شجب كبير للفساد المستشري في مراكش أجمعت عليه القوى التقدمية والهيئات الحقوقية والمدنية والنقابية بالمدينة الحمراء في وقفتها الاحتجاجية أمام مقر المجلس الجماعي لشارع محمد السادس مساء الاثنين 27 أبريل 2009، تنديدا بنهب المال العام الذي أضحى ظاهرة لصيقة بهذه المدينة وسوء التسيير والتبذير الذي يعرفه تدبير الشأن المحلي في ظل صمت غريب للسلطات المعنية وطنيا ومحليا. المحتجون الذين حضروا بكثافة للوقفة رفعوا بحناجرهم صوت التذمر الذي يغلي في نفوس المراكشيين، جراء ما تشهده مدينتهم من اختلالات تمارس بشكل واضح بلا حسيب ولا رقيب وفي ظل حياد مريب للسلطات الوصية والمعنية بالمراقبة والمحاسبة، لتكون الحصيلة المزيد من النهب والتلاعب في المال العام الذي ينعكس بشكل مباشر على حياة المواطنين الذين يعاينون كيف تحولت المدينة إلى عاصمة للمتسولين، واللصوص والسياحة الجنسية ومافيا العقار ولوبيات المصالح. الكلمات التي ألقيت في هذه الوقفة التي تزامنت مع انعقاد دورة المجلس الجماعي، لم تكتف بالتنديد والشجب بل طالبت بالمحاسبة الصارمة لكل المتورطين في عمليات الفساد، معتبرة أي تهاون في ردعه مساهمة عملية في تشجيعه وتواطؤا واضحا في حماية رموز الفساد بمراكش، ومنحهم حصانة غير مشروعة للتمادي في فسادهم . مثلما ألحوا على ضرورة فتح تحقيق في ملفات الفساد وتقديم المتورطين فيها إلى العدالة وفي مقدمة هذه الملفات قضية الملايير الأربعة و800 مليون التي أصبحت انشغالا للعام والخاص . كما طالبوا بالتحقيق في مصادر ثروة من تعاقبوا على تسيير الشأن المحلي بمراكش. وسبق للهيئات المشاركة في هذه الوقفة أن أصدرت بيانا للرأي العام ركز على فضيحة أربعة ملايير و800 مليون، معتبرا إياها استمرارا للتدبير الذي قادته القوى اليمينية والرجعية منذ سنوات بكل ما نتج عنه من فساد مالي وإداري، وتفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، وانتشار المضاربات العقارية وتعدد أساليب وطرق نهب المال العام (المداخيل وصرف الميزانية...)، وتدهور العديد من الخدمات والمرافق الاجتماعية. وأكد البيان أن هذه الفضيحة لا تعتبر حالة منعزلة، بل هي استمرار للعديد من الملفات والفضائح (فندق السعدي - سوق الجملة - سوق دوار إيزيكي - سوق الازدهار بعين إبطي، برنامج إعادة هيكلة الأحياء الصفيحية ...)، وهي الفضائح التي تورط فيها مسؤولون عن الشأن المحلي، كما أدى ذلك إلى اغتناء العديد منهم ومراكمتهم ثروات خيالية على حساب مصالح وحقوق المواطنين، وكل ذلك في غياب تام لأية مساءلة قانونية أو متابعة قضائية، رغم إنجاز العديد من التقارير من طرف عدة لجان تفتيش تابعة لوزارة الداخلية والمجلس الأعلى للحسابات، دون أن تتخذ أية إجراءات ملموسة لوقف حد لهذا النزيف التي تعرفه المدينة، مما يمكن اعتباره تشجيعا وتواطؤا مع قوى الفساد. وكانت دورة الحساب الإداري الأخيرة قد كشفت اختلالات خطيرة في تسيير المدينة، رصدتها جريدة الاتحاد الاشتراكي في ملف خاص يضم كل تفاصيلها بأرقام جد دالة، تهم المداخيل والنفقات وتكشف مظاهر التبذير سواء في فاتورة الوقود أو الهاتف، أو في المداخيل الخاصة بمرافق جد حيوية كسوق الجملة أو أسواق الأحياء التي يوجد منها من وصل مدخولها السنوي صفر درهم، ناهيك عن الصفقات والتوظيفات المشبوهة.