تتعدد الأبحاث والدراسات حول تناول المنشطات عند الرياضيين، وتختلف القراءات، وتسطر القوانين فارضة عقوبات زجرية تختلف حدتها من بلد لآخر... ويتفق الجميع على أن لهذه الآفة مخاطر كثيرة ومتعددة.. ماهي حدود هذه المخاطر؟ وماذا يحمل رياضيونا من معلومات عن أنواع المنشطات، ولائحة موادها المحظورة؟ وماهي درجة الوعي والإدراك في المشهد الرياضي الوطني؟ الحاج محمد فتحي ( بطل سابق في ألعاب القوى) الاعتماد على غير الجهد.. انتحار بطيء استغرب العداء السابق محمد فتحي الذي كان مختصا في رمي القرص ودفع الجلة، وحقق نتائج جيدة، واعتلى في مناسبات عديدة منصة التتويج وطنيا وقاريا وكذلك على الصعيد الدولي، لهذه الآفة التي اصابت الرياضة بصفة عامة، وأكد ان المنشطات ليست مقتصرة على ألعاب القوى بل تفشت في جميع الانواع الرياضية، واضحت تشكل معضلة امام المنظمين و المشرفين على الملتقيات الذين يقومون بجميع الاحتياطات لكي تمر الامور على ما يرام. ولكن رغم كل هذا يكون دائما هناك استثناء يعكر الجو، والكل يعرف ما يقع في سباق الدراجات وألعاب القوى حيث لهاتين الرياضتين حصة الاسد في تناول المحظورات إما عن قصد وتكون هي الطامة الكبرى ، او عن غير قصد حيث تذهب جهود العداء سدى لعدم معرفته بأنواع المواد المحظورة. ويقول البطل السابق محمد فتحي:« الرياضي انسان غير عاد، وعليه ان يحتاط من الاحتياط،هذه ليست فلسفة ولكن هذا واقع ملموس. يمكن ان تتصفح الجرائد و تتفاجأ كل يوم بخبر من هذا النوع، وكان آخرها النبأ الذي وقع كالصاعقة والمتمثل في رشيد رمزي حيث انه بعد مدة طويلة اكتشف في الاختبار الاول وينتظر الثاني. لهذا يجب على العدائين المغاربة ان يتجنبوا هذه الآفة التي اصبحت تنخر الجسم الرياضي، واصبح من الضروري الاسراع بتشييد المختبر لكي ننقص من انتشار الوباء. لانه انذاك سيكون عامل القرب مفيدا ويمكننا ضبط المتورطين بسرعة قبل اكتشافهم في الخارج. الآن لا يسعني الا ان أقدم النصيحة التي اكررها كل يوم في التداريب مع العدائين، وهي أن الاعتماد على غير الجهد.. هو سبيل للانتحار البطيء » الركراكي سلام (عداء سابق) المنشطات؟ لو طرح هذا المصطلح في زمننا، لاعتقدناه نوعا من الشوكولاطة صرح العداء السابق سلام الركراكي المختص في 3000 متر موانع، انه في الخمسينات والستينات لم يكن يتداول اسم المنشطات في الحقل الرياضي: «والله لو سألت احدنا في ذلك الوقت والزمن عن هذا الاسم لاعتقده شكولاطة او شيئا من هذا القبيل، بل كنا نحتاج الى شيء من الخبز والطماطم لكي نقوي عضلات الجسم ونتجه نحو المضمار وبعد ذلك يبدأ الركض وينصب تفكيرنا على الامتار والوقت ومتى ستصل الى خط النهاية. اما الان فالامكانيات تغيرت، الماكولات تنوعت، وكذلك المشروبات، واصبح العداء يتقاضى الشيء الفلاني. ولكن بموازاة مع كل هذه الامتيازات كثرت الاخبار عن فلان ضبط متلبسا، وآخرتم تجريده من هذه الميدالية أو تلك الجائزة. مما يدفعنا الآن الى توعية الابطال وحثهم للاعتماد على التداريب الجيدة لتحقيق المبتغى لانه ( والله وما قفلت لفورت).. كم من عداء اختبأ وراء المنشطات وذاع صيته، ولكن في الاخير يصبح أحقر الناس ولو عاد الى المضمار تكون عودته مخيبة للآمال». عزالدين الصديقي ( عداء سابق) لا أعرف اللائحة الكاملة للمواد المحظورة! أكد العداء عزالدين الصديقي الذي كان مختصا في المسافات المتوسطة وكذلك في العدو الريفي، حيث حقق في التسعينات ثالث احسن توقيت في أم السباقات، أي 1500 متر، أنه لم يكن يعير اي اهتمام لآفة المنشطات، وكان قليلا ما يتداول هذا الاسم بين العدائين انذاك حيث كان الكل يعتمد على نفسه ويضاعف من اوقات التداريب لكي يحقق المراد. واضاف العداء عزالدين أن الكل كان يحتاط حتى من الادوية المتداولة والتي لاتدخل في اطار المنشطات (كسوبردين)، وماشابه