تتأهب الشغيلة المغربية لتخليد فاتح ماي لهذه السنة، وتجري الاستعدادات على كل المستويات جهويا وقطاعيا ومركزيا للاحتفال بالعيد الأممي للعمال. فاتح ماي الفيدرالي لهذه السنة يتوج ديناميكية هامة لها وجه تنظيمي، وآخر مؤسسي، وثالث مطلبي ورابع تعبوي مرتبط بالمهام المطروحة في أفق خوض الاستحقاقات المهنية المقبلة. ونتوقف من خلال هذه المقالة عند أبرز العناوين التي ميزت هذه الدينامية. أول ما نسجله في هذا السياق وفاء الفيدرالية بما التزمت به إزاء قواعدها ومناضليها، بخصوص متابعة تطورات الملف المطلبي، حيث بادرت الفيدرالية منذ بداية الدخول الاجتماعي الحالي، لتنبيه الحكومة وحثها على مواصلة الحوار الاجتماعي وفق الاتفاقات، وعبرت ببياناتها وتصريحاتها ومواقفها عن الصعوبات والمعاناة التي تضغط على الشغيلة المغربية، وضرورة تحرك الحكومة للتجاوب مع المطالب المطروحة عليها. وعند استمرار التجاهل الحكومي، بادرت الفيدرالية لإطلاق مبادرات تنسيقية إزاء المنظمات النقابية الحليفة من أجل مواقف ونضالات مشتركة، تمخضت عن بيانات مشتركة وإضرابات وحدوية في 23 يناير و10 فبراير 2009 ، خاضتها الشغيلة بقطاعات الوظيفة العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العامة، وحين تدخلت بعض الأصوات للتشكيك في مطالب الشغيلة ونضالاتها، وتبخيسها بدأت الاستعدادات لتنظيم مسيرة احتجاجية كان من المزمع تنفيذها بالرباط في 22 مارس 2009 . وكان حس المسؤولية حاضرا في كل المواقف الفيدرالية، وتأكد مرة أخرى عندما تحركت الحكومة وأبدت استعدادها لتدارس المطالب وإدراج ماكان مرفوضا منها في السابق ودعوتها لمواصلة الحوار الاجتماعي الذي لازالت حلقاته متواصلة. هذا الزخم النضالي بكل تفاعلاته وتداعياته جعل الفيدرالية في قلب صناعة الحدث الاجتماعي، وأعطى تجاوبا هاما في الساحة الوطنية رافقته التحاقات فردية وجماعية وبقطاعات متعددة، عززت وتعزز المسيرة الفيدرالية بفاس، وطنجة والدار البيضاء والجديدة وخريبكة، كما تقوت الفيدرالية بالتحاق إخوان لنا مستشارين بالغرفة الثانية عشنا جميعا داخل البديل السبعيني واستمروا فيه رغم تأسيس الفيدرالية إلى حين اتخاذ قرار وحدوي جسدوا من خلاله قناعتهم بضرورة تعزيز البديل الديمقراطي الحداثي، المجسد لإرادة الشغيلة المغربية في نقابة ديمقراطية قادرة على تجسيد النقابة المؤسسة في مغرب اليوم. وتميز الدخول الاجتماعي خلال هذا الموسم بتشكيل لفريق بالبرلمان الفريق الفيدرالي للوحدة والديمقراطية الذي غدا أداتنا الفيدرالية داخل المؤسسة التشريعية لطرح قضايا الشغيلة والدفاع عنها، ومتابعة مختلف الملفات المرتبطة بمواقع المأجورين ببلادنا، وهذا ما ترجمه الإخوة في الفريق الفيدرالي بعدم التصويت على الميزانية، واتخاذ المواقف المسؤولة في مختلف القضايا والتطورات، بل والتدخل بالإحاطات عند الاقتضاء بشكل ميز حضور وتواجد الفيدراليين بالمجلس. وجسد الإخوة بقطاع المالية جانبا آخر من الوعي والممارسة الوحدويين من خلال مؤتمر اندماجي ضم الإخوة الفيدراليين والإخوة الذين اختاروا الالتحاق بالفيدرالية، وكان المؤتمر الاندماجي لحظة قوية في المسيرة الفيدرالية من خلال هذا القطاع الحيوي الذي أعطى صورة استباقية لما يمكن الاشتغال عليه لتقوية العمل النقابي ببلادنا. كما تأسست في هذه الدينامية نقابات وطنية بادرت للتأسيس بقطاعات التخطيط والتشغيل والثقافة والسمعي البصري والأفق مفتوح على مبادرات في هذا الاتجاه لتحقيق نفس الهدف. على قاعدة كل هذه الحركية تستعد الفيدرالية لتخليد فاتح ماي لهذه السنة ، معززة رصيدها النضالي والتنظيمي والإشعاعي بشكل يقوي مسؤوليتها في الوسط الاجتماعي ببلادنا، ويجعلها قطب تنسيق وتجميع وتوحيد بشكل يستجيب لتطلعات الشغيلة المغربية، التي طالما عبرت عن الحاجة للخروج بالعمل النقابي من شتاته وتشرذمه، وذاتياته وزعاماته وتطاحناته إلى رحاب نضال نقابي يعيد للفعل النقابي توهجه وعنفوانه، ويكون قادرا على مواجهة تحديات المرحلة وإكراهاتها نضالا وتفاوضا وتنظيميا وتكوينا وإشعاعا وما إلى ذلك. نخلد فاتح ماي لهذه السنة على إيقاع أزمة عالمية أرخت بظلالها على العالم، ورغم التصريحات المتفائلة للمسؤولين الحكوميين، فآثار الأزمة قد وصلتنا لتهدد المكاسب، وتوذن بالتراجعات والإغلاقات والتسريحات وهي وضعية تدعونا لتحضير الذات النقابية أكثر للتعاطي مع المتغيرات، ومواجهة ما يستهدف الحقوق والمكتسبات. وبالرغم من ضخامة التحديات وثقل المعاناة سنقول مع فقيد الشعر العربي الكبير محمد درويش وهو يواجه سوداوية الواقع. لم أطلب منك عبئا هينا يا إلهي أعطني ظهرا قويا المراسل النقابي