يقول إن اسمه «بوشعيب البح» ، رجل مسن ومعاق خِلقيا، عمره 73 عاما ، يعيش بشارع يعقوب المنصور - حي الراحة ( المعاريف ) منذ أكثر من5 سنوات، حسب ما جاء في حديثه المتقطع معنا ، وهو ما زكته بعض شهادات سكان يقطنون بالمنطقة ذاتها. شيخ وجد نفسه فجأة تحتضنه أزقة وشوارع البيضاء، «بعدما طردتني أختي» كما أسر لنا، ليتخذ من باب أحد المنازل «مأوى» له يمضي فيه أيام عمره المليء بالمعاناة، بليلها ونهارها، ببرودتها وحرارتها... بعدما تنكر له الأهل والاقارب. «يعيش» في ظروف صحية واجتماعية قاهرة، لم يجد من يمد له يد العون والمساعدة، اللهم بعض المحسنين الذين يجودون عليه بين الحين والآخر، حكمته في الحياة «الرزق عند الله». في تصريحه للجريدة حول الظروف والأسباب التي أجبرته على الخروج للشارع يقول «بابو شعيب» :«كنت أقطن قبل 5 سنوات بحي الرجاء بالحي الحسني، بعدما توفي الوالدان والزوجة، بقيت رفقة أختي التي طردتني بعدما رفضت الرضوخ لرغبتها في الخروج للتسول..»! لحيته البيضاء توحي بالوقار الذي يطبع شخصيته الهادئة، وجسده الضعيف الذي أنهكته ، وفق كلامه، قساوة العيش بالشارع، مفترشا الأرض، بخلاف ذاكرته التي لاتزال تختزن العديد من الأحداث و«القصص» التاريخية، التي تؤثث لوجه آخر ل «بابوشعيب»، الشيخ المعاق حاليا والشاب «المقاوم» سابقا. وضعية «بابوشعيب» لفتت انتباه مجموعة من المواطنين، وخاصة من السكان المجاورين وأصحاب المحلات التجارية، الذين اتصل بعضهم بجهات مسؤولة للنظر بعين الرحمة لحاله، مبدين تضامنهم معه عبر «الجريدة»، وذلك اعتبارا لشيخوخته وإعاقته ، إضافة الى صحته المتدهورة بعدما اشتد مرضه، حيث بات لايغادر«مأواه» (باب أحد المنازل) الذي لايتسع حتى لمدرجليه أثناء النوم !! إلا لقضاء حاجته البيولوجية! «رغم معاناتي من الإعاقة، يقول «بابو شعيب»، كنت ولازلت أعشق بلدي ، مازلت أذكر عندما تم اعتقالي مدة 35 ساعة بداخل مرحاض من لدن السلطات الفرنسية بدوار «ولدالجمل» بمنطقة عين الذئاب»! ذاكرته القوية لم يصبها العياء، بخلاف حال جسده الهزيل، يروي بافتخار وزهو عن عودة محمد الخامس من المنفى ، والشعور الاستثنائي الذي ساور الجميع ، صغارا وكبارا، نساء ورجالا، في تلك الأيام التاريخية التي لاتنسى، حين كان التضامن والتآزر السمة السائدة بين الناس، خاصة وأن الرغبة في التخلص من الاستعمار واستعادة الكرامة المهدورة كانت تشكل الظلال التي يستظل بها حلم الجميع . «با بوشعيب» المنسي، حاليا، بأحد أركان شارع «يعقوب المنصور»، يحتضن آلامه في صمت، يرفض التسول أو مد اليد عكس المئات ممن يدعون الإعاقة في الحافلات والأسواق ... قُوته متوقف على أريحية بعض السكان ، أو المارة، ينتظر التفاتة «رحيمة» من لدن الجهات المعنية ، اجتماعيا بالأساس، تعيدله شيئا من الدفء الإنساني الذي غادره بقسوة ، على حين غرة ، منذ سنوات!