وجه رئيس الجمعية المغربية للمنتجين والمنتجين المصدرين للفواكه والخضر «ابفيل» عبد الرزاق مويسات رسالة إلى الوزير الأول عباس الفاسي طالبه فيها بعقد اجتماع استعجالي يضم وفداً عن فلاحي منطقة سوس ماسة والوزراء المعنيين ، لتدارس المخاطر التي تواجه الإنتاج الفلاحي واتخاذ الإجراءات القانونية الضرورية لتفادي اضطرار الفلاحين إلى إعلان الموسم الفلاحي المقبل سنة بيضاء. الرسالة جاءت بعدما نظم فلاحو المنطقة مسيرة احتجاجية متبوعة باعتصام لمدة نصف ساعة أمام مقر الولاية دون أن يحظوا بحق الاستقبال من طرف الوالي ودون أن يصدر عن السلطات المحلية والإقليمية ما يفيد بأنها ستحمي الحق في الشغل من كل الاعتداءات على الأشخاص والممتلكات التي تنفذ تحت ذريعة الحق في الإضراب. آخر المعطيات المستقاة من ممثلي الجمعيات المحتجة على ما أسمته ب « الحياد السلبي» للسلطات المحلية والإقليمية، تفيد بأن الهدوء النسبي عاد للضيعات ومحطات التلفيف والتكييف، ولكن مخاطر محاصرة مراكز الإنتاج لا تزال قائمة، كما تفيد بأن المنتجين عازمون كل العزم على تنفيذ قرار التوقف عن الإنتاج في الموسم الفلاحي المقبل، لأنهم لم يعد بمقدورهم تحمل كل الخسارات الناتجة عن عدم اكثرات السلطات العمومية بهشاشة القطاع وبمخاطر ضياع العديد من الكتسبات التي حققها المغرب في الأسواق الدولية والتي يعود إليها الفضل في تحويل منطقة سوس ماسة إلى منطقة تقدم خدمات اجتماعية متمثلة بشكل خاص في توفير العديد من مناصب الشغل وفي تنويع الإنتاج الفلاحي وعرضه في الأسواق المغربية بأسعار كثيراً ما تكون أقل من كلفة الإنتاج. وبالفعل فإن أكثر الناس دراية بنوعية العلاقات التي تميز القطاع الفلاحي بالمنطقة هم الذين واكبوا مفاوضات المغرب مع الاتحاد الأوربي حول الشق الفلاحي، فما حققه الفلاحون بالمنطقة من قدرات على غزو عدة أسواق أوربية رغم احتدام التنافسية تطلب تضحيات ومجهودات شملت من جهة تغيير مواعد الإنتاج حتى لا تتزامن مع وفرة الإنتاج الأوربي وأمّنت التأقلم مع كل المعايير الصحية والبيئية والذوقية والجمالية، ومن جهة ثانية تجاوبت مع المعايير الاجتماعية المعمول بها في الدول المستوردة للمنتوج المغربي بما في ذلك تجهيز الضيعات بالمرافق الصحية وبمعدات الوقاية، أما بالنسبة لاحترام قانون الشغل فقد بات من المؤكد أن منطقة سوس ماسة تعتبر رائدة في هذا المجال، إذ تؤمن جل الضيعات الكبيرة لمستخدميها الحق في الانخراط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مع احترام الحد الأدنى للأجر الفلاحي القانوني، ومنها من يوفر حقوقاً أخرى كالساعات الإضافية والنقل، غير أن الخسائر التي تكبدها القطاع خلال السنوات الأخيرة، سواء بفعل إضرابات عمال الموانئ «الدوكيرات» أو بفعل إضرابات سائقي الشاحنات أو بفعل الإضرابات التي شملت بشكل خاص الضيعات التي تؤمن أكثر الحقوق لمستخدميها. إن المخاطر المطروحة بفعل تردد الإضرابات، لا تقف عند حد عرقلة المفاوضات التي يقودها وزير التشغيل جمال اغماني بهدف التوصل إلى اتفاقيات جماعية تعطي لقانون الشغل في القطاع الفلاحي إمكانية التوفيق بين حقوق مختلف الأطراف المعنية، ولكنها تهدد بتخلي العديد من الزبناء الأجانب عن الاستيراد من المغرب، بل بهجرة عدة استثمارات من المنطقة، إما إلى باقي الجهات المغربية التي يحرم فيها مستخدو القطاع الفلاحي من أبسط الحقوق، وإما إلى دول أجنبية أخرى. إن إقدام جمعية «أبفيل» على تنظيم مسيرة احتجاجية واعتصام أمام الولاية بأكادير، ثم على مطالبة الوزير الأول بعقد اجتماع يفضي إلى تخلي السلطات المحلية والإقليمية عن نهج منطق «الحياد السلبي» إنما هو نهج يعكس إلى حد بعيد استعداد منتجي القطاع الفلاحي بسوس ماسة للدفاع عن حقوقهم ومطالبهم، وقد يكون من المنطقي الاعتراف لهم بأن ما راكموه من تجارب في التفاوض مع الاتحاد الأوربي وفي التأقلم مع الطبيعة لتأمين الإنتاج بوفرة خارج المواسم المعتادة، ثم في الاهتمام بالجانب الاجتماعي يستحق أن يعتمد كمُحفّز على تعزيز ما تحقق بعلاقات إنتاجية واضحة المعالم وباتفاقيات يمكن أن تعمم فيما بعد على باقي المناطق المغربية، أما التذرع بالحياد السلبي فلن يسفر إلا عن الدفع بالمنتجين في القطاع الفلاحي إلى حرمان مستخدميهم من أبسط الحقوق تفادياً للتعرض لنفس المشاكل التي تعاني منها الضيعات الرائدة في مجال توفير الحقوق الاجتماعية.