احتضنت مؤخرا، مدينة فاس أشغال الملتقى الوطني الرابع للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، الذي نظمته لجنة تسيير المبادرة ، تحت شعار « الاستمرارية في خدمة التنمية » . الملتقى عرف حضور بعض أعضاء الحكومة ومشاركة عدد كبير من الفاعلين الجمعويين وممثلي الهيئات المنتخبة والمصالح الخارجية للقطاعات الحكومية، بالإضافة إلى المستفيدين من المشاريع، كما كان كذلك مناسبة لتبادل الآراء والخبرات بين الفئات المشاركة حول مسار مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من جهة، ومن جهة أخرى بين كل المتدخلين على الصعيدين المحلي والوطني ، المساهمين في وضع الآليات المتعلقة بالمبادرة . الجلسة العامة عرفت عدة مداخلات، أجمعت كلها على أن المبادرة الوطنية «منبثقة من فلسفة اجتماعية ومنظومة ثقافية تساهم في معالجة الاختلالات الاجتماعية، من إقصاء اجتماعي والفقر والهشاشة، ناهيك عن كونها تسعى إلى إذكاء روح المواطنة الفاعلة ». الكاتب العام لوزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، في مداخلته صرح قائلا إ حوالي أربعة ملايين شخص استفادوا من 16 ألف مشروع رصد له غلاف مالي بمبلغ 9.4 مليار درهم، منذ انطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية سنة 2005، التي ساهمت فيها بمبلغ 5.5 مليار درهم. مشيرا إلى أن نسبة الفقر عرفت انخفاضا خلال الفترة ما بين سنتي 2005 2008 ، لتستقر في نسبة 9 بالمائة بدل 14 بالمائة . مذكرا في الأخير بآليات الحكامة الجيدة ، مشيرا إلى أنه تمت تعبئة أكثر من 11 ألف امرأة ورجل في إطار مختلف لجان التنمية البشرية وكذا فرق تنشيط الأحياء بالبلاد . باقي المداخلات ركزت على أن المبادرة الوطنية مكنت من إرساء دينامية وانخراط وتعبئة كافة الفاعلين في مجال التنمية البشرية، وذلك من خلال إنجاز العديد من المشاريع التنموية ، خاصة منها المتعلقة بالاستجابة لحاجيات الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وأطفال الشوارع والنساء في وضعية صعبة، وكذا المساهمة في خلق مشاريع مدرة للدخل والتأهيل والتكوين المهني، وتزويد المناطق النائية بالماء الصالح للشرب والكهرباء إلى جانب دعم مجال التعليم والصحة . كما نوه المتدخلون بثلاثة نماذج تم تقديمها من مدينة وجدة وقرية أبا محمد التابعة لإقليم تاونات، وإقليمسيدي قاسم، التي ساهمت في معالجة الفقر والهشاشة الاجتماعية، حيث أوصى المتدخلون أن تنقل هذه المشاريع وتعمم على كل الأقاليم المغربية مع حث المحسنين أكثر للمساهمة في إنجاحها، كما ألحوا على أن تنصب اهتمامات المسؤولين على العالم القروي، في إطار الاستفادة من المشاريع الأفقية لفك العزلة عن البادية ، على اعتبار أن المسالك والطرق تساهم في التنمية الاقتصادية خاصة وأن جماعة قروية في إقليمصفرو أبدى رئيسها في تصريح لجريدة وطنية، بملاحظة تتعلق بعشوائية توزيع قطيع الماعز، منتقدا استبعاد جماعته من الاستفادة من الدعم، الذي يقدم للجماعات القروية المعوزة ، متمنين أن تصبح بعض المشاريع لجهة فاس بولمان ، مشاريع نموذجية، خاصة أن عدد الجمعيات التي تستفيد من الدعم المالي تقدر ب 150 جمعية، وقد استعرض المتدخلون أيضا ، بعض المشاريع المدرة للدخل كإصلاح "دراز" مصنع تقليدي بالطالعة الصغرى ، بمساهمة وكالة التخفيض من الكثافة وإنقاذ فاس . هذا وقد توزع المشاركون في الملتقى الوطني الرابع للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية والذين وفدوا من مختلف جهات المملكة، على ثلاث ورشات، خرجوا بعدة توصيات بعد مناقشة مستفيضة تسعى إلى تعميق فلسفة المبادرة الوطنية البشرية، وتكوين وإعادة تكوين حاملي المشاريع، والعمل على إقرار مشاريع بناءة لمحاربة الفقر والهشاشة الاجتماعية. و خلص المشاركون إلى رصد موارد بشرية مؤهلة قادرة على تدبير معقلن للمشاريع تتسم بملكة الاستباقية وتعمل على ترسيخ ثقافة الالتقائية من خلال التعاقدية . كما كان إقحام القطاع الخاص في المشاريع المدرة للدخل ، من بين التوصيات التي أوصى بها المتدخلون ، ليلعب دور الرافعة للمبادرات في هذا الباب ، وأوصوا بالزيادة في حجم مساهمة المبادرة في تمويل المشاريع المدرة للدخل لتمكينها من تحقيق مردودية دائمة . ومما جاء في توصيات الملتقى كذلك : إدراج المشاريع وفق توجهات الإستراتيجية المحلية وفق حاجيات الساكنة و وضع تصور تنموي مندمج وشمولي ، وكذا جذاذات التقييم من طرف اللجنة الإقليمية للتمنية و تجنب المشاريع المنجزة من طرف الوزارات القطاعية و إدراج المشاريع المدرة للدخل في إطار السلسلات الحرفية و ضرورة مضاعفة التأطير والتكوين للجمعيات وحاملي المشاريع وكذا أعضاء اللجنتين المحلية والإقليمية و تحديد مؤشرات معبرة لتقييم المشاريع بطريقة مستمرة ، إضافة إلى تشجيع المشاريع الاجتماعية والتربوية الوقائية ابتداء من فضاءات تعليمية موجهة للشباب بالأحياء المهمشة و التفكير في وضع آليات لإخضاع الأطراف المشاركة للالتزام ببنود اتفاقية الشراكة ووضع مجموعة من النماذج الملائمة لاتفاقية الشراكة مع مراعاة خصوصيات المشاريع المقترحة مع إشراك حامليها أثناء الصياغة مع مراعاة قيم الاقتصاد الاجتماعي والتضامني في نشاط الجمعيات والتعاونيات و التعاضديات، ثم تخصيص غلاف مالي لمرافقة مرحلة إنجاز المشروع .