تقترحونها؟ نحن سندشن قريبا مع الحركة الشعبية نقاشا حقيقيا حول العديد من الملفات، وهناك نقاش آخر سنفتحه مع حزب الأصالة والمعاصرة. ولكن قيادات حزب الأصالة والمعاصرة تحدثت عن تحالف مرتقب بينكم وبينهم؟ لم تتعد النقاشات التي فتحناها مع هذا المكون السياسي الجديد سقف الحوارات الاستكشافية، وسنواصل هذه الحوارات، وهذه بالمناسبة ليست حكرا على هذين الحزبين، فتحن منفتحون على كل الفعاليات وفق هذه المنهجية الجديدة. بما في ذلك حزب العدالة والتنمية؟ نحن منفتحون على كل الفعاليات والأحزاب السياسية بما في ذلك العدالة والتنمية بالمناسبة ما فتئتم تتحدثون عن ضرورة أن تبعث الأحزاب السياسية برسائل سياسية واضحة تبرز قطعها مع واقع الفساد ورفضها العبث بالعملية السياسية، هل ستقدمون على فصل عزيز أخنوش من حزب الأحرار على خلفية دعمه لحزب الأصالة والمعاصرة ضدا على مرشحكم في دائرة تزنيت؟ أولا لا بد أن نستحضر الظروف التي تشكلت فيها الحكومة وعملية الاستوزار التي تمت بإنزال أسماء باسم الحزب. فعملية استوزار أسماء مثل عزيز أخنوش ونوال المتوكل وبنخضرا باسم حزب الأحرار يعرفها الجميع، وأعتقد أن هذه الإنزالات وهذه الاستوزارات ينبغي أن تتوقف، لأن ذلك يطعن حقيقة في مصداقية العملية الديمقراطية برمتها، كما تطرح أكثر من سؤال حول مسار الاستقطاب داخل الأحزاب السياسية، فإنزال أسماء باسم أحزاب يحبط ويقضي على كل الطموحات المشروعة لهذا الجيل المنتمي لهذا الحزب أو ذلك، ومعنى هذا أنه لا بد للقيادة السياسية أن تتحمل مسؤوليتها السياسية في هذا الموضوع. ثاينا: أنا أعرف عزيز أخنوش، كشخصية سياسية واقتصادية ومقاولاتية، فالرجل حقيقة على خلق كبير، وأنا أستغرب كيف أقدم على هذا التصرف؟ ولا أعرف حقيقة ما هي ملابسات الحادث وما هي دوافع أخنوش للإقدام على هذا السلوك؟ ثالثا: لقد طلبنا من الأخ العربي أقسام أن يقدم تقريرا مفصلا يحكي فيه ما جرى، ويحدد بدقة سلوكيات كل فعاليات الأحرار في الحملة الانتخابية، وأن يتحرى صحة ما نشرته وسائل الإعلام بخصوص هذا الموضوع. وأقول إن المكتب السياسي سينكب على هذا الموضوع بكل مسؤولية وسيتخذ القرار الذي يفرضه تخليق الحياة السياسية.