ذلك، واستطرد الكلام وهو يبتسم، «إذا سألتني الآن ماهي انواع هذه المنشطات فسوف تستهزء مني لأني حتى الآن وقد اعتزلت المضمار واصبحت مؤطرا في ألعاب القوى، لا اعرف عنها أي شيء. وحتى اسماءها ومصطلحاتها تغيب عني في بعض اللحظات. وهذا راجع الى غياب الدورات التكوينة في حياة الرياضي، في بعض الاحيان تكون هناك تحذيرات من اشياء تسمى المنشطات بدون معرفتها وكذللك الاطلاع على انواعها...». ويضيف العداء السابق: «هذا لايمنع ان هناك عدائين يريدون ان يصلوا بسرعة الى المجد، ولكن لايدركون عواقب هذا الفيروس على صحة العداء عند الاعتزال، لهذا بات من اللازم الضرب بقوة على ايدي كل متعاط للمنشطات وتوقيفه مدى الحياة وليس لموسمين فقط. لكي يكونوا عبرة للآخرين . ولكي لا تتكرر المعاناة مع العدائين الذين كانوا في المستوى، وبعد ذلك اتهموا بتناول المحظور، بات من اللازم علينا (المؤطرون) القيام بدور المرشد بتزويد الابطال ببعض الارشادات .ولكن تبقى للعداء حرية التصرف، لأننا لن نصاحبه طول النهار». سعيد بنزكري (رئيس الجمعية الرياضية البيضاوية لسباق الدراجات وعضو بالجامعة) واعون بأهمية الموضوع «نعي جيدا كرياضيين ومسؤولين في رياضة سباق الدراجات، أهمية وخطورة موضوع المنشطات، وندرك أننا ملزمون باتخاذ كافة الاحتيطات في هذا الجانب.. على مستوى الجامعة، وضعنا كمكتب جامعي العديد من الاجراءات والتدابير لمحاربة التعاطي للمنشطات، وأعتبر أننا حققنا نجاحا كبيرا بهذا الخصوص، علما بأنه لم يسجل على أي دراج مغربي خضع للفحص، تورطه في تناول المنشطات. في الجامعة، لانمانع في إجراء الفحوصات على دراجينا، في كل وقت، وفي أية مناسبة، ونفتخر كون أبطالنا، نجحوا في تجاوز كل الاختبارات في العديد من الطوافات والسباقات الدولية. وبمناسبة تنظيم طواف المغرب الأخير، بادرت الجامعة المغربية إلى تسطير عملية الفحص عن المنشطات ضمن أولوياتها، وقد خضع بعض المشاركين لفحوصات لانزال ننتظر نتائجها، ولو أننا متأكدون أنها سليمة بحكم عدم تحرك الاتحاد الدولي للدراجات لحد الآن، إذ لو ضبطت حالات إيجابية، لتم الإعلان عنها منذ مدة. على مستوى الأندية الوطنية للدراجات، وكنموذج، فالجمعية الرياضية البيضاوية التي أتشرف برئاستها، هناك إكراهات متعددة تعيق فرض اهتمام موسع لمحاربة تناول المنشطات..وللتوضيح، فجمعيتنا أنشئت سنة 1995، ونجحت في احتلال مواقع متقدمة جدا في هاته الرياضة، حيث أنجبت أبطالا متميزين كمحمد بلال، أنازرود ادريس، ملول اسماعيل، إيكيبي محمد، وغيرهم، ولاتزال تنجب المزيد من الأبطال المتألقين حاليا، ك :عادل جلول، محمد الركراكي، محمد سعيد العموري، الورشي الحروش ،التركي سفيان وغيرهم، بالإضافة إلى البطلة الواعدة عتيقة صبيب. وبالرغم من هذه المكانة المتميزة التي تحتلها الجمعية في رياضة سباق الدراجات، فهي لاتزال تعاني من إكراهات مالية تعيق تنفيذ برامجها بالشكل المطلوب، كنشر ثقافة ووعي ضروريين بخطورة المنشطات لدى دراجيها. فالاعتمادات المالية التي يدعمنا بها محتضنا، لا تكفي لوحدها لتطبيق كل البرامج وإخراجها للنور. ورغم ذلك، نكتفي كمؤطرين ومسيرين بلفت انتباه رياضيينا لهذه الآفة، والحمد لله أنهم على دراية كافية بكل ما يحيط بها. بالنسبة لمشروع قانون مكافحة التعاطي للمنشطات، فنحن نؤيده ونتمنى تطبيقه وإقراره، فالعديد من الدول سبقتنا لمسافات في هذا الاتجاه.. لقد تتبعنا باهتمام النقاش الذي دار بمناسبة اليوم التواصلي الذي نظمته الوزارة يوم الثلاثاء الماضي، ورحبنا بتلك المبادرة التي اتخذتها الوزارة خصوصا بإعلانها تنظيم قافلة للتوعية والتحسيس.. ومن منبر «الاتحاد الاشتراكي» أوجه دعوة للقسم الطبي بالوزارة، لزيارة مقر جمعيتنا الرياضية، والالتقاء برياضييها ومنخرطيها لمناقشة موضوع المنشطات والتعريف بمخاطرها وموادها المحظورة».