أصدر القضاء الادراي حكما بإلغاء قرار ولاية طنجة والرباط برفض ترشيح نواب من الرحل، أو نصف الرحل، بمعنى أنهم رحلوا في نصف الولاية التي انتدبوا لها سنة 2007 تحت لون سياسي مغاير للونهم سنة 2009. لنقلها منذ البداية: سنخطىء كثيرا إذا ما نحن عكسنا الخصم، أو غيرنا اتجاه اصبع الاتهام. فالمشكلة في بلادنا في هذه اللحظة ليست الحكم الصادر عن قضاء نريده ونسعى الى أن يكون مستقلا، بل هي الظاهرة السياسية التي تنخر البلاد وتغير من معنى السياسة فيها.. لقد اتخذت الحكومة قرارا رأى فيه العديدون خطوة في الاتجاه الصحيح، وتماشيا مع متطلبات الاصلاح وإعادة الاعتبار للفعل السياسي. وهو القرار التي تمت فيه الاستشارة مع «سلطة» قضائية ممثلة في المسار المهني والعلمي للأمين العام للحكومة.. وقد جاء الحكم الصادر عن القاضي الاداري في غير الاتجاه الذي أرادته الحكومة، وهو ما قد يصفه المراقب المحايد بأنه استقلال عن الحكومة وعن الجهاز التنفيذي..أو بعبارة أخرى، لقد صدر الحكم في غير ما تريده الحكومة التي اصدرت القرار القاضي بمنع ترشيح نواب رحل. لنقل أن القاضي اجتهد دون أي ضغط من الجهاز التنفيذي، وبدون توجيهه نحو ما يريد هذا الجهاز، واصبح اليوم الحكم في نازلتين ساريا وبدون استئناف. لكن، في الجهة الأخرى من المنطق يطرح السؤال: هل يمكن لوزير الداخلية أن يعتبر الحكم في النازلتين كافيا لكي يعمم الترخيص في القضايا الأخرى المعروضة على وزارته، وهي حسب من حضروا اللقاء 20 حالة. سيكون قرار من هذا القبيل مصادرة على المطلوب، واستيباق القضاء بقرار تنفيذي، وهو ما نعتقد بأنه لا يساير ما خلصنا إليه في حالة عرض القضية على القضاء، والإلتزام بما أراده القاضي. وبعبارة اخرى، لقد اصدر القاضي حكمه بدون توجيه من الحكومة، وهي التزمت بذلك في شخص وزير الداخلية، فلا يمكنه أن يسبق حكم القضاء في باقي النوازل ويسمح بالترشيح لمن هم أمام القضاء. لقد اجتهد القاضيان في ما اجتهدا فيه، وعلى القضاة المغاربة الآخرين أن يجتهدوا في ما هو معروض عليهم من قضايا تخص الترشيح والانتخابات.. فالاجتهاد القضائي، حول الملاءمة بين المادة 5 ومنع النواب الرحل، بدأ في الواقع مع الاستاذ ادريس الضحاك، وهو معروف بالنسبة للميدان، وتواصل مع القاضي الاداري، ولا بد من أن يستمر مع القضاة المغاربة الآخرين في مدنهم ومحاكمهم..