فخامة الرئيس، أود بداية أن أهنئك على الثقة التي منحك إياها الشعب الجزائري الشقيق، و أؤكد لكم أنني ترددت كثيرا قبل أن أكاتب سيادتكم، لكن و أنا أتفحص أرشيف والدي رحمه الله، عثرت من بين ما عثرت عليه، على بطاقة انخراطه في الاتحاد الوطني للقوات الشعبية لسنة 1960 . و هنا قد تتساءلون فخامة الرئيس ما علاقة هذا برسالتي هاته؟ أجيبكم أنه على ظهر هاته البطاقة كتبت الأهداف التي أسس من أجلها الاتحاد الوطني للقوات الشعبية. و كان من بينها هدف يحث على ضرورة مساندة الشعب المغربي للشعب الجزائري من أجل استرجاع حرية بلاده. و هذا ما جعلني أتوقف متسائلا كيف لأخ أن يتنكر لمساعدة أخيه و يحاول بتر أحد أعضاء جسمه، و التي لا يمكنه العيش بدونها؟؟ نعم فخامة الرئيس، كيف لكم أن تنسوا جميل أخوتكم في العروبة و الإسلام و تحاولون اقتطاع جزء من أراضيه؟ جزء لا يمكن الانفصال عن أصله بحكم الجغرافيا و التاريخ و الهوية؟؟ فخامة الرئيس، لقد تتبعت كشاب صحراوي مغربي مغاربي مسيرتكم منذ عودتكم من المنفى الاختياري إلى الجزائر سنة 1999، و انتخابكم كرئيس لها. و أعجبت بجميع المبادرات التي مافتئتم تطلقونها بدءا من الوئام المدني و انتهاء بالمصالحة الشاملة. و هنا أريد أن أنبهكم إلى أن المصالحة الشاملة لن تتم إلا بتصحيح الأخطاء. و تصحيح الأخطاء يقتضي الجرأة و الشجاعة، و هذا ما عهدناه فيكم، و أول هاته الأخطاء هو احتضان الجزائر لجبهة البوليساريو و دعمها إياها لإقامة دويلة في الصحراء المغربية. فخامة الرئيس، وجب عليكم في إطار المصالحة الشاملة أن تنبهوا قادة البوليساريو إلى أنه يجب عليهم العودة إلى وطنهم و المساهمة في بنائه من الداخل، و أن التغيير لم يأت قط بالسلاح و لربما تجربتكم في الاغتراب خير دليل يستأنسون به. فخامة الرئيس، المصالحة الشاملة تبدأ بمصارحتكم للشعب الجزائري و قولكم له الحقيقة الكاملة بأنكم أخطأتم في حق الشعب المغربي و معه المغرب العربي و الوطن العربي بأن رهنتم مستقبل المنطقة و مستقبل شعوبها في قضية خاسرة منذ البداية و أخرتم بذلك الإقلاع الاقتصادي والاجتماعي في منطقة لو اتحد أهلها لكان لهم شان غير الذي هم عليه الان. فخامة الرئيس، يؤلمني كثيرا وضع العلاقات المغربية الجزائرية عندما أنظر إلى أنابيب البترول و الغاز تقطع أرضنا في اتجاه أوربا، بينما الحدود موصدة في وجه الأشقاء و التي نفقد بسببها ملايير الدولارات سنويا و الأهم ذلك الدفء العاطفي الأخوي الذي نفتقده بسبب قطع صلة الرحم بين الأهل و الأحباب، و أنا الذي لازلت أتمنى أن أقطع الوطن العربي من المحيط إلى الخليج ببطاقة تعريف عربية تلغي جميع جوازات السفر و معها حدود الاستعمار الوهمية. فخامة الرئيس، استبشرنا خيرا بفوزكم الأخير لانكم رجل حكمة و رجل مارس فن السياسة و فن الصدق مع الذات و قلنا أن مبدأ المصالحة الشاملة الذي ناديتم به سيبدأ بالتنمية الاقتصادية و الاجتماعية سيكون منطلقها المواطن الجزائري البسيط ، لكن ما إن حسمتم الاقتراع حتى سارعتم إلى توقيع صفقات التسلح بملايير الدولارات. كان أحوج بكم إنفاقها في محطات تحلية مياه البحر لتحقيق الاكتفاء الذاتي. و هنا أتساءل فخامة الرئيس، ضد من تتسلحون؟؟ فخامة الرئيس، قلت لكم في البداية أن الذي جعلني اكتب إليكم هو الهدف المكتوب على ظهر بطاقة الانخراط لحزبي و حزب والدي و حزب الشعب المغربي الاتحاد الوطني للقوات الشعبية (الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية حاليا) -الذي أتأسف الآن للحملة المشوهة التي يتعرض لها احد رموزه: الذاكرة الحية الشهيد المهدي بن بركة-، و الذي يقول بالحرف: « مساعدة الشعب الجزائري المكافح من اجل تحريره و تحقيق وحدة المغرب العربي في نطاق الاخوة العربية و التضامن الافريقي». و عليه نطالبكم فخامة الرئيس باستحضار التاريخ لبناء المستقبل، مستقبل المنطقة المغاربية و الذي ينطلق بحل مشكل الصحراء ، و الذي يعتبر الحكم الذاتي خير مدخل له، باعتباره يجمع بين مبدأي السيادة الوطنية و تقرير المصير. فخامة الرئيس، مرت عشرون سنة على قيام اتحاد المغرب العربي و دول المنطقة لازالت تراوح مكانها بسبب إصراركم على جعل قضية الصحراء نقطة أولية للبدء. فخامة الرئيس، إن من يسلك طريق الصحراء نحو البحر بدون مرشد يتيه لا محالة و يظل يجري وراء سراب قد يؤدي به إلى التهلكة إذا لم يتدارك الوقت و هو في بداية الطريق. فخامة الرئيس، أود أن اختم رسالتي هاته بنداء لسيادتكم بأن تستحضروا آلام شعوب المنطقة بسبب عدم انطلاق الاتحاد المغاربي الذي لازال يراوح مكانه منذ 20 سنة خصوصا و ان صاحب الجلالة الملك محمد السادس ما فتئ يوجه نداءاته المتتالية لبناء صرح هذا الكيان الذي سيحفظ لابنائه الحق في العيش الكريم.