لا مجال للشك أن المقاومة المغربية ليست مجرد اندماج فرح في لحظة تاريخية مغلقة؛ فرغم الغبطة النفسية التي استطاع رجال استثنائيون أن يدرجوها في قلوب المغاربة، كل الوقائع مازالت تشير إلى أن الوطن ليس شيئا يتميز بالهدوء، وأننا مازلنا بعد أكثر من خمسين سنة مصابين بحالة من انعدام الوزن، وأن «الوطن» الذي نطمح إليه مازال عسيرا، وأن جثة الماضي الأسود مازالت ملقاة على الأرض. الحاجة، إذن، إلى استعادة «درس المقاومة» لإنقاذ ما يمكن إنقاذه أصبحت ملحة. نحن بحاجة إلى مقاومين يجيدون البحث عن القضايا الجادة، إلى رجال يؤمنون بأن بإمكان الخيول أن تسير على الماء إذا توفرت الثقة بالنفس، والثقة بالبلاد، والثقة بأولاد البلاد الذين يحسون بالضيق لأنهم فائضون عن القيمة. لقد تمكن الزرقطوني والحنصالي والفطواكي والروداني ومنصور والفقيه البصري وبونعيلات.. وكل العمالقة الذين صنعوا «رائحة البلاد»، من دفع المستعمر إلى الوقوع في الحضيض، وإلى كشف «جانبه الشرير»، وإلى ارتكاب أخطاء خارج التوقع.. لم يكن هؤلاء يملكون طائرات، ولا رشاشات، ولا مدافع، ولا أموالا. كانوا يملكون شيئا آخر أكثر فتكا.. كانوا يملكون الإيمان الذي كان يدفعهم إلى الأمام. فما أحوجنا الآن إلى الإيمان الغائب.. رغم أن هذا الغياب اتهام قاس قد لا نستطيع جميعا- كمغاربة نطمح إلى التغيير- احتماله.