من خلال تصفحي للجريدة (عدد9099) وخاصة الصفحة الخامسة(رأي) أثار انتباهي موضوع (التسيير الجماعي: بين الديمقراطية التمثيلية والديمقراطية التشاركية) بالفقرة الثانية، حيث أشار الأستاذ المحترم فوزي بوخريصفي الفقرة الثانية إلى ( كون الجماعة المحلية هي في العمق مدرسة لتعلم الديمقراطية، ففي الجماعات المحلية، يتعلم الناس في مختلف الأعمار والجنسين والعقليات، ممارسة الديمقراطية والعمل المدني...إلخ).ثم أضاف(...لكن مع ذلك هناك عدة علامات تدفعنا جميعا إلى الاعتقاد بأن تجربة الديمقراطية اليوم في أزمة...) فإذا كانت الأزمة هي نتيجة انعدام المشاركة السياسية التي تعتبر جوهر العملية الديمقراطية في أي مجتمع، حيث يقول بعض الباحثين ( إن الدولة الحديثة تتميز عن الدولة التقليدية بالمدى الواسع الذي يشارك بمقتضاه الأفراد والجماعات في العمل السياسي...وكلما تزايد حجم المشاركة السياسية، كان ذلك مؤشرا إيجابيا يعبر عن صحة العلاقة بين الدولة والمجتمع) وخاصة تكوين المؤسسات الدستورية المنتخبة، أو عن طريق عملية الإستفتاء لإبداء الرأي، ثم مدى مصداقية الأحزاب السياسية لدى المواطن، سواء من حيث ممارستها للديمقراطية الداخلية في هياكلها وبنيتها ووظيفتها، أو تحقيق طموحات الناخبين خاصة، والمواطنين بصفة عامة، ومدى ارتباط برامجها اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا بالمشاكل الآنية للمواطنين، وامتلاك القدرة و الإجراءات العملية للتنفيذ...والحياد التام لبعض الأجهزة المؤثرة في المشاركة السياسية.. كما أن الديمقراطية كمفهوم وسلوك لم تعد منحصرة ومرتبطة بمن يتحمل مسؤولية تدبير وتسيير الشأن العام المحلي والوطني أو الجهوي، بل هي سلوك يرتبط بحياة المواطن، ويعبر عن مدى تأهيلها في الفكر والثقافة السائدة في السلوك، وفي المرجعية الحضارية للأفراد والجماعات. فإن المشاركة السياسية والممارسة الديمقراطية تتطلب مجهودا وخلق وضعيات لترسيخها في وعي وسلوك المواطن ...لكن، كيف يمكننا خلق وعي لدى الأفراد والجماعات بضرورة المشاركة السياسية؟ هذا يتطلب تأسيسها في منظومة الثقافة السائدة، وطرق وأساليب التنشئة الاجتماعية، وخلق مناخ لترسيخ ذلك في السلوك اليومي لجميع الأفراد، والتدريب الممنهج في إطار خطة طويلة المدى لاكتساب مجموعة من المعارف والمهارات والاتجاهات، والقيم في مجالات الديمقراطية وحقوق الانسان للتأكيد على أن الديمقراطية لم تعد مفهوما مجردا، بل هي واقع يمارسه الفرد مع آخرين في منظمته وجمعيته ومجتمعه... وللمساهمة في معالجة ما اقترحه الأستاذ، لترسيخ ثقافة الديمقراطية والمشاركة العملية في ممارستها كسلوك حضاري، فإنني أقترح على الجريدة مجالين: الأول يتيح للشباب فرص اكتساب المعارف والمهارات والاتجاهات والقيم، للمشاركة في الحياة العامة، كمدخل للمشاركة السياسية، والممارسة العملية للديمقراطية. والثاني دور المجتمع المدني في التربية على الديمقراطية لتسليط الأضواء على دور المنظمات والأحزاب والنقابات في تأطير المواطن وتكوينه وإعداده للممارسة العملية في الحياة العامة والمؤسسات الدستورية. أولا: مشاركة الشباب في الحياة العامة هذا الموضوع هو نتيجة ندوة عربية شارك فيها شباب إحدى عشرة دولة عربية، وملخص لعروض في الموضوع شاركت بها في عدة مناسبات شبابية كإجراء عملي لتحسيس الشباب بأهمية المشاركة في الحياة العامة، وإكسابهم الاتجاهات والقيم، بتحديد معنى المشاركة وأهميتها بالنسبة لهم، وأنماط المشاركة وكيفية المشاركة، والمؤسسات المجتمعية التي تتيح عمليات المشاركة، والقيادة الشبابية، وتخطيط برامج الشباب... والمشاركة في برنامج الألفية الثالثة. لأن الشباب( ذكورا وإناثا) هم المستقبل الحقيقي للوطن، لذا كان من الضروري الاهتمام بعملية إعدادهم للمستقبل، مما سيساهم في خلق جيل جديد يؤمن بأهمية المشاركة، ويدرك مفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان والتطوع وخدمة الغير ونكران الذات ،والمقاربة التشاركية... معنى المشاركة وأهميتها يشير مفهوم المشاركة إلى عملية اندماج الشباب في صناعة القرارات التي تؤثر على حياتهم، ويتضمن ذلك مساعدتهم في تحديد احتياجاتهم الشخصية واحتياجات مجتمعهم، مع طرح الحلول واقتراح أساليب التدخل التي تعمل على تطوير وتحديث المجتمع.