ظل السؤال يبحث عن الجواب في ذلك اليوم المشمس، الثلاثاء الماضي، حين دعت وزارة الشباب والرياضة مجموعة من الإعلاميين وممثلي الجامعات الرياضية، للتداول والنقاش حول موضوع التعاطي للمنشطات.. هل لدينا دراسة تستوعب كل المعطيات وكل الأرقام الخاصة بهذه الظاهرة في الوسط الرياضي الوطني؟ ماذا يعرف رياضيونا عن الموضوع؟ وهل محيطنا الرياضي بخصوصياته المرتبطة بكل العناوين الاجتماعية والاقتصادية والمعرفية، صالح ومناسب لكل النظريات والدراسات العلمية والطبية والقانونية التي أنجزتها أطر الوزارة؟ ثم، وهذا يبدو لي هو الأهم، ألم يحمل مشروع قانون مكافحة المنشطات الجديد الذي صادقته عليه الحكومة، في انتظار مباركة البرلمان، الكثير من القساوة والحدة، خاصة أنه موجه، مبدئيا، لممارسين رياضيين، من المفترض أنهم يعيشون في محيط أولمبي رياضي ينبني على الصفاء، وعلى روح السلام وحسن السلوك، وليس على خلفية إجرامية مكيفة بكل ما هو جنائي؟ ألم يكن من الأجدر، الاعتماد، كمحطة أولى، على توسيع الثقافة المعرفية بكل خصوصيات ظاهرة المنشطات، والتعريف بمخاطرها، وسن قوانين ذات طبيعة رياضية، كالتوقيف والغرامة مثلا، أو خصم النقط وإسقاط الألقاب والبطولات؟ الواضح، أن وزارة الشباب والرياضة، وهي تسن هذا القانون، والذي يحمل في بعض فصوله عقوبات جنائية في حق متناولي المنشطات، نسيت أن هذا القانون تم التأسيس له في أوربا مثلا (إذ أنه نسخة طبق الأصل من قانون مكافحة المنشطات في أغلب الدول الأوربية)، على أساس معطيات تؤكد، فعلا وعمليا، أن رياضيي أوربا يعيشون شروطا حقيقية لممارسة على أعلى مستوى، تأطيرا تقنيا طبيا بيداغوجيا، ولهم كل الإمكانيات المعيشية والمجتمعية التي تجعل منهم رياضيين لا يعذرون بجهلهم للقانون.. ولايسمح لهم بعدم معرفتهم واطلاعهم على كل تفاصيل موضوع المنشطات! كما تناست الوزارة بأطرها العليا، أن أبطالنا الرياضيين يعيشون محيطا له خصوصياته ومميزاته. لنا فعلا أبطال يمارسون في أعلى المستويات، ويشاركون في كبريات الملتقيات، لكنهم بمجرد مغادرتهم أرضية التنافس والمنافسة، فإنهم يعودون لواقعهم المعيشي الأصلي، حيث لامكان لأية مراقبة طبية، ولا مكان لأي شكل من أشكال التوعية والثقافة.. معظم رياضيينا لا يتوفرون مثلا على نظام رياضي للتغذية.. والكثيرون منهم كأي مواطن في الوسط الشعبي، يتناولون غذاءهم وسط الأسرة، حيث «الگاميلة» المغربية والطاجين يعجان بالتوابل الكثيرة، وبمواد، أغلبها، تتضمنه لائحة المحظورات وتنتسب إلى مواد المنشطات الممنوعة! في سنة 2000 بسيدني، ضبطت حالات تناول المنشطات المحظورة لدى بعض الملاكمين المغاربة.. تبين فيما بعد، أنه لم تكن لديهم سابق معرفة بما يمكن أن يكونوا قد تناولوه.. ولم يكن لديهم سبق إصرار وترصد لارتكاب تلك الفعلة.. كلما كان في الأمر، أنهم وقبل السفر إلى سيدني للمشاركة في الألعاب الأولمبية، شاركوا بعض أصدقائهم حفلا بالمناسبة.. حضرت لفافات منشطة.. «نشطوا» بدون أن يدركوا ما كان لذلك من تبعات! بصدور قانون العقوبات الحالي الخاص بمكافحة المنشطات، مثل ذلك «النشاط»، قد يؤدي إلى السجن.. فحذار!