يدخل البرنامج الشهري «مداولة» موسمه التاسع من البث على القناة الاولى، مايفسر أن مؤشر مؤسسة ميديا ميتري الذي صنفه ، الأول من حيث المشاهدة خلال شهر نونبر 2008 ، يؤكد على أهمية مثل هذه البرامج ضمن خريطة برامج التلفزيون المغربي ، التي تتوفق في تحقيق الفكرة والمضمون والاخراج والأداء الموفق للممثلين من خلال تقريب النصوص القانونية من المواطن المغربي ، وتوضيح الإشكاليات القانونية التي تقدمها القضايا التي يشخصه البرنامج ، أو عبر نقاش الأطراف المعنية بها لتقديم وجهات نظرها وإفاداتها القانونية، وذلك وفق مقاربة قانونية مهنية وصحافية غير منحازة وفنية جادة، وكذلك من خلال طرح إشكاليات قانونية وحالات انسانية تحولت الى مسارات انسانية مطبوعة بالكوابيس.. برنامج «مداولة» ، كعادة نهجه الفني ، لازال يقدم قضايا تستدعي الاهتمام والانتباه ، أخرها الحلقة الأخيرة التي تم عرضها نهاية الأسبوع الثاني من هذا الشهر ، حيث تطرق البرنامج لموضوع خيانة الأمانة من خلال قضية «مستخدم يشتغل في شركة ، يختلس من ماليتها مبلغ 4 ملايين ، وذلك بسبب تعاطيه للقمار، ليعترف بخيانة الامانة، وبالتالي تتقدم الشركة بمواجهته بخيانة الامانة قضائيا . ويصدر في حقه حكم ب 6 أشهر نافذة مع تعويض المبلغ المختلس». لكن ، للمرة الأولى من تاريخ البرنامج ، ستخصص الحلقة المقبلة لتفاصيل أخرى تخص نفس الملف القضائي، وذلك من خلال إقدام المتهم الذي سبق له أن أدين، برفع دعوى قضائية ضد الشركة التي كان يشتغل بها بدعوى الطرد .. إذا سنكون أمام نفس الأطراف ، تحركهم دعوتين : الأولى ، خيانة الأمانة والثانية بسبب الطرد ، حيث بعد أن حكم على المتهم بخيانة الأمانة ، ستتمحور القضية ، في جزءها الثاني، حول التعويض عن الطرد التعسفي.. هكذا ، ستسعى تفاصيل الحلقة المقبلة من البرنامج (التي سيتم بثها بمناسبة فاتح ماي المقبل)، أن تضع الشركات أمام إشكال قضائي يستدعي الفهم والمناقشة واستحضاره أثناء قضايا نزاعات الشغل .. ، أي أنه قبل إصدار قرارالطرد ، يجب على المشغل احترام مقتضيات المنصوص عليها في مدونة قانون الشغل خصوصا المواد (62 ، 63 ، 64) من المدونة ، التي تحت على ضرورة سن مسطرة قبل الطرد ، المتمثلة في : ضرورة الاستماع للأطراف المتنازعة بحضور مندوب الشغل ... إذن سنتمكن خلال الحلقة المقبلة من «مداولة» ، أن نقف على قرار للمحكمة التي ستصدر حكما في صالح المتهم الذي تم طرده ، بالتعويض ، بعد أن سبق حبسه بتهمة خيانة الامانة ، وبالتالي تأتي تفصيل الحلقة ، من أجل التفسير للعموم ، حيثيات هذا الحكم.. ومن خلالها سيحاول الفريق المشرف على البرنامج ، شرح كل الملابسات القضائية التي أدت الى هذا الحكم ، والعناصر التي تدفع عادة المشغل الي الاحتياط من قانون الشغل.. تداعيات هذه القضية ، كذلك، تطرح أمامنا عدة استنتاجات منها : أنها تحاول أن توضح للعموم دوامة تعدد الدعوات القضائية وما يترتب عنها من ارهاق معنوي ومادي للمتقاضين، إلى جانب آخر ، أنها تنهك القضاء ، وكذلك تفاصيل هذا الملف يطرح ضرورة ملحة تتمثل في تواجد مسطرة للتحكيم ، ضمن مساطر القانون المغربي ، تكن بمثابة أداة يتم اللجوء لها قبل القضاء (نموذج هيئة التحكيم بأمريكا) ، حيث لو توفر هذا الصنف من القضاء، أكيد سيساهم في الحد من التكاليف والمصاعب المادية والمعنوية للأطراف المتنازعة وسيتيح للقضاء ورجالاته ، أن ينظر في كل القضايا بتمعن ، وبدون تسرع، خدمة للعدالة المغربية.. وفي شق آخر، ونحن نقدم مجريات تفاصيل الحلقة المقبلة من برنامج «مداولة»، ولأهمية موضوع القضية ، خدمة للقضاء وفهما العدالة ، كان من المفروض أن يتم برمجة الحلقة المقبلة في الاسبوع الموالي ( أي الاسبوع الثالث من نفس هذا الشهر) ، حتى تكون هناك فائدة عامة للعموم سواء جمهور المشاهدين أو أصحاب الشركات المعنيين المباشرين بقضايا نزاعات الشغل ، ورجال العدالة من قضاة ومحامون...