صرح أقارب المواطنة المغربية دليلة الميموني ، التي توفيت صباح الثلاثاء بمدريد على إثر اصابتها بفيروس أنفلوانزا الخنازير، أن الضحية لم تكن مصابة بمرض الربو ، كما ذكر عدد من المسؤولين الإسبان ، محملين المسؤولية لأطباء قسم المستعجلات الذين تأخروا أيام عديدة قبل اكتشاف إصابتها بالفيروس . محمد، زوج الضحية الذي صرح بأن كل ما يرغب فيه الآن بعد هذه الفاجعة، هو نقل جثمان الضحية لتوارى الثرى في مسقط رأسها بالمضيق ، أكد أن دليلة كانت بصحة جيدة ، وأنها كانت عداءة متخصصة في مسافة 1500 متر، وسبق أن فازت بعدة سباقات في المغرب ، وبالتالي لا صحة للتصريحات التي جاءت على لسان عدد من المسؤولين الإسبان ، وعلى رأسهم وزيرة الصحة ترينيداد خيمينيث ، من كون معاناة دليلة مع مرض الربو هي التي جعلت إمكانيات إنقاذها صعبة. وكان محمد ودليلة قد عقدا قرانها أواخر دجنبر الماضي في المضيق، مسقط رأسهما، بعدها انتقلت الضحية إلى إسبانيا حيث يقطن زوجها مع والديه وعدد آخر من أقاربه. دليلة انقطعت عن ممارسة رياضة العدو إستعدادا لوضع طفلها الأول الذي أوصت بأن يطلق عليه إسم «رايان». لكن الأقدار لم تشأ أن تراه ، حيث لفظت أنفاسها ساعات قليلة بعد أن أجريت لها عملية قيصرية ، وحاليا مازال الطفل يرقد بنفس المستشفى يخضع للتنفس الاصطناعي ، إبن سبعة أشهر ويزن 1200 غرام ، في انتظار معرفة ما إذا كان أصيب أم لا بالفيروس . الإعلان عن وفاة أول ضحية لفيروس أنفلوانزا الخنازير في الجار الشمالي ، كان له وقع الصاعقة في إسبانيا ، واحتل الحيز الأكبر من اهتمام مختلف وسائل الإعلام. وزيرة الصحة سارعت بعقد ندوة صحافية لطمأنة الرأي العام هناك ، خصوصا أن إصابات أخرى بالفيروس دخلت بدورها مرحلة الخطورة ، معلنة أن مصالحها قامت بما يفرض عليها الواجب لإنقاذ دليلة ، وأنها تتابع عن كثب باقي الحالات التي قاربت الثمانمائة ، كما أدلى مسؤولون آخرون بتصريحات كانت كلها تصب في نفس المنحى ، وهو أن السلطات الصحية الإسبانية غير مسؤولة عن وفاة دليلة . لكن هذا الرأي لا تشاطره عائلة الضحية المغربية . والدتها عزيزة التي انتقلت على الفور لإسبانيا لتكون قرب ابنتها ، وصلت متأخرة ، لأن دليلة كانت آنذاك دخلت مرحلة الغيبوبة ، وكان عزاؤها الوحيد أنه تم إنقاذ حفيدها ، وقد صرحت أيضا أن ابنتها لم تكن أبدا مصابة بالربو ، وهو نفس التأكيد الذي جاء على لسان والدة الزوج محمد . فما الذي حدث ، وكيف ظلت الضحية تعاود زيارة قسم المستعجلات وتعاني من أعراض الفيروس ، من إرتفاع درجة الحرارة والسعال وضيق التنفس ، في الوقت الذي اكتفى الأطباء بإعطائها مسكنات فقط. مصادر طبية ، أوضحت بهذا الخصوص أن عدم الشك في إصابة دليلة بالفيروس ، يعود إلى أنه لم يسبق لها زيارة المكسيك ولم تختلط بشخص قادم من هناك ، على عكس الحالات التي سجلت إلى حد الآن في إسبانيا ، وهو ما جعل الساهرين على قسم المستعجلات يستبعدون هذا الإحتمال . لكن المعاناة التي عاشتها الضحية وزوجها ، والتي كشفها هذا الأخير لعدد من وسائل الإعلام ، تكشف تقاعس الأطباء في أداء واجبهم ، على الأقل ، إن لم يكن الأمر يتعلق بإهمال يعاقب عليه القانون . ففي 11 يونيو ، بدأت أعراض الإصابة تظهر على دليلة ، فأخذها زوجها إلى قسم المستعجلات بمستشفى« فوينلابرابا» ، وهناك قال لهما الأطباء إن الأمر يتعلق فقط بالتهاب تنفسي وأن ليس هناك ما يستدعى مكوثها بالمستشفى ، بل إنهم لم ينصحوا بضرورة تناول مضاد حيوي . بعد يومين ، 13 يونيو ، عادت إلى نفس المستشفى . كانت حالتها إزدادت تدهورا وتتنفس بصعوبة ، غير أن الأطباء أعادوها إلى منزلها بدعوى أن وضعيتها ليست بالخطورة التي تتصورها . في 15 يونيو ، حمل محمد زوجته إلى مستعجلات مستشفى آخر « غريغوريو مارانيون» حيث ستلفظ أنفاسها بعد أسبوعين ، واكتفى الأطباء بأن وضعوا لها جهاز تنفس لبعض الوقت ونصحوها بالعودة إلى المنزل وأخذ قسط من الراحة . غير أن حالة دليلة ستدخل مرحلة الخطورة ، بعد ثلاث ساعات، حيث لم تعد قادرة على التنفس إلا بصعوبة ، وبعد العودة إلى المستشفى اقتنع الأطباء أخيرا بأن حالتها تستوجب مزيدا من العناية ، فأدخلت إلى قسم العناية المركزة ، ولم يتم تشخيص إصابتها بالفيروس إلا بعد مرور تسعة أيام ....بعد فوات الأوان . هذه المعطيات ، دفعت بأقارب الضحية إلى الاتصال بمحامي في سبتةالمحتلة لرفع دعوى ضد إدارة المستشفى بسبب الإهمال وهو ما سيفسح المجال لمعركة طبية - قانونية مثيرة . من جهة أخرى، علم في مدريد أن القنصل العام للمغرب ، يونس التيجاني قام بزيارة عائلة الضحية وعبر عن تعازيه لهم ، حيث صرح أنه «سيتم نقل جثمان المواطنة المغربية إلى المغرب فور استكمال الاجراءات الادارية اللازمة» مضيفا أن «مصالح الصحة الاسبانية بذلت مجهودات مهمة من أجل التكفل الطبي بالمواطنة المغربية». كما تعتزم القنصلية العامة للمغرب بمدريد بتعاون مع المصالح الصحية الاسبانية تنظيم حملة إخبارية وتحسيسية تتوخى إعطاء إرشادات طبية إلى المغاربة المقيمين بمدريد وضواحيها لتجنب الاصابة بهذا الفيروس.