هنا أيضا تتداخل الأمور وترتبط بعضها ببعض، ويعتبر بعض عديمي الضمير من المحامين وبعض قضاة التنفيذ وبعض أعوان التبليغ وبعض أفراد السلطة الأمنية، أبطال الظلم وحماته في هذه المرحلة القضائية. يمكن لأي أحد منا أن يتصور وضعية مظلوم ربح قضية بعد صبر عدة سنوات ويجد نفسه وقد أرجع له حقه من طرف جهاز قضائي عاجز كل العجز عن تنفيذ قراراته. لقد أضحت أعداد الملفات التي تنتظر التنفيذ تتزايد بشكل مضطرد ، وكلما تأخر التنفيذ كثرت التدخلات والرشاوى والضغوط. لقد حان الوقت لوضع حَدٌ وبسرعة لهذه الوضعية الشاذة التي لا تشرف أحدا في هذا البلد، فوجب التفكير في خلق مصلحة تابعة لوزارة العدل تعمل بتنسيق مع السلطات الأمنية لتنفيذ الأحكام وإرجاع الحق لأهله، مع تحديد زمن التنفيذ.ووجب كذلك تنصيب هذا الجهاز الوطني ليكون تحت إشراف مباشر لوزير العدل ، لمراقبة عمليات تنفيذ الأحكام.وبذلك لن يتدخل وزير العدل في سير المحاكمات، لكن يتدخل بصفته عضوا في الحكومة ، مسؤولا على تنفيذ الأحكام ومراقبة طرق وسير التنفيذ، ساهرا على تحسين الترسانة القانونية وساهرا أيضا على تحسين الأوضاع المادية وظروف عمل كل العاملين في سلك القضاء . من قبيل الختم: نعم ، وفي كلتا المسألتين المشار إليهما أعلاه المتعلقتين بالتحقيق قبل تدخل رجال القضاء أو بالتنفيذ بعد أحكام رجال القضاء ، أفرادُُُ ُ من المجتمع هم السبب المباشر في انحطاط قضائنا وتيه العدالة في بلادنا ، لكن هذه الفئة قليلة يعرفها الخاص والعام، فئة من أصحاب النفوذ والجاه والمال ، المخترقين لأجهزة الدولة ومؤسساتها المنتخبة و غير المنتخبة. الأمر الذي يضعنا أمام سؤالين خطيرين مطروحين راهنا أمام الرأي العام: هل نقدم الإصلاح السياسي والدستوري عن غيره من الإصلاحات القطاعية؟ أم نقوم بإصلاح كل قطاع على حدة وبعد ذلك بالإصلاح السياسي والدستوري في نهاية المطاف؟ إنه الاختيار الذي سيحدد تعامل الحكام والسياسيين مع أبناء شعبنا، ويخبرنا عن مدى الوعي والنضج السياسيين لديهم . هل سيتعاملون مع قضايانا كتقنوقراطيين يفتقدون لرؤية شاملة لحل مشاكل البلاد العويصة والمزمنة بتفضيل إصلاحات قطاعية خاصة وجزئية، منفصلة عن بعضها البعض . أم سيتعاملون مع قضايا الشعب كسياسيين حقا، يضعون الاختيارات السياسية المقننة بدستور جديد تَدخُل كل الإصلاحات القطاعية في إطارها لا العكس. أوَ ليس الخاص إلا جزءا من العام يا سيادة الوزير الأول والأمين العام ؟ نكرر لمن يريد أن يسمع ،أننا كمغاربة نعيش اللحظة ، لحظة اختيارات كبرى لا لحظة تنفيذ اختيارات حددت سلفا. نكرر لمن يريد المصلحة لهذا الشعب أننا مدعوون ليكون للسياسي الدور الأكبر في هذه المرحلة وتفضيله على التقنوقراطي. و إذا تم تفضيل التقنوقراطي، مهما كانت كفاءته، فلن تكون سياسته إلا الترقيع والمزيد من الترقيع. وإذا ما تم تفضيل السياسي ،فلا بد من شروط الكفاءة والاستقامة والحنكة وذي شخصية قوية، و لابد من أن تكون للوزير الأول مؤسسة وحكومة،متمتعتين بصلاحيات المشاركة في التقرير، مع السلطة الكاملة للتنفيذ، وتحت مراقبة مزدوجة: مراقبة الملك ومراقبة الشعب. مراقبة لن تكون مجدية بالمرة إلا إذا حددت الأدوار بشكل صريح لكلا الطرفين ،بما يعزز ارتباطهما وتعاونهما لصون كرامة المواطنين وحماية الوطن . وإلا تزايد فُقدان ثقة الشعب في كل مؤسساته الوسطية، بين الحاكم والمحكومين، من برلمان وحكومة وهيئات منتخبة محليا وأحزاب ونقابات. على كل حال، ففي تاريخ بلادنا أمثلة لا تعد ولا تحصى تحاكي حالتنا هاته، انتهى أمرها في نهاية المطاف بضياع الجميع أفرادا وجماعات، مواطنين ووطن ، سلاطين ومحكومين.وكما ابتكر المخزن أحزاب «كوكوت مينوت» في القرن الماضي هاهو يعيد الكرة بحزب، يشبه إلى حد ما السلاطة الروسية .ففكره، خلاصاتُ تقرير مخزني من هنا و توصيات مؤسسة- تمخزنت في عهد احميدة المخزني- من هناك ومريدون من هذا التنظيم وذاك التنظيم، أما المال والمقرات فأتت من جيوب مُغفلي الاندماج الوهمي. كل شيء من عند مولانا، كما يقول المغاربة. فهل يصدق عليه القول المأثور لأهل المغرب :«المَكسي بديال الناس عريان»؟ وبما أن هذا الحزب يدعي ، جهارا نهارا، في هذا الوقت العصيب، أنه يحمل و يدافع عن برنامج الملك متحاملا على أحزاب ومناضلين لم يكن لهم يوما من هَمٌ إلا الدفاع عن مطامح وتطلعات الشعب، نتساءل مع أبناء شعبنا هل بادعائه هذا يريد إشعال فتيل المواجهة من الآن؟ سنرى ذلك غدا ، وإن غدا لناظره لقريب. لا مجال للتردد، فإما أن نكون مع الشعب أو نكون مع المخزن..أما اختيار ثالث في هذا المضمار، فهو بكل تأكيد سيكون رابعَة المستحيلات إلى جانب ثلاثة معروفة عربيا، وهي: الغول والعنقاء والخٌلُ الوَفي. قل لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وأتبع القول بالعمل حتى تنال رضا الشعب ورضا الله. عونُ ُ منك ياالله.